ادخل إلى العمق


- 15 -
صلب المسيح
حكمة الله وقوَّة الله




تمهيد:

ارتبط الإيمان المسيحي منذ بدايته بعلامة الصليب كرمزٍ وإشارة مميِّزة له، تحمل في طيَّاتها غنى وعُمق معاني هذا الإيمان، وتُشير إلى مضمونه الإلهي في حياة كلِّ مَنْ يؤمن به وبفاعليته ودلالاته. وأكثر من ذلك؛ بكونه برهانًا وشهادة للذين يحملونه - أو يؤمنون به ويسيرون بقوته وعلى نهجه - بأنهم تلاميذ حقيقيون للرب، وذلك حسب قول الرب يسوع نفسه: «مَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا» (لو 14: 27)، وكذلك ما نُردِّده في إبصالية يوم الجمعة من التسبحة المقدَّسة: ”ربنا يسوع المسيح قد أَعطى علامةً لعبيده الذين يخافونه... إلخ“، وأيضًا ما نقوله في نفس الإبصالية: ”طوبى للإنسان الذي يترك عنه هذا العمر واهتماماته المملوءة تعبًا. القاتلة للنفس. ويحمل صليبه يومًا فيومًا. ويلصق عقله وقلبه باسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح“.

لقد أَوصى الرب يسوع تلاميذه بضرورة السير وراءه حاملين الصليب، باعتباره الشاهد الفعليّ على كونهم تلاميذه بالحقِّ، وهو الحارس والضامن لهم في الوصول بسلام إلى ميناء الخلاص. ولا ننسى أنَّ عنوان كرازتنا ومجدَها الأعظم أمام العالم هو الشهادة بالمسيح المصلوب ربًّا وإلهًا؛ وهذه الشهادة تُمثِّل ذروة الخلاص التي استُعلنت لنا بتجسُّد الربِّ وموته وقيامته وصعوده من أجلنا. وصارت شاهدةً على عظمة وارتفاع حكمة الله ومجدَها، في الوقت الذي باتت - هي نفسها للمفتخرين بحكمتهم وتديُّنهم الظاهري - صخرةَ شكٍّ وحجر عثرة ولغزًا محيِّرًا لهم ولكلِّ العقول البائسة غير المتضعة. وعن ذلك يقول بولس الرسول: «لكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ» (1كو1: 23 و24)، وانظر أيضًا: (غل 5: 11).

الصليب حكمة الله:

دبَّرت حكمة الله الفائقة، الممزوجة بحبه غير الموصوف للإنسان، خطة الفداء والخلاص لبني البشر، ووسيلة نجاتهم وانتشالهم من أنياب حكم الموت والفناء الذي أوشكَ أن يفتك بهم، بعد سقوط أبينا آدم الإنسان الأول. وأوجَدَ لنا الله هذا الحَلَّ العجيب لهذه المعادلة الصعبة لخلاص الإنسان وفدائه من حكم الموت الذي طاله، في شخص ابنه الكلمة الوحيد؛ وذلك بتجسُّده بسرٍّ لا يُنطَق به ليصير إنسانًا، كما هو مكتوب: «عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» (1تي 3: 16). فالربُّ قَبِلَ أن يصير إنسانًا لكي يفديني بموته على الصليب، ولكونه هو أيضًا الإله الحيّ الظاهر في الجسد، فإنه عاد بقوة لاهوته ليُحييني بقيامته من الأموات، ويهبني الخلاص وروح الحياة الجديدة وميراث الحياة الأبدية.

هذه الحكمة الإلهية غير الموصوفة التي رتَّبت خطة خلاصنا بالصليب، تصادمت مع حكمة وفلسفة حكماء هذا الدهر؛ ويشرح لنا الكتاب المقدَّس هذا الأمر العسير بقوله: «لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ، اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ ... لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!» (1كو1: 21، 25). وهكذا صار قبول صليب المسيح اختبارًا ومحَكًّا صعبًا للإيمان بالمسيح وبخلاصه الموهوب لنا، وحجر صدمة لكل من يرفضه كقول بولس الرسول: «فَإِنَّهُمُ اصْطَدَمُوا بِحَجَرِ الصَّدْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَا أَنَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى» (رو 9: 33 و32). وأمّا عن الذين قبِلوه فيقول يوحنا الرسول: «وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ» (يو 1: 11)، ووهب كلَّ من يؤمن بصليبه ويشترك معه في آلامه أن يشارك أيضًا في قيامته وفي ملكوته الأبدي: «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ» (غل20:2).

الصليب قوة الله :

لقد تفجَّرت عند الصليب كلُّ قوى وينابيع الخلاص المدَّخرة للبشرية في قلب الآب الـمـُحِبّ من نحونا، وشهدت قطرات الدماء النازفة من جراحات الرب يسوع على الصليب عن مقدار الحبِّ والرحمة المكنونة تجاهنا، مؤمِّنة لقول يوحنا الرسول: «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يو 3: 16). ومن فوق هذه الخشبة المقدَّسة (خشبة الصليب) - المحسوبة آلة الموت والعار - انطلقت كلُّ طاقات الغفران والفداء والخلاص ورجاء الحياة الأبدية. وبالشركة في آلام هذا الإله المصلوب والمعلَّق بالجسد على هذه الخشبة من أجلنا، نلنا عربون القيامة العتيدة معه، والتبرير أمام الله الآب في السماء.

وقد تجلَّت لنا قوة الغفران في الصليب في الأمور التالية:

+ الصليب قوة لغفران كلِّ خطايا الماضي: يعلِّمنا الكتاب المقدَّس أنَّ: «وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!» (عب 9: 22)، فالمسيح قدَّمَ ذاته على الصليب كحَمَلٍ بلا عيب، حاملًا خطايانا في جسده على الخشبة ليمنحنا غفرانًا وصفحًا أمام الآب، الذي اشتمَّ بذبيحة ابنه رائحة الرضى، ووهب لنا بموته نعمة الغفران والنجاة، وفي هذا يقول بطرس الرسول: «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ. بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ» (1بط 1: 18 و19).

+ الصليب قوة للصلح وتطهير الزمان الحاضر: يشهد بولس الرسول عن قوة وفاعلية دم المسيح لتحقيق التطهير الكامل لنا، ومن ثمَّ تبريرنا مجانًا بدمه، إذ يقول: «فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ!» (عب 9: 14)، ويوحنا الرسول يقول بالروح أيضًا: «وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يو 1: 7)، أمّا بولس الرسول فيُعلن لنا عن الصلح الذي تَمَّمه الصليب بين الله والإنسان فيقول: «الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا» (كو 1: 14)، وأيضًا يقول: «لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ، وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلًا الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ» (كو 1: 19 و20).

+ الصليب قوة لتقديس المستقبل: يقول معلِّمنا بولس الرسول: «فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» (عب 10: 10)، ثمَّ يوضِّح الكارز العظيم قوله بعد ذلك: بأننا قد نِلنا هذه القداسة بدمِ المسيح، ويدعونا لممارسة هذا النهج عينه حيث يكتب: «لِذلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ، فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ» (عب 12: 13)، ويؤكِّد الرسول على أهمية السلوك المقدَّس بقوله: «اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ» (عب 12: 14).

+ الصليب قوة للثبات في الله: يطالبنا الرب يسوع بأن نثبُت فيه بالاتحاد الكامل معه، وذلك بتناول جسده ودمه الأقدسين، وهما اللذان قدَّمهما جهارًا على الصليب أولًا، فيقول لنا بصراحة ووضوح كاملين: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ» (يو 6: 56).

+ الصليب قوة لنوال الحياة الأبدية: أوضح الرب يسوع أنه بدون التقدُّم لتناول جسده ودمه الأقدسين، لن نستطيع نوال الحياة الأبدية، إذ قال لنا: «إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ» (يو 6: 53 و54).

إذن، الصليب يحمل قوة الخلاص والغفران بسبب الإله المتجسِّد المعلَّق عليه، حبًا وفداءً لخليقته، ومن قِبَل دم هذا الحمل الذبيح الذي بلا عيب، تحوَّل الصليب إلى عرشٍ إلهي لله العليّ ينطقُ بأجلِّ معاني الغفران والحبِّ والرحمة، وصار منارة رجاءٍ لكل متطلعٍ للغفران والخلاص؛ كما أشار الرب يسوع لذلك بقوله: «وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ» (يو 12: 32).

الصليب ختم الجهاد:

إنَّ كلَّ مفاعيل الصليب وقوة الغفران الممنوحة لنا من قِبَله، لن نقدِر على اقتنائها إلَّا إذا كانت لنا شركة وعلاقة حقيقية وراسخة مع هذا الصليب ومع الإله المصلوب عليه؛ فكما ذكرنا أنه من اللازم أولًا أن نحمل الصليب لنستحق أن نُدعى تلاميذ للرب، وهذا يتحقَّق باستعداد الجهاد الحقيقي حتى الدم مع صلب الأهواء والشهوات، والقتال الدائم ضد كل ما يعوق طريقنا نحو إكمال مسيرتنا على دربه، في شركة آلام صادقة وأمينة حتى الموت. كذلك أيضًا علينا أن نسعى باجتهاد في سلوكٍ مقدَّس وسيرة مرضية أمام الله والناس. لأن كلَّ من أراد أن ينال بهجة القيامة وينعم باستحقاقاتها، عليه أن يكون مستعدًا لحمل صليبه والجهاد حتى الموت، من أجل اقتناء ثمارها، ونوال إكليل الحياة.

فالجهاد بلا هوادة، مع الصبر والشكر والصلاة بلا انقطاع، هو الطريق الآمن لإتمام معنى الصليب والشركة فيه في حياتنا، وسبيلنا للتمتُّع بنعمه وبركاته.

الصليب طريق النُّصرة :

+ الصليب نُصرة على الذات: كرَّس الرب يسوع لنا طريقًا ملوكيًّا للنُّصرة، ومثالًا عمليًّا لكيفية تحقيقها بالغلبة على الذات؛ وذلك بالطاعة الكاملة إلى الموت، والخضوع لمشيئة الآب السماوي؛ وذلك كقوله للآب: «لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» (مت 22: 42)، وأيضًا قوله: «الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟» (يو 18: 11). والقديس بولس الرسول يشرح لنا روعة هذه الطاعة والخضوع للآب السماوي بقوله: «مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ» (عب 5: 8)، ويقول كذلك في رسالته إلى أهل فيليبي: «... وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ ، لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا...» (في 2: 8 و9). فالرب يسوع بطاعته على الصليب وقبوله الموت - إكمالًا لمشيئة الآب - قد أعطانا نحن أيضًا بقوة صليبه، القوة والقدرة أن نغلب كلَّ شهوات وأهواء ذواتنا، وكلَّ ميول أنفسنا ونسلِّم إرادتنا ومقادير حياتنا لله مخلِّصنا لننجو برحمته.

+ الصليب نُصرة على الجسد: إنَّ كلَّ حروب الجسد وميوله وكلَّ ضعفات النفس وأهوائها، لا تقدِر أن تقف حائلًا أمامنا يعوقنا عن إتمام خلاصنا؛ ذلك إن تمسَّكنا بصليب المسيح وقوته معنا لتؤازرنا. فالصليب سلاح بتَّار أمام كلِّ خيالات ومحاربات إبليس لنا، وقوة معضِّدة بالنعمة مقابل ضعفات أجسادنا المتنوِّعة. وجميع القديسين كانوا يصرخون ويستنجِدون بعلامة الصليب في ضيقاتهم وحروبهم، فتنحلُّ عنهم كلُّ قوى الشرِّ، ويجتازون بأمانٍ كلَّ ضعفات أجسادهم ونفوسهم بل وأمراضهم بقوة ونعمة الصليب المحيِّي. والقديس بولس يحضُّنا على اقتناء النصرة بالجهاد والشركة في الصليب، بصلب أجسادنا وكل أهوية قلوبنا حتى نقدِر أن نشترك أيضًا في مجده بقوله: «وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ» (غل 5: 24).

+ الصليب نُصرة على العالم: إنَّ كلَّ من احتمى بالصليب وآمن به وبالمصلوب عليه، استطاع أن يغلب ويقهر العالم وكلَّ قواته الشريرة، وصار آمنًا من كل خطرٍ من الشرير. والقديس بولس يشهد بقوله: «وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ» (غل 6: 14). فالصليب سلاح للنصرة لأنه يحمل قوة وسلطان الإله المُعلَّق عليه. وبهذا الإيمان نقدر أن نحظى بالغلبة، كما يقول يوحنا الرسول: «وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا» (1يو 5: 4). (1يو 2: 17). وكما نقول في لحن (أومونوجينيس) في جمعة الصلبوت: ”الذي أظهر بالضعف ما هو أعظم من القوة“، وأيضًا نقول: ”ياربي يسوع المسيح الذي صُلب على الصليب إسحق الشيطان تحت أرجلنا“ (أسبسمس واطس عيد الصليب). حينئذ نقدِر أن نترنَّم قائلين: ”بالصليب يعظم انتصارنا“..

(يتبع)

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis