دراسة الكتاب المقدس


مقدِّمات الأسفار
- 33 -

ثانياً: الأسفار التاريخية

8 - سِفْر أخبار الأيام الأول (3)

(تكملة) أقوال آبائية عن السِّفْر:

9. نبوَّات كثيرة عن المستقبل: [هكذا كان اعتقاد البعض أنَّ سِفْر المزامير يتضمن تسابيح لله وأغاني مُقدَّسة، وعبثاً سنبحث عـن تنبُّؤات ونبوَّات عـن المستقبل. لكن دَعنا نتحقَّق بوضوح أنه يتضمن نبوَّات كثيرة، أكثر جدّاً من إمكانية الاستشهاد ب‍ها الآن؛ وهي يمكن أن تكفي للبرهنة على أنَّ إشعياء النبي استخدم مزموريـن منسوبين لآساف (مز 96؛ مز 105) قـد كُتبا في أيام داود. لأن آساف كان واحداً مـن مُرتِّلي الهيكل حينذاك، كما جاء في سِفْر أخبار الأيام، وقد أَلهمه الروح القدس أن ينطق المزامير المنسوبة إليه](9) - الأسقف يوسابيوس القيصري.

10. كنيسة واحدة من شعبين: [ما أروع الاتِّحاد الذي حدث بين الجزئين النابعين من مصدرٍ واحد لتحقيق الخلاص للجنس البشري، فمَن لا يندهش مِمَّا قيل سابقاً في مزامير متعددة عمَّن قد اجتمعا معاً بكلِّ انسجام؟ بالمثل أيضاً، فإنَّ داود (النبي) نفسه في سِفْر أخبار الأيام امتلأ بالروح القدس وعمل المدائح للرب التي تنضح بتعبيراتٍ قويَّة تنمُّ عن الفرح، تجمع أجزاءً من مز 95، 104، 105؛ حتى أنَّ البخور ال‍مُركَّب من روائح مختلفة، يمكن أن يرتفع بفرحٍ إلى حضرة الرب، بمشاعر راقية بـدون أي نشازٍ بين جزئين اتَّحدا معاً بلا أية صعوبة. وحُكمي على ذلك أنه عَرَضٌ آخر مستقبلي قد تمَّ في الحاضر الحالي، فعَمَلُ الرب صَنَعَ كنيسةً واحدة من شعبين](10) - الراهب كاسيودوروس.

11. الروح يتكلَّم عن أمورٍ آتية كأن‍ها حدثت: [في نبوَّة أخرى، شهد روح النبوَّة بواسطة داود نفسه أنَّ المسيح بعد صَلْبه سيملك، وذلك بقوله: «... سبِّحوا للرب يا كلَّ الأرض، بشِّروا من يومٍ إلى يوم بخلاصه. لأن الرب عظيمٌ ومُسبَّحٌ جداً، مرهوبٌ على كل الآلهة. لأن كل آلهة الأُمم شياطين؛ أما الله فصنع السموات. المجد والتسبيح قدَّامه، القوة والجلال العظيم في قُدْسه. قدِّموا للرب مجداً، أبو الأجيال. اقبلوا الامتياز وادخلوا أمام وجهه، واسجدوا له في دياره المقدَّسة... ارتعدي قدَّامه يا كل الأرض، لتثبت أمامه ولا تتزعزع. وليقولوا بين الأمم: إنَّ الرب قد مَلَكَ على خشبة» (مز 95: 1-2، 4-10 حسب النص). والآن عندما يتكلَّم روح النبوَّة عن أمورٍ آتية كأن‍ها قد حدثت، كما هو مُبيَّنٌ في الفقرات التي اقتُبِسَتْ، سوف أشرح هذا أيضاً حتى لا يكون هناك عُذر لأولئك الذين تُقابلهم في عدم فهمها. فالأمور التي يعرف تماماً أن‍ها ستحدث يتكلَّم عنها مُسبَقاً كأن‍ها قد حدثت بالفعل. انتبه انتباهاً تامّاً للآيات التي اقتُبِسَتْ، وسوف ترى أنَّ هذه هي الطريقة التي يجب أن تفهمها ب‍ها. لقد نطق داود هذه الكلمات التي اقتُبِسَتْ منذ ألف وخمسمائة سنة قبل تجسُّد المسيح وصَلْبه. ولم تدخل المسرَّة للأُمم بواسطة أي واحد من الذين صُلبوا قبله ولا من الذي صُلبوا بعده. ولكن في أيامنا، فإنَّ يسوع المسيح الذي صُلِبَ ومات وقام أيضاً، وصعد إلى السماء وبدأ مُلكه، وبحسب ما كرز به الرسل في كـلِّ الأُمم كما جاء عنه؛ هو فرحٌ لأولئك الذين ينظرون إلى الأمام نحو عـدم الفساد الذي وعد به](11) - القديس يوستين الشهيد.

12. الإنسان الأساسي للسلام هو المسيح: [(هذا المقطع ال‍مُقتَبَس من 1مل 8: 27،26) هو أيضاً قد جاء بنفس الكلمات في سِفْر أخبار الأيام. فقد وعد الله داود حينذاك أنه سيُقيم له من نسله مَلِكاً وهو سيكون له أباً، وحتى أنَّ المولود من نسل داود سيُدعَى ابن الله، وسوف يكون عرشه لملكوت أبدي، هذا قد تنبَّأ عنه ناثان لداود في سِفْر الملوك الثاني (2صم 7: 12)... ونفس هذه النبوَّة قد قيلت أيضاً في سِفْر أخبار الأيام الأول، وفي المزمور (مز 89: 5،4، 27-29، 36-37)... وهكذا إذ كان سليمان فريداً في حكمته، فَهِمَ هذا الوحي الإلهي الذي قيل لأبيه، وأدرك أنه ليس شيئاً هيِّناً، بل إنه أمرٌ يفوق الطبيعة البشرية، وأنـه يليق بالحري بالله وليس بشخصه كابن لداود رغم أنه كان فعلاً ابنه، وعَرِفَ ما هو المقصود من الله بأن هذا هو البِكْر، ومَن هو ال‍مُتَنَبَّأ عنه أنه ابـن الله، الذي كـان مصدر ابتهاج عظيم كرسالة (من الله) وموضوع صلاة أن تتحقَّق هذه النبوَّة، وأنه سيأتي هذا الذي سبق وأُبلغ به مدعُوّاً البِكْر وابن الله](12) - يوسابيوس أسقف قيصرية.

13. الوجود مع الله: [هناك فقرة في نفس سِفْر أخبار الأيام الأول تُعلِن عن حرية الاختيار: «وأنت يا سليمان ابني، اعرف إله أبيك واعبده بقلبٍ كامل ونفسٍ راغبة، لأن الرب يفحص جميع القلوب ويفهم تصوُّرات الأفكار، فإذا طلبته يُوجَد منك (يُوجَد لك)، وإذا تركته يرفضك إلى الأبد» (1أي 28: 9). إلاَّ أنَّ أولئك الناس يجدون بعض المتَّسع لجدارة الإنسان في هذه العبارة: «إذا طَلَبْتَهُ»، وهكذا فإنَّ النعمة يُظنُّ أن‍ها تُعطَى حسب هذه الجدارة في قوله فيما يتلو ذلك مـن كلمات: «فإنه يُوجَد منك (يُوجَد لك)». وبناءً على ذلك فإن‍هم يجتهدون بكلِّ ما أُوتُوا من قوَّة ليُبيِّنوا أن نعمة الله تُعطَى حسب استحقاقاتنا، وفي كلماتٍ أخرى، أنَّ النعمة ليست بعد نعمة. لأنه، كما يُعبِّر الرسول هكذا بجلاءٍ تامٍ قائلاً، لأولئك الذين ينالون المكافأة بجدارة: «أمَّا الذي يعمل فلا تُحسَب له الأُجرة على سبيل نعمة، بل على سبيل دَيْن» (رو 4: 4)](13) - القديس أوغسطينوس.

(+( (

ثانياً: الأسفار التاريخية

9 - سِفْر أخبار الأيام الثاني

مُقدِّمـة:

يبدأ هذا السِّفْر بمُلْك سليمان (أصحاحات 1-9). بينما تروي هذه الأصحاحات عظمة مملكة سليمان، إلاَّ أنَّ اهتمامه الرئيسي هو لوصف بناء الهيكل وفخامته وتكريسه، بعد أن حذف كاتب السِّفْر كل ما يختصُّ بانحراف سليمان عن عبادة يهوه وبُعْده عن الله، وركَّز على الأمور الحسنة التي عملها. ويتبع ذلك انقسام مملكة سليمان إلى شمالية وجنوبية، ولكنـه لم يذكُر شيئاً عـن ملوك السامرة (مملكة إسرائيل الشمالية)، سوى عن أولئك الملوك الذين كـان لهم علاقة مباشرة بالمملكة الجنوبية.

أمَّا الأصحاحات المتبقية من السِّفر (أصحاحات 10-36) فهي عـن تاريخ سلالة داود والملوك الذين خرجوا من نسله، وبالأخص الذيـن كانوا يخافون الله، ويُحافظون على العبادة في الهيكل، والمحافظة على الحُكْم الثيئوقراطي، حيث الله هو الرأس الفعلي للمملكة.

ويُختَم السِّفْر بالمرسوم الملكي الذي أصدره قورش ملك فارس بالأمر بإعادة بناء الهيكل.

+ وفيما يلي جدول تصويري لمحتويات السِّفْر:

بؤرة
التركيز
حُكْم سليمان حُكْم ملوك يهوذا الشواهد 1: 1 __ 2: 1 ___ 8: 1 _____ 10: 1 _ 14: 1 ______________36: 1 _ 36: 23 الأقسام تنصيب

سليمان إتمام بناء

الهيكل عظمة مملكة

سليمان انقسام

المملكة الإصلاحات في عهد آسا، يهوشافاط،

يوآش، حزقيَّا، ويوشيَّا سقوط

مملكة يهوذا الموضوع بناء الهيكل هدم الهيكل فخامـة المملكة ان‍هيار المملكة المكان مملكـة يهـوذا الزمن 40 سنة 393 سنة مُلخَّص لمحتويات سِفْر أخبار الأيام الثاني:

القسم الأول: فترة حُكْم سليمان (1: 1-9: 31):

1. تنصيب سليمان مَلِكاً (1: 1-17):

أ - تقوى سليمان (1: 1-6 ). ب - توسُّله للحصول على الحكمة (1: 7-10).

ج - التدبُّر بالحكمة (1: 12،11). د - غِنَى سليمان (1: 13-17).

2. إتمام بناء الهيكل (2: 1-7: 22):

أ - الإعداد لبناء الهيكل (2: 1-18). ب - بناء الهيكل (3: 1-5: 1).

ج - تدشين الهيكل (5: 2-7: 22).

3. عظمة مملكة سليمان (8: 1-9: 28):

أ - اتِّساع حدود مملكته (8: 1-6). ب - إخضاعه لأعدائه (8: 7-10).

ج - ممارساته الدينية (8: 11-16). د - ممارساته الاقتصادية (8: 17-18).

ه‍ - زيارات ملكة سبأ (9: 1-12). و - ثراء سليمان (9: 13-28).

4. موت سليمان (9: 29-31).

(يتبع)

(9) Eusabius of Caesarea, Proof of the Gospel, 10.1 (POG 2: 191-92).
(10) Cassiodorus (485C-580), Founder of Monastery, Explanation of the Psalms, Conclusion (ACW 53: 102).
(11) St. Justin Martyr, First Apology 41-42 (LCC 1: 268-6).
(12) Eusabius of Caesarea, Proof of the Gospel, 6.12 (POG 2: 11-12).
(13) St. Augustine, On Grace & Free Will 11 (NPNF, 1, 5: 448).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis