طعام الأقوياء
- 73 -


«وهو مات لأجل الجميع كي يعيش
الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم،
بل للذي مات لأجلهم وقام»
(2كو 5: 15)

مُقدِّمة:

يلزم أن نتيقَّن دائماً أن ابن الله الكلمة أَخَذَ جسدَ ضعفنا وتجسَّد مُتَّحداً بطبيعتنا البشرية، بفعل الروح القدس الذي حـلَّ على العذراء القديسة مريم وقوَّة العَلي التي ظلَّلتها، فولدت الرب يسوع، الذي صار إنساناً كاملاً مساوياً لنا في كلِّ شيء ما خلا الخطية وحدها، له كل ملء اللاهوت جسديّاً، ويحمل في نفس الوقت كل ما لنا من صفات الطبيعة البشرية المخلوقة على صورة الله ومثاله.

ونمـا الطفل يسوع وصار صبياً: «وَكَـانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَـوَّى بِـالرُّوحِ، مُمْتَلِئاً حِكْمَةً، وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ» (لو 2: 40)، و«كَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَـةِ وَالنِّعْمَـةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ» (لو 2: 52). ولمَّا اعتمد من يوحنا المعمدان، «انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، وَنَـزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ» (لو 3: 22،21). ثم رجع من الأردن بعد معموديته من يوحنا المعمدان: «مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمَاً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ» (لو 4: 2،1).

+ كانت هذه هي خطة الله وتدبيره الأزلي أن يُرسِل ابنه الحبيب إلى العالم ليُخلِّص الإنسان من عبودية إبليس. لذلك يقول القديس كيرلس الكبير:

[أمَّا الآن، فلأن كل الأشياء قد صارت جديدة في المسيح وقد اغتنينا بالميلاد الجديد الذي بواسطة الماء والروح، فإننا لم نَعُدْ أولاد اللحم والدم، بل بالحري ندعو الله أباً لنا، لذلك إذ صرنا الآن في كرامةٍ بحقٍّ، وإذ نمتلك امتياز التبنِّي المجيد؛ فقد صرنا شركاء الطبيعة الإلهية بواسطة حصولنا على الروح القدس.

لاحِظوا هذا بنوعٍ خاص، أنَّ الرب اعتمد أولاً وامتلأ من الروح القدس، وبعد ذلك ذهب إلى البريَّة، ومارَس الإمساك أي الصوم كما لو كـان سلاحاً له؛ وهكذا إذ كان مستعدّاً، فحينمـا اقترب منه الشيطان انتصر عليه، وبذلك فقد وضع نفسه أمامنا كنموذج لنا](1).

+ كما يقول أيضاً القديس كيرلس الكبير:

[لقد كان تجسُّد الكلمة وتأنُّسه أمراً لابد منه لخلاص الذين على الأرض. فلو لم يكن قد وُلِدَ مثلنا بحسب الجسد، لما كان قد اشترك في الذي لنا، وبالتالي لما كان قد حرَّر طبيعة الإنسان مـن الوصمة التي أصابتها في آدم، وما كان قد طَرَدَ الفساد من أجسادنا، وما كانت قوَّة اللعنة الآتية إلى المرأة الأولى قد أُبطِلَت](2).

«الآن نفسي قد اضطربت» (يو 12: 27):

+ يُعلِّـق على ذلـك القديس كيرلس الكبير قائلاً:

[إنَّ ذِكْر الموت الذي وَرَدَ أثناء الحديث بدأ يُزعج يسوع، ولكن قوَّة الألوهية في الحال أَخضعت المُعاناة التي أثارها ذِكْر الموت، وفي لحظـةٍ حوَّلتْ الخـوف إلى جـرأة لا تُقارَن](3).

لذلك نجد الرب يسوع يُضيف بعد قوله: «اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ»، «وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ» (يو 12: 27).

+ يُعلِّـق على ذلـك أيضاً القديس كيرلس الكبير قائلاً:

[إنَّ اضطراب المشاعر الإنسانية في المسيح كـان لمنفعتنا، ليس أنَّ العواطف سيطرت واستمرَّت كثيراً كما يحدث معنا، بل إنها بعد أن بَدَأَت، فإنها توقَّفت بقوَّة ”الكلمة“... وبهذه الطريقة - وليس بغيرها - فإنَّ عملية الشفاء، اجتازت منه إلينا نحـن. لأن طبيعة الإنسان أُعيدت إلى جدَّة الحياة، في المسيح نفسه أولاً - كباكورة - وفيه أيضاً حصلنا على الأمور التي تفوق الطبيعة. ولهذا السبب فهو يُدعَى في الكُتُب المقدَّسة: ”آدم الثاني“ (انظر 1كو 15: 45)](4).

وقـد تكرَّرت في إنجيل مرقس نفس هـذه المشاعر الإنسانية حينما كان الرب يسوع في ليلة القبض عليه في بستان جثسيماني: «وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ. فَقَالَ لَهُمْ: ”نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ! اُمْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا“. ثُمَّ تَقَدَّم قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. وَقَالَ: ”يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ“» (مر 14: 33-36).

+ ويُعلِّق القديس كيرلس الكبير على ذلك قائلاً:

[فكما أنَّ الموت لم يكن مُمكناً أن يَبْطُل إلاَّ بموته، هكذا أيضاً بالنسبة لكلِّ واحدة من انفعالات (أو آلام ++++) الجسد. لأنه لو لم يكن قد خاف ”وتغلَّب على الخوف“، لما كانت طبيعتنا قد انعتقت من الخوف (عب 2: 5)، ولو لم يكن قـد حَزِنَ - «نفسي حزينة جدّاً حتى الموت» (مت 26: 38) - لما كانت (طبيعتنا) قد تخلَّصت من الحزن... وهكذا بالنسبة لجميع الأشياء التي حدثت له بشريّاً يمكنـك أن تُطبِّق نفس المبـدأ، فتجد أنَّ الانفعالات الجسدية كانت تتحرَّك في المسيح، ولكن ليس لكي تكون سائدة كما يحدث فينا، بل لكي إذا ما تحرَّكت فيه تبطُل بواسطة قدرة ”اللوغُس“ الحال في الجسد، فتتغيَّر بذلك الطبيعة (البشرية) إلى ما هو أفضل](5).

«هو مات لأجل الجميع»:

إذاً، لولا الاتِّحاد الأقنومي الذي تمَّ في المسيح بين الله الكلمة الذي هـو ”الحياة“ بطبعـه، وبين الجسد البشري الواقع تحت حُكْم الموت الذي اتَّحد به الرب يسوع اتِّحاداً فائقاً لا يُدركه عقل؛ لما أمكن أن ينال الإنسان الخلاص من الموت الذي أَمْسَك به، لأن هذا الاتِّحاد الفائق هو الذي أعطى المسيح إمكانيـة الموت المُحيي، الذي بـه أباد الموت بموتـه وأظهر القيامـة بقيامته. ويَعتَبِر القديس كيرلس أنَّ هذا الاتِّحاد هـو أساس لكلِّ الخيرات التي فـاضت علينا مـن حياة المسيح المقدَّسة وآلامه مـن أجلنا، وموتـه وقيامتـه ثم صعوده إلى السموات وجلوسه عـن يمين الآب. لأننا في كل هذا كنَّا فيه وهو فينا حسب قوله في صلاته التشفُّعية لأجلنا للآب: «أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُـوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِـدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي» (يو 17: 23).

+ وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير:

[إنَّ الجسد المائـت - أي القابـل للموت - المأخوذ مـن المائتين المُستعبَدين للموت، قد صار هـو نفسه جسداً للحياة - أي اللوغُس (الكلمة) - لكي بهذا الجسد الذي كان خاضعاً للموت بحسب طبيعته الخاصة يتمكَّن ”الكلمة“ أن يُحارِب الموت، وذلك بأن يُقيمه من بين الأموات ويُشكِّله من جديد في عدم فساد وفي نصرة على الموت، لأن الموت لمَّا أصاب جسد الحياة، انعدمت قوَّته](6).

والكنيسة المُلهَمة بالروح القدس قد رتَّبت في صلواتها وتسابيحها ما يُثبِّت هذا الإيمان في قلوبنا بخصوص هـذا الاتِّحاد الأقنومي الذي تـمَّ في المسيح يسوع ربنا بين لاهوت الابن الكلمة وبين الجسد البشري الذي هو الناسوت الذي أَخذه من العذراء القديسة مـريم، وهـو جسـد البشريـة المحكوم عليه بالموت. وبسبب هـذا الاتِّحاد لم يستطع الموت الذي ماتـه المسيح بإرادته أن يُمسِك به، بل داس الموتَ بموته وأظهر القيامة بقيامته، وأقامنا نحن أيضاً معه.

ففي صلاة الساعة السادسة في الأجبية نُصلِّي قائلين: ”يا يسوع المسيح إلهنا الذي سُمِّرتَ على الصليب في الساعـة السادسة، وقتلتَ الخطيئة بالخشبة، وأحييتَ الميت بموتـك، الـذي هـو الإنسان الذي خلقته بيديك الذي مـات بالخطية. اقتل أوجاعنا بآلامك الشافية المُحيية، وبالمسامير التي سُمِّرتَ بها، أَنقِذْ عقولنا من طياشة الأعمال الهيولية والشهوات العالمية إلى تذكار أحكامك السمائية كرأفتك“.

وكذلك في صلاة الساعة التاسعة في الأجبية نُصلِّي قائلين: ”يا مَن وُلِدتَ من البتول من أجلنا، واحتملتَ الصَّلْب أيهـا الصالح، وقتلتَ المـوتَ بموتـك، وأظهرتَ القيامـة بقيامتك. لا تُعْرِض يا الله عـن الذيـن جبلتهم بيديك. أظهِر محبتك للبشر أيها الصالح“.

كما نُسبِّح في ثيئوتـوكية يـوم الجمعة في التسبحة السنوية قائلين: ”مِن قِبَل صليبه وقيامته المقدَّسة، ردَّ الإنسان إلى رُتبته مرَّةً أخرى. هو أَخَذَ جسدنا وأعطانا روحه القدوس، وجعلنا واحداً معه من قِبَل صلاحه. هو أَخَذَ الذي لنا وأعطانا الذي له، نُسبِّحه ونُمجِّده ونُزيده علوّاً“.

وفي صلوات أسبوع الآلام، تتكـرَّر هـذه التسبحة على مدار سواعي الأسبوع كله حتى يوم الجمعة العظيمـة، مُخاطبين المسيح المصلوب، ومُعترفين بألوهيته هكذا قائلين: ”لك القوة والمجد والبركة والعزَّة إلى الأبد آمين. يا عمانوئيل إلهنا وملكنا. لك القوة والمجد... يا ربي يسوع المسيح مُخلِّصي الصالح...“.

كمـا تُقال ألحان أخـرى كثيرة يسود فيها الاعتراف بألوهية المسيح المصلوب، ومنها لحن: ”O monogenhc“ (أيها الوحيد الجنس) الـذي يُقال في الساعة السادسة مـن يـوم الجمعة العظيمة، والذي نُخاطب فيه الرب يسوع قائلين بلحنٍ حزين رائع في معناه: ”أيها الابنُ الوحيدُ وكلمة الله الذي لا يموت. وأنت الأزليُّ قَبِلتَ من أجل خلاصنا، أن تتجسَّد من القديسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم. فبغير استحالةٍ تـأنَّستَ وصُلِبَتَ أيهـا المسيحُ الإله. وبـالموتِ دُستَ الموت، أنت أَحدُ الثالوث القدوس، المُمجَّدُ، مع الآبِ والروح القدس، خلِّصنا“. ”قدوسُ اللهُ الذي من أجلنا صرتَ إنساناً. بغير استحالةٍ، وأنتَ الإلـه. قدوسُ القوي الذي أَظهرتَ بالضعفِ، ما هو أعظمُ من القوَّة. قدوسُ الذي لا يموت، يا مَـن صُلِبتَ من أجلنا، وصبرتَ على موتِ الصليب، وقَبِلتَه في جَسَدِكَ. وأنت أزليٌّ غيرُ مائت، أيها الثالوث القدوس، ارحمنا“.

«وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء

فيما بعد، لا لأنفسهم

بل للذي مات لأجلهم وقام»:

+ يقول القديس أثناسيوس الرسولي قولاً يُبيِّن بوضوح أنَّ غايـة التجسُّـد الرئيسية هي القيامة، لكي يُعيد الرب طبيعة الإنسان إلى عـدم الفساد بالقيامة من بين الأموات، حيث يقول:

[لقد كـان الرب مهتماً، بصفةٍ خاصة، بقيامـة جسده الذي كان مزمعاً أن يُكمِّله. لأنه كان يريد أن يُقدِّم القيامة كدليل على غلبته على الموت، وليؤكِّد للجميع أنه أزال كل أَثَر للفساد، وأنه بالتالي أعطى أجسادهم عدم الفساد من ذلك الحين. ولهذا حفظ جسده غير فاسد كضمانٍ وبرهانٍ على القيامة التي تنتظر الجميع](7).

ولذلك نجد القديس بولس يقول لنا هذه الآية المُعبِّرة عن فاعلية موت المسيح وقيامته فينا: «وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَـلْ لِلَّذِي مَـاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ» (2كو 5: 15).

فالشهادة لقيامة المسيح تكون بالسلوك في هذه الحياة الجديدة التي يدعوها الإنجيل: ”الولادة من فوق“ (يو 3: 3) أو ”الولادة الثانية“: «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ» (1بط 1: 3).

+ لذلك يُعلِّق القديس أثناسيوس الرسولي على فاعلية قيامة المسيح في سلوك المسيحيين وحياتهم الفائقة للطبيعة كأوضح برهان على قيامة الرب وعمل لاهوته في مَن آمن به، قائلاً:

[فمَن ذا الذي ارتاعت الشياطين مـن موته كما فَعَلَتْ عنـد مـوت المسيح؟ فحيث سُمِّيَ اسم المخلِّص هناك يُطرَد كل شيطان. ومَن هو الذي حرَّر البشر مـن شهواتهم النفسانية حتى صار الزنـاة عفيفين، والقَتَلة لا يعـودون يحملون السيف، والذيـن كـان يتملَّكهم الجُبن صاروا شُجعاناً؟ وبالإجمال، ما الذي أقنع سُكَّان البلاد البربرية والوثنيين في كل مكان أن يتخلَّوْا عن عنفهم الجنوني وأن يميلوا للسلام إلاَّ الإيمان بالمسيح وعلامة الصليب؟ أو ما الذي أعطى البشر مثل هذا اليقين بالخلود كما فعل صليب المسيح وقيامة جسده؟](8).

أما القديس كيرلس الكبير فقد كان شُغله الشاغل أن يُدافع عـن عقيدة اتِّحاد لاهوت المسيح بناسوته وعدم افتراقهما لحظةًَ واحدة ولا طرفـة عين، أي عقيدة الاتِّحاد الأقنومي في المسيح. وهـذا الاهتمام جعله يَعتَبِر أنه كان لنا وجودٌ سرِّي في المسيح في كـلِّ مراحل حياتـه حتى موتـه وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب. ولم يكن القديس كيرلس هو أول مَـن تكلَّم عن وجودنا السرِّي في شخص المسيح، فقد كان أول مَن أُوحيت إليه هذه الحقيقة هو القديس بولس الرسول حيث قال: «اللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ... أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ... وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أف 2: 4-6).

+ ويقول القديس كيرلس الكبير:

[نحن جميعاً كنَّا في المسيح... وتمَّ ذلك لأن الذي هو بالطبيعة الابن، والذي هو الله، قد سَكَنَ فينا. ولذلـك نصرخ بروحه: «يـا أَبا الآب» (رو 8: 15). وسَكَنَ الكلمة في هيكل واحـد أَخَذه منَّا ولأجلنا، وصار مثل الكل، لأنـه عندما احتوى الكل فيه، استطاع أن «يُصالِح الكل في جسدٍ واحد» مع الآب، كما يقول بولس (أف 2: 16-18)](9).

+ كما يقول أيضاً عن قيامة المسيح وقيامتنا معه:

[إنَّ كلمة الله الابن الوحيد جاء بيننا لكي نصير نحن مثله، بقدر ما تحتمل طبيعتنا أن تبلغ إلى هذا المستوى من جهة خلقتنا الجديدة بالنعمة... إنه عندما صار واحداً منَّا كإنسان، لكي يجعلنا نحن أيضاً مثله، أي آلهة وأبناء؛ فإنه يأخذ ضعفاتنا في ذاته، ويُعطينا صفاته الخاصة... فهو الآن يدعونا إخوته، وجَعَل الله الآب هو الأب المشترك له ولنا...](10).

(يتبع)

(1) شرح إنجيـل لوقـا - 4: 1-3 (مؤسَّسة القديس أنطونيوس).
(2) ضد نسطور 1: 1.
(3) شرح إنجيـل لوقـا - 12: 27 (مؤسَّسة القديس أنطونيوس).
(4) شرح إنجيـل يوحنا - 12: 27 (مؤسَّسة القديس أنطونيوس).
(5) الكن‍ز في الثالوث: 24 (PG 75: 397).
(6) ضد ديودور 6.
(Library of Fathers of the Holy Catholic Church, Oxford), p. 323.
(7) تجسُّد الكلمة - 22: 4.
(8) شرحه - 50: 5،4.
(9) شرح إنجيل يوحنا - 1: 14.
(10) شرحه - يو 20: 17.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis