نافذة على ما يجري في الكنائس المسيحية
في أقطار المسكونة


خبرات حياتية لشخصيات تاريخية
خمس نصائح لزواج مُقدَّس
عن سيرة حياة الملك ”تشارلز“
إمبراطور النمسا وعروسه ”زيتا“
(1887-1922م)

+ المـلك ”تشارلـز“، إضافـةً إلى كونـه الإمبراطـور الأخير للإمبراطـوريـة النمساوية المجرية، والقائد الذي عمل بلا كَلَلٍ مـن أجـل السلام خـلال الحـرب العالمية الأولى (1914-1918)؛ كـان رجـلَ عـائلة، وزوجـاً مُخْلِصاً لزوجته ”زيتا“. تزوَّجا لمدَّة 11 عاماً قبل وفاتـه في وقتٍ مُبكِّر مـن عام 1922، وأنجبـا ثمانية أطفال.

تشارلز إمبراطور النمسا وزوجته زيتا

وبالرغم من أنه كان يعتلي عرش الإمبراطورية النمساوية المجرية التي كـانت في حـالة حرب، وما صاحَبَها بالتأكيد مـن الصعوبات، إلاَّ أنه في خِِضَمِّ كلِّ ذلك، لم ينسَ ”تشارلز“ أبداً أهمية حياته الزوجية. وفي الواقع، فـإنَّ زواجَه من ”زيتا“ الذي كُلِّل بإنجاب ثمانيـة أطفال، جعله نموذجاً يُحتَذَى به للسَّعي على مثاله والاقتداء به.

+ وهذه خمس نصائح للزواج مُستمدَّة من حياة ”تشارلـز“ إمبراطور النمسا وخادمـة الله زوجته ”زيتا“، اللَّذَين يمكن أن يُلهِما ويُساعدا كلَّ زوجَيْن، أن يرتقيا إلى مستوى عَهْدهما أمام الله ”حتى الموت الذي نحن لابد من ملاقاته“:

1. تذكَّرا الهدف الأساسي من الزواج، وهو

نوالك وزوجتك ملكوت السموات:

ففي اليوم السابـق لـزفافهما الملكي، قـال تشارلز لزيتا: ”الآن فلنساعد بعضنا البعض في بلوغنا نحن الاثنين ملكوت السموات. فمِن السهل أن ننسى أنَّ الزواج - قبل كلِّ شيء - هو سرٌّ كنسي. وهذا يعني أنَّ الله يمنح كلَّ زوجَيْن النِّعَم الخاصة لتحقيق وضعهما في الحياة أمـام الله، والتي تهدف إلى الوجهة النهائية، إلى السماء. الله يُريد لنا السعادة، ويمكننا تحقيق هذه السعادة من خـلال التعرُّف على دور كُـلٍّ منَّا في مساعدة بعضنـا البعض أن نعيش زواجنـا في الحيـاة المقدَّسة. وهذا بالتأكيد ليس بالأمر السهل، ولكن «عند الله كل شيء مستطاع»“.

2. فلْتأتمنا زواجكما بين يديِّ الله وبشفاعة

الطوباوية القديسة العذراء مريم:

عرف تشارلز وزيتا أنهما إذا كانـا يريـدان ”مساعدة بعضهما البعض في بلوغهما إلى ملكوت السموات“، فهما يحتاجان إلى كلِّ معونة من الله، وبشفاعة القديسة الطوباوية مريم العذراء، لتحقيق ذلك.

3. بعد يوم الزفاف، لم يَعُدْ مكانٌ لكلمة:

لي، ولك، ولكن لكلمة: نحن:

أحياناً يكون هناك في الزواج إغراءٌ أن يعيش الزوجان حياةً منفصلة، حيث يكون للزوج ”شُغْله“ وللزوجـة ”شُغْلها“! كما تُتَّخَـذ القرارات بشكلٍ منفصل، والزوجـان لا يتدخَّل أحدهما في شئون الآخر. أما تشارلز وزيتا، وعلى العكس من ذلك، فكانا ينظران نفسَيْهما أكثر من مجرَّد طَرَفٍ مع طَرَفٍٍ آخر. كانت ”زيتا“ مُهتمة جدّاً بمشغوليات زوجها، ولم تكن تخشى أن تُدلي له بأفكارهـا. وقالت إنها كثيراً مـا كانت تُسافر مع ”تشارلز“ عندما يكون ذاهباً في رحلاتٍ سياسية. بالإضافة إلى أنها كـانت تأخذ دوراً فاعلاً في الاهتمامات الاجتماعية للإمبراطورية.

وبالإضافة إلى العمل معاً، كزَوْجَيْن مَلَكِيَّيْن، كان تشارلـز وزيتا يُعلِّمان، بنشاطٍٍ، أبناءهما حقائـقَ الإيمان. ولكن لم تكـن مهمة ”زيتا“ مجـرَّد تعليم أطفالها كيفية الصلاة وحدها! إذ أنَّ ”تشارلز“ أيضاً كـان يغرس في أولاده محبة الله، وكـان يُعلِّمهم شخصياً كيف ومـاذا يطلبون من الله في صلواتهم؟ كـان تشارلز وزيتا يتعامـلان بجدِّية مـع القول الإنجيلي: ”يَصيران جسداً واحداً“ في كلِّ شيء.

4. كانا يؤجِّجان في نفسَيْهما باستمرار

شُعْلَة المحبة:

والإمبراطور تشارلز لكونـه شارَكَ في أثناء الحـرب العالمية الأولى، فقد كـان واجبـاً عليه السَّفَر إلى ميادين القتال، واتِّخاذ قراراتٍ عسكرية حيوية. هذا الواجب سبَّب لتشارلز ألماً، لبُعْدِه عن زوجته وعائلته. لذلك، قرَّرَ تشارلز تثبيت خط هاتفي مـن مقـرِّ القيادة العسكريـة إلى القصر الإمبراطوري بغَرَض الاتصال بزوجته زيتا عدَّة مراتٍ في اليوم للاطمئنان على أُسرتـه. وكـان يتَّصل بالقصر للسؤال عـن زيتا، ولكي يطمئن على حال الأطفال.

لقد فهم تشارلز أنـه، حتى ومع العديد مـن المسئوليات المُلقاة على عاتقه، فقد كان لِبَيْته وأُسرته أولوية الاهتمام القُصْوَى. فقد كان يَعْلَم أن الزواج مُعرَّضٌ لأن يفشـل إنْ لم تكـن له الرعايـة الواجبـة مـن أجل الحفاظ على شُعْلة المحبة مُتأجِّجة.

5. أَحبُّوا بعضكم بعضاً محبة أبدية

لتظلَّ راسخةً خلال أيَّة تجربة:

غالباً ما يُفاجَأُ المتزوِّجون حديثاً بمدى سرعة فتور شُعْلة المحبة الأولى، فيجد الزوجان نَفْسيهما لا يحسَّان بنفس المحبة الأولى التي كانت لديهما من كلِّ طَرَف تجاه الطَّرَف الآخر. إنَّ فقدان أو فتور مشاعر طَرَف تجاه الطَّرَف الآخر يمكن أن يُثبِّط من محبة الزوجَيْن، خاصةً إذا ألمَّتْ تجربة أو كارثة بأحدهما.

أمَّا تشارلز وزيتا، فبالرغم من كل ذلك، لم تتوقَّف المحبة بينهما، حتى عندما كانـا يُصادِفان الضيقات.

+ + +

لذلك فبعـد مواجهـة الإذلال، نتيجـة نَفْيهما خـارج وطنهما، تشبَّث تشارلز وزيتا بعضهما بالبعض أقوى من أيِّ وقتٍ مضى.

وبعد فترةٍ وجيزة، واجها محنةً أكبر تلامست مع محبتهما بعضهما للبعض، وذلك عندما أُصيب تشارلز بالالتهاب الرئوي، وسرعان ما رَقَدَ على فراش الموت.

+ كانت آخر كلمات تشارلز إلى زوجته وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: ”أنا أُحبُّكِ إلى الأبد“.

أمَّا زيتا، فعلى مدى السنوات الـ 67 التالية لانتقاله، ظلَّت ترتـدي ملابس الحداد السوداء، للدلالة على مدى الحزن والألم اللَّذَين تحسُّ بهما بعد فراقهما جسدياً.

وقالت ذات مرَّة، بعد انتقاله: إنها لم تتوقَّف عـن تقديم المحبة له حتى يوم وفاتها هي، حيث عند ذاك سيَلتَئم شَمْلُهما معاً في السماء.

لقد كـان حُبُّهما أكثر مـن مجرَّد ”مشاعر“، ولكنه الاختيار بأن نحبَّ بعضنا البعض ”إلى أن يُفرِّقَ الموتُ بيننا“! ولكننا سنلتقي بأحبَّائنا هناك في السماء، ونكون مع الربِّ في كلِّ حين!

عن الجريدة الإلكترونية:

ALETIA, February, 14,2017

**** أمجاد ما بعد الآلام **************************************************************

[يا أحبَّائي، إذا كُنَّا سنجني العزاء من داخل الأحزان، والراحة من داخل الأتعاب؛ وإذا كنَّا نتوقَّع الصحة بعد المرض، وانبثاق الخلود من بين براثن الموت؛ فلا ينبغي أبداً أن نن‍زعج من جراء المِحَن التي تحلُّ بالجنس البشري. ولا يليق أن ن‍ه‍تزَّ بسبب التجارب التي تقع علينا. كما أنه ليس من الصواب في شيء أن نخشى مِمَّن ناصبوا المسيح العداء، مهما حاكوا من خُططٍ ضد التقوى.

بل علينا أن نشكر الله من خلال هذه الأمور كلها، وأن نعتَبِر أمثالها تمحيصاً وتقويماً للحياة الفاضلة.

لأنه أين سنجد الصبر، إنْ لم يكن هناك مُسْبقاً جهادات ومِحَن؟ أو كيف نختبر الثبات والجَلَد، إنْ لم يكن هناك ت‍هجُّم من الأعداء؟ أو كيف نتبيَّن رحابة الصدر، إلاَّ بعد تقبُّل الإهانة والظلم؟ أو كيف يُسْتَدَل على طول الأناة، إنْ لم يكن هناك أولاً افتراءٌ من المُقاومين؟ وأخيراً، كيف يرى الإنسان الفضيلة بعينيه، إنْ لم يُستَعلَن إثم الأشرار أولاً؟].

************************************ (القديس أثناسيوس الرسولي - عن الرسالة الفصحية العاشرة لعام 338م)

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis