الكنيسة هذا الشهر



نياحة القديس أغابيطوس الأسقف
(24 أمشير / 3 مارس)
نياحة الراهب جرجس بن العميد الشهير ب‍ ”ابن المكين“ (1 برمهات / 10 مارس)

نشأة القديس أغابيطوس:

وُلِدَ القديس أغابيطوس من أبوين مسيحيَّيْن في زمان الملكَيْن الوثنيَّيْن دقلديانوس ومكسيميانوس، فربَّياه تربية مسيحية، وقدَّمـاه شمَّاساً. وبعد فترةٍ قصيرة مضى إلى أحد الأديـرة، وخدم الشيوخ الذين فيه، وتعلَّم منهم العبادة والنسك، وثابـر في المواظبة على الصوم والصلاة. وكان غذاؤه بعد الصوم قليلاً من الترمس.

شيوع خبر نُسكه:

وقـد ازداد القديس في نُسكه، وتقدَّم في كل فضيلة. وقـد أجرى الله على يديـه آياتٍ كثيرة، منها: إنـه شَفَى صبيَّة أضناها المرض، وعَجَزَ الأطباء عن علاجها. وبصلاة القديس أغابيطوس، مَنَحَ الله الشفاءَ لكثيرين من المرضى. فشاع خبر نُسكه وفَضْله وقوَّة صلاته، وسمع بذلك ليكينيوس الوالي، فـاستحضر القديس كَرْهاً، وعيَّنه جُندياً. ولكـن لم يمنعـه هـذا مـن مُداومـة النُّسـك والعبادة، بل ازداد في الفضيلة.

تملُّك الملك قسطنطين:

بعد قليلٍ من الزمن، هَلَك دقلديانوس، ومَلَك بعده قسطنطين الكبير. وكـان القديس أغابيطوس يشتاق أن يُطلَق سراحه، ويرجع إلى ديره. وقد أجاب الله أُمنيته، إذ أنـه كان لقسطنطين الملك غُلامٌ عزيز لديـه جدّاً لِمَا عليه مـن الخِصال الحميدة، وقد أصاب الغلام روحٌ نجس كان يُعذِّبه كثيراً. فأشار على الملك بعض أصدقائه أن يلجأ إلى القديس أغابيطوس ليُصلِّي مـن أجل شفائه. فاستغرب الملك أن يكون بين الجنود مَـن له هذه الموهبـة، وأرسـل في الحال يستدعي القديس أغـابيطوس. فعندمـا حضـر القديـس، صلَّى على الغلام، ورشم عليه علامة الصليب المقدَّس، فشفاه الله بصلاة القديس.

عودته إلى الدير وتوحُّده:

عندمـا شُفي غـلام الملك قسطنطين بصلاة القديس أغابيطوس، فرح الملك جدّاً بذلك، وأراد أن يُكافئ القديس، فلم يقبل أي مُكافأة، سـوى إطلاق سراحه من الجندية، وعودتـه إلى مكان نُسكه.

فاستجاب الملك لطلب القديس، وحينذاك عاد إلى حيث كان أولاً، ولكنه قَصَدَ الوحدة، ومكث في موضعٍ قفر مُنفرداً. وبعد فترةٍ وجـيزة، تمَّت رسامته قسّاً.

رسامته أسقفاً، ثم نياحته:

بعد نياحة أسقف بلده، طلبوا من رئيس الدير أن يقبل برسامة القديس أغابيطوس أسقفاً. وقـد سَمَح رئيس الدير بذلك، فرُسِمَ القديس أسقفاً على هذه البلدة. وقد رَعَى رعيَّة المسيح أحسن رعاية. وكان يُبكِّت الخُطاة على ما يعملونه سرّاً، وكذلك كـان يُعاتب الكهنـة على تـركهم تعليم الشعب ووعظه. وبعد أن مكث في الأسقفية مـدَّة مـن الزمن في سيرة فاضلة، تنيَّح بشيخوخة صالحة.

بركة صلاته تكون معنا، آمين.

جرجس بن العميد:

عاصـر جـرجس البابـا كيرلس الثالـث البطريـرك الخامس والسبعين في عداد بطاركة الكرسي الإسكندري. وكان ”جرجس بن العميد“ يُلقَّب أيضاً ب‍ ”ابن المكين“. ويُعتَبَر من عمالقة الفكر، كما كان بتولاً. وكان أخوه هو ”الأسعد إبراهيم“ كاتب الجيوش في عهد الملك العادل في القرن الثالث عشر الميلادي.

ذهابه إلى دير أنبا يؤانس القصير:

كان قلب ”ابن المكين“ مُلتهباً بحبِّ الكنيسة، فترك الجاه العالمي، وذهب إلى دير القديس أنبا يؤانس القصير بطُرة - جنـوب القاهـرة، حيث كرَّس نفسه للبحث والدراسة والصلاة والتأمُّل في عظائم الله. وقـد تضلَّع ”ابن المكين“ في اللغات القبطية والعربية واليونـانية، وكذلك في المنطق والفَلَك والتاريخ كمـا أثبت جدارتـه في التقوى والتقشُّف والمحبة. ولأجل كـل هـذه الخِصال، ألبسه رئيس الدير الإسكيم الرهباني المقدَّس.

كتاباته في العقيدة الأرثوذكسية:

عندما راقب ”ابن المكين“ شعب الكنيسة، وَجَدَ أن غالبيته تائـهٌ في ظُلمة الجهل. فرأى أن يتدارَك هذا الجهل قَدْر إمكانـه، فانشغل بالكتابة في العقيدة الأرثوذكسية، لأجل تثقيف الشعب وتعليمه، مُبيِّناً أن العقيـدة الأرثـوذكسية هي العقيدة التي حافَظَ عليها الشهداء بدمائهم، والمعترفون بآلامهم، والآباء بكل مجهوداتهم الفكرية والروحية.

ولا نعرف عـن سيرة ”ابن المكين“ إلاَّ النزر اليسير منها. وقـد تـرك لنا ”ابن المكين“ أربعة كُتُب في مجالات شتَّى: في العقيدة، والتاريخ.

مؤلَّفات ابن المكين:

أمَّا مؤلَّفات ”ابن المكين“، فهي:

1. ”المُستفاد من بديهة الاجتهاد“، الذي امتدح فيه المُجتهدين الكادحين.

2. تاريخ مدني عنوانه: ”المجموع المُبارك“، ويقع في جزئين، تُرجم الجزء الثاني منه إلى اللغة الفرنسية.

3. بعد أن فرغ من وَضْع كتابه في التاريخ، وَجَد أن المؤرِّخ المعروف ب‍ ”الطبري“ قد توفِّي بدون أن يُكمِل كتابه، فأَخَذَ هو على عاتقه تكميل كتاب ”الطبري“.

4. أمَّا كتابه الرابع، فعنوانه: ”مختصر البيان في تحقيق الإيمان“ الموسوم ب‍ ”الحاوي“.

نياحته:

بعد أن أكمل ”جرجس بـن العميد“ المعروف ب‍ ”ابن المكين“ جهاده الحَسَن، تنيَّح وهو في سيرة فاضلة أرضت الرب.

بركة صلاته تكون معنا، آمين.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis