قصة رمزية



ثلاثة جنود رومانيون

في الظلام والجو باردٌ قبل الفجر، كان ثلاثة جنود رومانيون مُقاتلون مُتمنطقون بكلِّ الدروع الحديدية بالكامل؛ كانوا يحرسون قبر ”يوسف“، هناك حيث دُفِنَ ”يسوع“ قبل ثلاثة أيام.

وعلى الرغم مـن اللوائح الصارمـة للجيش الروماني، كان الجنود يتحدَّثون فيما بينهم بهدوءٍ، إلى درجة الهَمْس!

وكانوا يُتمتمون قائلين: ”كل الرجال المحكوم عليهم يموتون مثلما مات هذا الرجل“.

وبسبب نبرة اللامبالاة هذه التي يتكلَّم بها أولئك الجنود، اشتعلت شرارة الغضب من جندي آخر، حيث ردَّ بصوتٍ هامسٍ جداً:

- ”لا، ليس كمثلما فَعَله هـذا الرجل تجاه الآخرين! لقـد سمَّرنـاه على الصليب، ثم رفعنا خشبة الصليب الـذي حمله ليكون في الوضـع الرأسي. ولكنني لن أنسى أبداً الكلمات التي قالها أثناء تنفيذ الحُكْم بإعدامه“.

ثم أدار الجندي رأسـه، وقـد قطَّب جبينه، ونظر إلى الجُنديين الآخريـن وعينـاه تقدحـان بالشرر، ثم قال لهما هذه العبارة بتأنٍّ:

- ”وأنا هو المُذنب في قتله، ولا شكَّ في أنه سيغفر لي“!

وبسرعـة تسـاءل صـوت جندي ثالث بلا مُبالاة: ”وأنت جندي منذ وقتٍ طويـل، أَلم تكُن مضطرباً، ويُبكِّتك ضميرك على ما اقترفته“؟

وأمَّا الجندي المضطرب فقد أفشى - من غير تفكيرٍ - بما لم يَعُد يستطيع أن يعترف به في أعماق نفسه:

- ”إنَّ اللص المصلوب عـن يمـين يسوع الناصري سأله أن يتذكَّره وهو في ملكوته. أواه! وبينما كان اللص يتكلَّم، قال يسوع وهو في محنة الموت والتعذيب هذه: «اليوم تكون معي في الفردوس». وفي تلك اللحظـة أظْلَمتْ السماء، وأصاب الجميع إحساسٌ بالبرد والقشعريرة. وكل قوَّات الشرِّ في العالم، كانت شامتة عندما صرخ صرخة الموت“.

- ”لقد بَدَا وكأنه الرجـل الأوحد في العالم المُعلَّق على الصليب هناك. والزلزال قد أَلقى بي على الأرض في لحظةٍ خاطفة، ثم بدأ فجأةً ينقشع الظلام!“.

- ”إذن، فأنا أقول لكم إن ذلك الإنسان لم يكُن مجرَّد رجلٍ عادي أنـا صلبتُه. كـان أكثر من مُجرَّد إنسان! ونادراً ما كـان يتمُّ خَتْم القبر كما حدث مـع هـذا الرجل! ناهيك عـن الحراسة المُشدَّدة المفروضة عليه!“.

وأمَّا الجندي الثالث، فقال مُعلِّقاً على قَول ذلك الجندي رفيقه:

- ”أنت لم تَرَ شيئاً! فقد استغرقنا في النوم أو ما أشبه ذلك! أنت لا تعرف شيئاً!“.

وردَّ عليه الجندي قائلاً:

- ”ولكني أنا أعرف، وقد رأيتُ بأُمِّ عينيَّ، أيها القائد! وإنني أقول لك إنَّ يسوع هذا هو حيٌّ خارج القبر! إنه على قيد الحياة! بل إنه أعظم من كونه مجرَّد على قيد الحياة!“.

وبدأ الجنديان الآخران في الصَّدِّ، والاعتراض، والصياح، ضد الجندي المؤمن؛ مع أصوات الهَلَع والضيق، صارخَيْن: ”فلْتنسَ هـذا الحَـدَث إلى الأبـد، يا ماركوس!“.

وعندئذٍ أجاب الجندي بصوتٍ مُنكسر، والدموع تنهمر من عينيه: ”فلْتنسَ أنت هذا الحَدَث، يا سيِّدي؛ ولكن، بكل الاحترام الواجب، فإنَّ يسوع هو حيٌّ. وهذا ما سوف يُغيِّر كل شيء!“.

++(

+ «فَقَـالَ لَهُ يَسُـوعُ (للِّص اليمين): الْحَقَّ أَقُـولُ لَكَ: إِنَّـكَ الْيَوْمَ تَكُـونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» (لو 23: 43).

+ «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَد» (يو 11: 26،25).

+ «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يو 14: 6).

+ «فَقَالَ (الملاك) لَهُنَّ (للنسوة): ”لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِريَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَـامَ! لَيْسَ هُـوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ“» (مر 16: 6).

+ «لَمَـاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟» (لو 24: 5).

+ «عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَ مَـا أُقِيمَ مِـنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُـوتُ أَيْضاً. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ» (رو 6: 9).

+ «وَإِنْ كَـانَ رُوحُ الَّذِي أَقَـامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْـوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُـمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ» (رو 8: 11).

+ «وَلكِنِ الآنَ قَـدْ قَـامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ» (1كو 15: 20).

+ «وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ» (رؤ 1: 18).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis