من تعاليم الآباء


المحبة والتسامح
للقديس مار أفرآم السرياني
(303-373م)

+ «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ» (مت 28-30).

ما هو نِير الرب(1)؟

حقّاً يقول الرب: إنَّ «حِمْلي خفيف»، لأنه أيُّ حِمْل هـو؟ وأيُّ تعب في أن نغفر للأخ إساءاته لنا؟ فهو حقّاً أَمْرٌ خفيف، بل وليس بشيء يُذكر أن نغفر وننسى بإرادتنـا، فنُحسَب للوقت نحـن أنفسنا أبراراً.

فالرب لم يَقُل: ”قدِّموا لي أموالاً أو عجولاً أو أغناماً أو أصواماً أو أسهاراً“، حتى تقـول إنـه ليست لديَّ هـذه الأشياء، أو إنني لا أستطيع فِعْل مثل هـذه الأمور. لكـن، ما هـو خفيف وسهل ويُعمَل بسرعة، هذا هـو ما يطلب الرب منَّا أن نفعله: ”اغفروا ما لأخيكم عليكم، وسأغفر أنا لكم مـا هـو عليكم نحوي. أنتم تُسامحـون إساءات صغيرة أو تتركون ديونـاً قليلة، بضعة قروش أو دُريهمات؛ أمَّا أنـا فأُسامحكم إلى ستة مئة وزنة فضة. ثم إنكم إذ تُسامحون لستم تعطون شيئاً مِمَّا لكم، في حين أنني إذ أمنحكم الغفران، أَهبكم - في نفس الوقت - شفاء النفس وميراث الملكوت“.

”إنني أقبل عطاياك حالما تتصالح مع أعدائك، حينما لا تحمل أيَّـة كراهيـة أو حقد على أحدٍ، وحين لا تَدَع الشمس تغرب على غيظك، وحين يوجَد فيك السلام والمحبة تجاه كل الناس؛ حينذاك تُسمَع صلواتك، وتكون تقدمتك مقبولة ومرضية لله، فيصير بيتك مُباركاً وتتبارَك أنت أيضاً“.

”أمَّا إذا كنتَ لا تريد أن تتصالح مع أخيك، فكيف يتسنَّى لك أن تطلب الصفح والغفران مني؟ أَتـدوس كلامي في الأرض، وتـأمَل أن تنال صَفْحاً؟ وإذ أنا نفسي سيِّدك آمرك ولستَ تسمع لي، وأنت العبد كيف تجرؤ أن تـأتي وترفـع الصلاة إليَّ أو تُقدِّم لي الذبائح والبكور بينما يملأ الحقد قلبك على الآخرين؟ لأنه كما تُحوِّل أنت وجهك عـن أخيك، هكذا سأُحوِّل أنا عيني عـن صلواتك وعن تقدماتك“.

”المحبة“ هي ما يطلبها الرب منَّا:

أعود فأسألكم يا إخوتي: طالما أنَّ الله محبة، وطالما أنَّ كـل ما يُعمَل بدون محبة هـو غير مَرضي لله، فكيف يقبل الله الصلوات والتقدمات والبكـور وكافـة الأعمال الصالحة التي يُقدِّمها القاتل ما لم يُقدِّم توبةً كما ينبغي؟ ولكنك قد تقول: ”أنـا لستُ قاتلاً“، وسأُبين لك أنك كـذلك، بـل بالأحرى يوحنا اللاهوتي سيكشف لك هذا بأَجْلَى بيان حين يقـول: «كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ» (1يو 3: 15).

سبيلنا، إذن، أنه لا ينبغي أن نُقدِّم شيئاً على المحبة، أو نُفضِّل امتـلاك أي شيء مهما كـان على امتلاك المحبة. فلا نترك شيئاً فينا ضد أيِّ شخصٍ آخـر أو نَرُدُّ الشرَّ بالشرِّ، كمـا ولا نَدَع الشمس تغرب على غيظنا؛ ولكن فلنصفح عن كلِّ ما يُساء إلينا به، ولنَعْلَم جيداً أنَّ «الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا» (1بط 4: 8).

لأنه أيُّ ربحٍ يكون لنا، يا أولادي، لو أننا نقتني كل الأشياء ونحيا بدون المحبة المُخلِّصة المُعطية الحياة؟ أَلا يكون ذلك كما لو أنك أعددتَ وليمةً عظيمة ودعوتَ إليها ملوكاً وعظماء ولم يفوتك إعداد كل ما يلزم للوليمة، ولكن لا يوجد هناك ملح! فهـل يمكن لأيِّ شخص أن يتلـذَّذ بـالطعام على هـذه الحـال؟ بالطبع لا! وأعظم مـن ذلك هـو ما يُصيبك من خسارة لهذا السبب، لأنك لستَ تخسر فقط تعبك والجهد الذي بذلته وحسب، بل زِد على ذلك الخجل الذي ينتابك أمام أولئك الذين دعوتهم. وهذا هو الحاصل هنا، لأن كل تعبك يصير باطلاً عديم النفع إنْ كنتَ عادم المحبة، التي بدونها كـل عمل صالح تعمله مهما كان، يبقى غير طاهر حتى ولو كان مَن يقوم به يَدَّعي الحياة البتولية؛ حتى ولو كان يتوفَّر على الصوم أو سهر الليالي؛ حتى ولـو كان يأوي الفقراء أو يُرَى مُقدِّماً العطايا والبكور لله، أو يصنع أعمالاً صالحة؛ حتى ولـو كـان سيبني كنيسة أو أي عمل صالح آخر من أيِّ نوعٍ، وكـان خالياً من المحبة. فجميع هذه الأعمال تُحسَب له كَلا شيء أمام الله، لأنـه بـدون المحبة، ليس شيءٌ مرضياً أمام الرب.

هاك ما يقوله الرسول (بولس) عـن هذا الأمر: «إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ... وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيْمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِـنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئاً» (1كو 13: 2،1). لأن كل مَن يُربِّي العداوة في قلبه نحو أخيه، ومـع ذلك يُرَى مُقدِّماً أيَّة تقدمة لله، فهو يكون كمَن يذبح كلباً أو يُقدِّم أُجرة زانية (إش 66: 1؛ أم 6: 26).

فاحترس، إذن، مِن أن تُقدِّم شيئاً لله خِلْواً من المحبة طالما أنَّ المحبة تستر كثرة من الخطايا. يا للعجب، كم من أمور صالحة كثيرة نخسرها، وكم من بهجةٍ ومسرَّةٍ نُباعِد نفوسنا منها إذا كنَّا عادمين المحبة.

لقد احتقر يهوذا المحبة، وتَرَكَ صُحْبة الرسل، ورَفَضَ النور الحقيقي - سيِّده - كارهـاً إخوته ومُقبلاً بذلك إلى الظلمة. وأيضاً يوحنا اللاهوتي يقول: «وَأَمَّا مَـنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَـةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْـنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ» (1يو 2: 11).

محبة الله ومحبة القريب:

ألعلك تقول: إنني ولو أني لا أحب قريبي إلاَّ أنني أحب الله؟ يوحنا نفسه يكشف كذبك، حيث يقـول: «إِنْ قَـالَ أَحَدٌ: ”إِنِّي أُحِبُّ اللهَ“ وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُـوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَـنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْـدِرُ أَنْ يُحِـبَّ اللهَ الَّـذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟» (1يو 4: 20).

فالذي يحب قريبه ولا يحمل أي عداوة لأحدٍ، ثم يُحقِّق قـول الرسول (بولـس): «لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ» (أف 4: 26)؛ هـو الذي يحب الله بالحقيقة، وهو تلميذٌ حقيقي للمسيح الذي قال: «بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ» (يو 13: 35).

وهكذا نرى، بكـلِّ وضوح، أنه ليست وسيلة أخرى بها تعرفـون أنكم تـلاميذ المسيح سوى مُمارسة المحبة الحقيقية. لأن مَـن يكره أخـاه ويظنُّ في نفسه أنـه يحب المسيح، هـو ”كاذب ويخدع نفسه“؛ لأن يوحنا الرسول يُخبرنا: «وَلَنَا هذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ: أَنَّ مَـنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَـاهُ أَيْضاً» (1يـو 4: 21)؛ وأيضـاً يقـول الرب: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ... و... قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ» (مت 22: 39،37). وحين أراد أن يُعرِّفنا بقوَّة هذه المحبة قـال: «بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ» (مت 22: 40).

يا لهذا الأَمر العجيب والمُذهل حقّاً! إنَّ كلَّ مَن كانت له محبة حقيقية، فهـو يُكمِّل الناموس كله: «فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ» (رو 13: 10)

فيـا لعظمة اقتـدار المحبة التي لا مثيل لها، فليس ثمة شيءٌ في السماء أو على الأرض يمكن أن يعلو على المحبة. ولهذا فإنَّ بولس الرسول، إذ أدرك أنه ليس أكثر كمالاً من المحبة، يُعلِّمنا قائلاً: «لاَ تَكُونُوا مَدْيُونِينَ لأَحَدٍ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً» (رو 13: 8). لذلك ضعوا حياتكم من أجل بعضكم بعضاً، لأن بهذه تقوم المحبة رأس كل الفضائل وملحها!

المحبة هي تكميـل الناموس. المحبة خـلاصٌ أكيد. فقد سكنت المحبة قلب هابيل منذ البدء، ومَلَكَت على قلب نوح. اكتسى بها الآبـاء البطاركة مثل الثوب. المحبة جعلت من داود مسكناً للروح القدس. المحبة أقامت خيمة الشهادة وسط الأنبياء (لا 26: 11). المحبة هي التي عَضَدَت أيوب.

الحديث عمَّا هو أعظم!

ولماذا لا أتحدَّث عمَّا هو أعظم؟ فالمحبة هي التي اضطرت ابن الله أن يأتي إلينا مـن السماء. فالذي هو بغير جسد لَبِسَ جسدنا، والذي هو فوق الزمن خضع للزمـن لأجلنا، الذي - وهـو ابن الله - صار ابن الإنسان!

من خلال المحبة كل الأشياء تخدم خلاصنا. مـن خلال المحبة انغلب الموت وانكسرت قوَّة الجحيم؛ أُعيد آدم للحياة، وحواء استردَّت الحرية. من خلال محبة الله صار الاثنان واحداً: الناس والملائكة. وبواسطة هـذه المحبة بطُلَت اللعنة، وانفتح الفردوس، واستُعلِنَت لنا الحياة، وبُشِّرنـا بملكوت السموات.

المحبة حـوَّلت صيَّادي السمك إلى صيَّادي الناس. إنهـا المحبة التي أَعطـت الشهداء القوَّة والشجاعـة في آلامهـم، وهـي التي جعلت في البراري مُدناً للسَّكَن، ومـلأَت الجبال والمغايـر بـأنغام تسابيح المـزامير الشجيَّة. المحبة غيَّرت الناس إلى ملائكـة. وهي التي علَّمت الرجـال والنساء معاً أن يسلكوا الطريق الضيِّق.

فيا للمحبة المُباركة التي وهبتنا كل ما هو صالح! يا للمحبة المُباركة التي تجعل كل مَن يشتهيها مُباركاً أيضاً! مُباركٌ ومغبوطٌ جداً هو الإنسان الذي من قلبٍ طاهر وضميرٍ صالح يمتلك المحبة.

والآن حين تسمع عن هذه المحبة، احترس أن تفهمها بإحساسٍ أرضي جسداني، كما يحدث في الأعياد والولائم مع أولئك الذيـن «إِلهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْـدُهُمْ فِي خِـزْيِهِـمِ» (في 3: 19)، الذيـن تنحصر محبتهم في أكلة يأكلـونها على مائـدة واحدة، وحبهم إهانة لله. هناك يدعون الأصدقاء، وليس الغرباء، حيث لا يوجد نصيبٌ للفقير...

لكننا لسنا نتحدَّث عن هذه المحبة، لسنا نكرز بها ولا نمتدحها. لكننا إنما نكرز بتلك المحبة التي بلا رياء، المحبة الفائقة الوصف التي بلا عيب ولا دنس ولا يُدركها أي لوم. هذه المحبة، أقول إنها تحوي داخلها كل الأشياء ويحتويها كـل عمل صالح كما علَّمنا إيَّاها ربنا قائلاً: «... أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ» (يو 15: 13). لأن الربَّ نفسه علَّم بذلك وفعله أيضاً، إذ أسلم ذاته لأجلنا! ليس لأجل أحبَّائه فقط، بل ومن أجل أعدائه أيضاً: «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ» (يو 3: 16).

أمَّا بولس الرسول فقد التهب بهذه المحبة، وإذ اقتنى المحبة الإلهية داخله أخبرنا أنَّ «اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ» (رو 13: 10)، وأنَّ المحبة لا تجازي عـن شرٍّ بشرٍّ، ولا ترد اللعنة باللعنة، لكنها تصبر ودائماً تحتمل، ودائماً تتأنَّى وترفق: «الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُـقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ... وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ»، ومحبـة مثـل هـذه «لا تَسْقُطُ أَبَداً» (1كو 13: 4-8).

كل مَن ارتبط بهذه المحبة فهو مُباركٌ، يحظَى بالبركة في هذه الحياة، ويصير مُباركاً في الدهر الآتي.

مغبوطة هي النفس التي تزيَّنت بالمحبة التي لا تنتفخ ولا تحسد، التي لا تكره أي إنسان في أيِّ وقت، التي لا تصـدُّ الفقير وتنصرف عـن المحتاج، التي لا تحتقـر الأرملـة أو اليتيم أو الغريب. فالذي له هذه المحبة في قلبه، يحب ليس فقط الذين يحبونه وحدهم – لأن هـذا ما يفعله بالمثل الأُمميُّون – بل ويحب أيضاً كل مَن يُسيء إليه. استفانوس الشهيد، إذ تسربل بهـذه المحبة، صلَّى لأجل الذين رجموه قائـلاً: «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ» (أع 7: 60).

ثم أعود فأقول ولا أَملُّ من الحديث: طوبى للإنسان الذي يزدري بكلِّ الأشياء الأرضية والتي مآلها إلى الفساد، ويقتني المحبة، فإنَّ ربح المحبة يُزاد له يوماً بعد يومٍ، مكافأته وإكليله يُعدُّ له؛ الفردوس ينفتح أمامه، وملكوت السموات يُنعَم به عليه كموهبة؛ الملائكة جميعاً تُنادي بطوباويتـه؛ السموات وكـل القـوات معاً تُغبطـه؛ صفوف الملائكـة تتقبَّله بفـرحٍ وابتهاج، وأمامـه تنفتح الأبواب السمائيـة باتِّساع، ومنها يدخـل ليُقدِّموه أمـام عرش الله لكي يُتوَّج عـن يمين الله الذي سيملك معه إلى الأبد.

(1) Vossio S. Eph., Tome I, Sermon 5, on Matt. XI:29, Sunday Sermons 3, p. 233..

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis