المسيح
-44-

عمل الخلاص الذي أتى المسيح ليُتمِّمه (12)
ثانياً: المسيح الكاهن الأعظم (5)

خدمة المسيح الكهنوتية في الشفاعة:

جوهـر شفاعة المسيح - الوسيط بـين الله والبشر - تظهر في صلاته إلى الله أبيه: «من أجلهم أنا أسأل» (يو 17: 9).

+ إنَّ ذبيحة المسيح هي الأساس العملي الذي عليه تقوم الشفاعة، وهذا هو المعنى: «إنْ أخطأ أحدٌ، فلنا شفيعٌ عند الآب، يسوع المسيح البارُّ (أي الذي بلا خطية). وهو كفَّارة لخطايانا (نحن المؤمنين). ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً» (1يو 2: 2،1). أي ليس لخطايا اليهود فقط (كما كانت تُقدَّم ذبائح العهد القديم)؛ بل لخطايا البشرية كلها (وهذا هو قانون الشفاعة في العهد الجديد).

مـا هي خدمة شفاعة المسيح مـن أجـل الخطاة؟ الشفاعة هي بالتحديد ما دُعِيَ إليه كهنة العهد القديم، ونالوا الشرعية لهذه الخدمة. أمَّا في العهد الجديد، فالمسيح كان وحده هو القادر أن يقوم بخدمة الشفاعة؛ ذلك لأن المسيح هو وحده الذي قدَّم نفسه أمام الآب من أجلنا حسب القول: «دخل قُدْس الأقداس (غير المصنوعة بيدٍ كما في العهد القديم) مـرةً واحـدة... بدمه، فكَسِبَ لنا الخـلاص الأبـدي» (عب 9: 12 - الترجمـة العربية الجديدة).

+ فـالمسيح صـار لنـا شفيعاً، ووسيطاً، ومُحاميـاً ++++++++++ (باليونـانية) الذي ”يترافـع“ أمام الآب مـن أجلنا ونيابة عنَّا (1يو 2: 1): «يـا أولادي، أكتب إليكم هـذا لكـي لا تُخطئوا. وإنْ أخطـأ أحـدٌ فلنا شفيعٌ عنـد الآب، يسوع المسيح البارُّ». وهو قادرٌ أن يتوسَّط مـن أجلنا، لأنـه «مُجـرَّبٌ في كـلِّ شيء مثلنا، مـا خلا الخطية» (عب 4: 15 - ترجمة كنيسة الروم الأرثوذكس بلبنان). ”فهو في السماء يحمل ندوب جراحه التي نالها مِنَّا“(1).

إلى متى يتشفَّع مـن أجلنا؟ إنَّ وسـاطة وشفاعة المسيح من أجل المؤمنين قدَّمها منذ أن كان على الأرض (إنجيل يوحنا - أصحاح 17). وظـلَّ وسيظلُّ يقـوم بهـذه الشفاعة إلى اليوم الأخير، وذلك أمـام عرش الآب في السماء. إنَّ وساطة وشفاعة المسيح لم تنتهِ، منذ خدمته وهو على الأرض، ثم وهـو على الصليب، واستمرَّت منذ صعوده وجلوسه عن يمين الآب، كما قال القديس بولس: «الذي به (بالمسيح) لنا جَرَاءةٌ وقُدُومٌ بإيمانـه عـن ثقةٍ» (أف 3: 12). وهذه الشفاعة استمرَّت منذ صعوده وجلوسه عن يمين الآب، وستستمر حتى الأيام الأخيرة. المسيح هو «كاهن إلى الأبـد» (عب 5: 6)، و«له كهنوتٌ لا يزول» (عب 7: 24).

الصلاة تكون باسم المسيح: فهـو يرفـع ويُقدِّم صـلوات المؤمنين إلى الآب. لذلك، فـالمؤمنون بالمسيح يـدعون الآب باسم المسيح: «إنَّ كـلَّ ما طلبتُم من الآب باسمي يُعطيكم» (يو 16: 23).

الإيمان هـو الثقـة المُطلقـة في شفاعـة المسيح: إنَّ أََثـر شفاعة المسيح هي زيادة فرح الإيمـان، والثقة في الله، وقـدرة المؤمـن على مواجهة التجارب. وتظهر فاعلية هذه الشفاعة في رسالة العبرانيين: «فلْنتقدَّم بثقةٍ إلى عرش النعمة، لكي ننال رحمةً ونجد نعمةً عوناً في حينه» (عب 4: 16)، «فمِنْ ثَمَّ يقدر أن يُخلِّص أيضاً إلى التمام الذين يتقدَّمون به إلى الله، إذ هو حيٌّ في كلِّ حين ليشفع فيهم» (عب 7: 25). وفي هذه الشفاعة «المسيح لم يدخل إلى أقداسٍ مصنوعة بيد أشباه الحقيقية (أي بيد بشرٍ كما في قدس أقداس العهد القديم المبني بالحجارة)، بل إلى السماء عينها، ليَظْهَر الآن أمام وجه الله لأجلنا» (عب 9: 24).

من أجل مَنْ تكون هذه الشفاعة:

المسيح يتشفَّع من أجل الخطاة، من أجل كل العالم، وعلى الأخص التائبين النادمين، ومن أجل شعبه ككـلٍّ. وشفاعـة المسيح هي التي ترسم وتُحدِّد نموذج ومضمون شفاعة الكنيسة الطقسية من أجل المؤمنين ومن أجل كل العالم.

من أجل الخطاة: المسيح يتشفَّع، ليس فقط من أجل طالبي النعمة، بل أولاً من أجل الخطاة، كمثل نموذج ”العبد المُتألِّم“ الذي تنبَّأ عنه إشعياء النبي: «سَكَبَ للموت نفسه، وأُحْصِيَ مع أَثَمَة. وهو حَمَل خطية كثيرين (أي ”الجميع“ حسب اللغة العبرية)، وشفع في المذنبين» (إش 53: 12). إنَّ شفاعة المسيح هي، ليس فقط من أجل التائبين بحقٍّ (مثل اللص غير الأهل للمكافأة - لو 23: 34)؛ بل المسيح يتشفَّع من أجل كل البشرية. أمَّا الذيـن لا يؤمنـون، فـلا يتمتَّعون بفاعلية شفاعة المسيح من أجل كل العالم.

مـن أجل المؤمنين: المسيح يتشفَّع بالأخص مـن أجل الكنيسة والمؤمنين: «مـن أجـل الذيـن أَعْطَيْتني» (يو 17: 24،9). وهو يتشفَّع، ليس فقط من أجل الذين لم يكملوا في الإيمان لكي يأتوا جميعاً إلى التوبة والإيمان (لو 13: 8)، مثل الشجرة التي لم تُثمر وكانت على وشك أن تُقطَع، فتشفَّع مـن أجلها الزارع (نموذج الله) لعلَّها تُثمر في هذه السنة؛ بل وأيضاً من أجل المؤمنين لكي يُحفَظوا ”متأسِّسين في الإيمان“ (يو 17: 8-11). وهـو يتشفَّع أيضاً من أجل الذين هم في اتِّحادٍ مع الكاملين في الإيمان (يـو 17: 13-18)، لكي يكونـوا «مُقدَّسين في الحق» (يو 17: 19).

+ لذلك، فهو يسأل الآب: «ليكون فيهم الحبُّ الذي أَحببتني به، وأَكون أنا فيهم» (يو 17: 26).

+ وفي خدمته على الأرض، قيل عن المسيح إنه كان يُصلِّي من أجل أشخاصٍ مُحدَّدين مثل ”بطرس الرسـول“ (لو 22: 32)، ومـن أجل ”جماعة الذين آمنوا بـه“ (يو 17: 24)، وحتى من أجل ”الذين صلبوه“ (لو 23: 34)؛ بل ومن أجل العالم كله. وأعطى راحةً وأماناً في وَعْده: «ومَن يُقبِلْ إليَّ لا أُخرجه خارجاً» (يو 6: 37).

ومـن أجـل الجميع: وبالمثل، فـإنَّ الكنيسة مدعوَّة لأن تتشفَّع مـن أجل كل فئات وأنواع البشرية: «فأطلب أول كل شيء، أن تُقام طلبات وصلوات وابتهـالات وتشكُّرات لأجـل جميـع الناس، لأجـل الملوك وجميع الذيـن هـم في مَنْصبٍ، لكي نقضي حياةً مُطْمَئنة هادئـة في كلِّ تقوى ووقار» (1تي 2: 2،1).

+ ومِن هنا، جاءت أوشيات (أي ابتهالات) الكنيسة من أجل كل الناس، ومن أجل كل خليقة الله من زروع ومياه النيل وأهوية السماء... إلخ، ومن أجل الرئاسات... إلخ.

شفاعة القدِّيسين المنتقلين والأحياء: فالمؤمنون في الكنيسـة (الأحياء منهم والمنتقلون)، هـم أيضاً يصيرون شُفَعاء بمقتضى اتِّحادهم بالمسيح وشركتهم في الروح القدس. فإنَّ شفاعة المسيح هي الأساس الذي عليه ومنها بُنِيَت شفاعة الكنيسة التي على الأرض والتي في السماء. فشفاعة المسيح تُمكِّن، وتسند، وتُولِّد، وتجعل شفاعة شعب الله مقبولة: «كونوا أنتم أيضاً مبنيين كحجارة حيَّة، بيتاً روحياً، كهنوتاً مُقدَّساً، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح» (1بط: 2: 5).

+ فكـل شعب الله - بما فيهم الإكلـيروس والشعب - مدعوُّون «... جنسٌ مختار، كهنوتٌ ملوكي، أُمَّةٌ مُقدَّسة، شعبُ اقتناء (أي اقتناه الله)، لكي تُخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب» (1بط 2: 9).

صلوات القدِّيسين والقدِّيسات

المنتقلين إلى السماء:

يقول القديس يعقوب الرسول مُوصِياً المؤمنين الأحيـاء: «صلُّوا بعضكم لأجـل بعض» (يـع 5: 16). فلا شكَّ أنَّ المؤمنين الذين انتقلوا من هذا العالم هُم مـا يـزالون يصلُّون مـن أجل المؤمنين المُجاهدين في بريَّة هذا العالم.

+ وقد رآهم يوحنا الرائي وسجَّل ذلك في سِفْر الرؤيا: «ولمَّا أَخَذَ الكتاب، خرَّت الحيوانات الأربعة والشيوخ الأربعة والعشرون أمام الحَمَل (المسيح حَمَل الله)، وكان مع كلِّ واحد منهم كَنَّارةٌ (آلة موسيقية) وجامات من ذهب مملوءة بخوراً، وهي صلوات القدِّيسين» (رؤ 5: 8 - ترجمة كنيسة الروم الأرثوذكس بلبنان).

+ بل إنَّ نفوس الذين قُتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم، «صرخوا بصوتٍ عظيم قائلين: ”حتى متى أيها السيِّد القدوس والحق، لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟“» (رؤ 6: 10،9). فهنا شفاعة من نوعٍ آخر تتخاطب بها النفوس التي انتقلت إلى السماء، من أجل الكنيسة التي على الأرض.

الشفاعة الثالوثية لله:

إنَّ ذبيحة المُصالحة لها ثلاثة أفعال أَوَّلية: فهي بَدَأَت بإرسال الله ابنه الوحيد، وطاعة ابن الله الكلمة للآب، وشفاعة الابن بقوة الروح القدس.

الروح القدس يعضد الشفاعـة: فليس فقط الابن يصنع شفاعة مـن أجلنا، بـل هكذا يفعل الروح القدس أيضاً: «لأننا لسنا نَعْلَم ما نُصلِّي لأجله كما ينبغي. ولكـن الروح نفسه يشفع فينا بأنَّاتٍ لا يُنطَق بها. ولكـن الذي يفحص القلوب يَعْلَم مـا هـو اهتمام الروح، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القدِّيسين» (رو 8: 27،26).

الله الثالوث يرفع شفاعة مـن أجلنا: فالآب يسمع، والابن يُحامي عن قضيتنا، والروح القدس يحثُّ قلوبنا أن نطلب من الله بطريقةٍ صحيحة. وعناية الله الناجمة عن محبته تتدخَّل حتى حينما لا نستطيع أن نُعبِّر بطريقةٍ صحيحة عن أنفسنا.

الابـن في السماء عـن يمين الآب، والروح القدس في القلب: شفاعـة المسيح وعمـل الروح القدس متكاملان: الروح القدس في قلوبنا، والابن الحامـل بشريتنـا في جسده هـو الآن واقفٌ في حضـرة الآب. فيمكن أن نقـول: هناك شفيعان: واحـدٌ هـو الأزلي الأبـدي في هيكـل السماء، والآخـر يسكن زمنياً في هيكل قلوبنا. وكـلاهما يصرخان من أجل فدائنا. كلاهما يجعلاننا أن نكون في شركة مع الآب. فبعمل كلمة الله الابن وشفاعة الروح القدس، يصير لنا الدافع للصلاة والاقتراب أكثر فأكثر من الآب: «لأن به لنا كلينا قُدُوماً في روحٍ واحد إلى الآب» (أف 2: 18)(2).

محبة الله نحو البشريـة: إنَّ المحبة الحقيقية والعميقة التي لله الثالـوث تُستَعلَن في الشفاعة المُشتركة من الابن الكلمة ومن الروح القدس أمام الآب. وهكذا يحسُّ الله بنا إحساساً دقيقاً ومُحدَّداً ونحـن في خِضمِّ جهادنـا اليومي. ”الله معنا“، وعلى الأخص ونحن في وسط التجارب المريرة التي تُقابلنا. فالله الثالوث يحسُّ بنا ونحن في ضيقاتنـا الشخصية الخاصة، وهـو يهبنا القـوَّة لنختار الاختيار الصالح. الله الروح القدس هـو مُطَّلع على أسرار مكنونات قلوبنا. والله الابـن الكلمة يعرف جيداً معنى ما يُقابلنا من تجارب وآلام، فقد اجتازهما وهـو على الأرض، وهـذا مـا تُعبِّر عنه رسالة العبرانيين: «وإذ قـد تألَّم مُجرَّباً، يقدر أن يُعين المُجرَّبين» (عب 2: 18).

العمل الكهنوتي للمسيح: ”البركة“:

وتتدفَّق البركة مـن جـراء شفاعة المسيح الذبائحية باعتباره ”الكاهن الأعظم“.

وقـد كـانت غاية العمل الكهنوتي في العهد القديم هي إعطاء بركة الله للشعب: «ثم يتقدَّم الكهنة بنو لاوي، لأنـه إيَّـاهم اختار الرب إلهك ليخدموه ويُباركوا باسم الرب» (تث 21: 5).

+ وهنـاك فـرقٌ بين ”تسبحة الشُّكر“ التي يُقدِّمها الشعب لله، وبين ”البركة“ التي يُبارِك بها الله الشعب: «ثم رفع هارون يده نحو الشعب وباركهم» (لا 9: 22). فهذه بركة الله على فم الكاهن هارون. وحينما خرج موسى وهارون من خيمة الاجتماع بعد تقديم الذبيحة: «باركا الشعب. فتراءى مجد الرب لكل الشعب... وسقطوا على وجوههم» (لا 9: 24،23).

+ وهكذا أتت بركة المسيح كحصيلة لكلِّ ما اقتناه من جراء عمله، بتقديم جسده ذبيحة حيَّة لله أبيه.

بركـة المسيح: وهكذا قيل في العهد الجديد: «تبارَك الله أبو ربِّنا يسوع المسيح، باركنا في المسيح كلَّ بركة روحية في السموات» (أف 1: 3 - الترجمة العربية الجديـدة). وهكـذا أتت ما تُسمَّى ”البركة الرسولية“ (1كو 1: 3؛ 2كو 3: 14). وهذه البركة ناتجة عن ذبيحة المسيح.

وقـد فسَّـر المُفسِّرون المسيحيون البركـة المُثلَّثـة في العهد القديـم في علاقتها بالثالـوث الأقدس هكـذا : الآب هـو الحافظ للكلِّ بعنايته الإلهية؛ والرب، أي الابـن، هـو مُعطي النعمة والرحمـة للخطـاة؛ والروح القدس هـو عطية الآب الذي يسكبه على المؤمنين(3).

+ وبركة المسيح تُمنَح من خلال الروح القدس على المؤمنين، بمقتضى كـل نِعَم المسيح ابن الله. وهذه البركة التي في العهد الجديد، هي التي تنبَّأ بها ملكيصادق الذي قابل إبراهيم و”باركه“ (تك 14: 17-20؛ عب 7: 1).

+ لقد كـانت غايـة العمل الكهنوتي الذي للمسيح هي مَنْح البشريـة: «المواعيـد العُظمى والثمينة، لكي نصير بها شركاء في الطبيعة الإلهية» (2بط 1: 4 - ترجمة كنيسة الروم الأرثوذكس)، «وأن يُصالِح (الله) به الكل لنفسه» (كو 1: 20).

الشخصية الكهنوتية المُميَّزة للمسيح:

على طقس ملكيصادق:

+ بسقوط آدم، أصبحت البشرية غريبة عن الله القدوس. اختار الله شعبه إسرائيل كأُمَّة كهنة، اختيرت لتكـون مُمثِّلة فقط للكاهـن الأبـدي؛ وبمجيء المسيح، الكاهن الأعظم، صار كل العالم شعبه، كهنوتاً ملوكياً.

ولكن كهنوت المسيح لم يكن من نسل هارون ولا من سبط لاوي (مثل كهنوت العهد القديم)؛ بل كـان حسـب طقس ”ملكيصادق“ (مز 110: 4؛ عب 7: 3).

وهـذه كـانت لُغـة مُختصرة لكاتب سِفْر العبرانيين، والتي تُبيِّن: 1. الخدمة الفريـدة من نوعها التي للمسيح، والتي هي مُقدَّسة وبلا عيب، وليست خدمـة لأُنـاسٍ تلوَّثـوا باهتمامـاتهم الشخصية؛ 2. بـل كـانت خدمة أبديـة في السماويَّات، وليست مُجرَّد خدمة حدثت في زمانٍ ومكانٍ على الأرض؛ 3. إنها تقدمة مرَّة واحدة ومن أجل جميع الشعوب، وليست لخدمة شعبٍ واحد؛ 4. ولا هي مُحتاجـة إلى تكرارٍ زمني موسمي مثل ذبائح العهد القديم؛ 5. إنه كهنوتٌ ملوكي، لأن ”ملكيصادق“ كان يُدعَى ”ملك البر“، وليس من نسل معروف: «بلا أب بلا أُم» (عب 7: 3)، وبالتالي كان يُشير لبنوَّة المسيح الأزلية، وكانت تقدمة ”ملكيصادق“ بخبزٍ وخمر (تك 14: 18) كنبوَّة مُسْبقة للعشاء الربَّاني السرائري الذي أقامـه الرب يسوع المسيح يـوم خميس العهد؛ 6. إن ملكيصادق (وترجمتـه: ”ملك الـبر“) في العهد القديم، هو الذي بارَك إبراهيم، وهكذا فهو يُشير إلى أنَّ كهنوتـه أَقدَم وأعظم مـن كهنوت ”لاوي“ لدى بني إسرائيل.

(يتبع)

(1) Ambrose, Comm. on Luke 10, MPL 15, p. 1527.
(2) ”قدَّاس القديس يعقوب“: The Liturgy of James; ANF, II, pp. 537-50.
(3) Ambrose, of the Holy Spirit; NPNF, IIX, pp. 109-15, 150-51.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis