حول الأحداث الجارية


أحد شعانين دموي في مصر
تفجيران بكنيستين
وعشرات الشهداء والجرحى



تفجيران انتحاريان أثناء قدَّاس أحد الشعانين بكنيستين قبطيتين في طنطا والإسكندرية:

في أثناء قدَّاس أحد الشعانين الموافق 9 أبريل سنة 2017م، استُشهِـد 44 شخصاً وأُصيب نحو 126 آخرين بجروحٍ مُتفاوتة في درجة خطورتها، إثر تفجيرين آثمَيْن قام بهما إرهابيَّان بأحزمة ناسفة، ضربا كنيستين قبطيتين أرثوذكسيتين في كلٍّ من مدينة طنطا ومدينة الإسكندرية.

التفجير الأول:

نَجَمَ هـذا التفجير عن محاولة إرهابي تفجير نفسه بحزامٍ ناسف داخـل كنيسة مار جرجس بشارع النحَّاس في طنطا بمحافظة الغربية، والتي تبعد 120 كيلومـتراً شمال القاهـرة. وكـانت الحصيلة الرسمية الأخـيرة التي أكَّـدتها وزارة الصحة والسُّكَّان المصريـة، أنَّ هـذا التفجير الإرهابي قد أودَى بحياة 27 شخصاً وأسفر عـن إصابة 78 آخرين (وهي أعداد قابلة للازدياد).

وفي الوهلـة الأُولى لحـدوث الانفجار، قال محافظ الغربيـة اللواء أحمد ضيف للتليفزيـون المصري: ”إنَّ الانفجار حدث داخل الكنيسة أثناء الصلاة، حيث تمَّ زرع قنبلة في الصف الأول“.

هذا الكلام قيل في أعقاب حدوث الانفجار، ولكـن فيما بعد اكتُشِفَ أنَّ الانفجار حدث نتيجة تفجير إرهابي نفسه بحزامٍ ناسف داخـل كنيسة مار جرجس بطنطا.

الانفجار الثاني:

حـدث مـع انتهاء قـدَّاس أحـد الشعانين، أن حـاول أحـد الأشـخاص الدخـول مـن أحـد الأبواب الجانبيـة للكنيسـة المـرقسـية التـابعـة لقسـم العطَّـاريـن بـالإسكندريـة، وعندمـا طُلِبَ منه أن يدخل مـن خلال البوَّابة الإلكترونية الخارجية، إذا بصُفَّارة إنذار تُطلَق من البوابة مُشيرة إلى وجود جسم معدني؛ مِمَّا حَدَا بهذا الشاب الإرهابي، والذي كان يرتدي حزاماً ناسفاً، بأن يُفجِّر نفسه.

وقـد أدَّى هـذا الانفجـار إلى استشهاد 17 مواطناً، وإصابة 48 آخريـن. وقد أعلنت وزارة الداخلية المصرية أنَّ مـن ضمن الضحايـا 4 ضباط وضابطات ينتمون إلى الشرطة المصرية.

وقد ترأَّس قداسة البابا تواضروس الثاني قدَّاس أحد الشعانين في الكنيسة المرقسـية بالإسكندرية.

تشكيل لجنة من وزارة الصحة

لمتابعة الحادثين فور وقوعهما:

وقال خالد مجاهد، المتحدِّث الرسمي لوزارة الصحة والسُّكَّان في بيان رسمي: إنَّ 14 سيارة إسعاف مُجهَّزة تمَّ إرسالها إلى موقـع الحادثَين. وتمَّ نقـل جثامـين الشـهداء والمُصابـين إلى مستشفيات: مصطفى كامـل والعسكري والميري والجامعي. وأكَّـد مجاهـد أنـه تمَّ رفـع درجة الاستعداد إلى الدرجة القُصوى بجميع مستشفيات محافظتَي الغربية والإسكندرية.

وأوضح المتحدِّث الرسمي أنَّ الدكتور أحمد عماد الدين وزيـر الصحة المصري، شكَّل لجنة كانت في قلب الحَدَث فور وقوع الحادثَيْن. وهذه اللجنة مُكوَّنة مـن شريف وديع مستشار الوزير للرعايـات، وأحمـد الأنصـاري رئيس هيئـة الإسـعاف المصريـة، ومحمـد شـوقي رئيس قطـاع الطـب العلاجي؛ وذلـك لتوفـير كـل الرعايـة الطبيَّـة للمُصابين والتأكُّد مـن توفُّر أكياس الدم اللازمة.

مصر تُعلن الحداد في البلاد لمدة 3 أيام:

وقـد أعلنت جمهوريـة مصر العربية الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام على شهداء ومُصابي تفجيرَي كنيسـة مـار جرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندريـة الذي حدث يـوم أحد الشعانين الموافق 9 أبريل 2017م صباحاً، وذلك بحسب ما نقلته وسائل الإعلام المصرية.

اجتماع مجلس الدفاع الوطني،

وإصدار الرئيس السيسي عدَّة قرارات:

وقـد دعـا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى عقد اجتماعٍ عاجل لمجلس الدفاع الوطني؛ فيما توجَّـه رئيس مجلس الوزراء المهندس شـريف إسماعيل ووزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفَّار ووزيـر الصحـة والسُّكَّان الدكتور أحمـد عماد الدين، إلى مدينتَي طنطا والإسكندرية لمعاينة آثار الحادثين الإرهابيَّيْن واتِّخاذ الإجراءات اللازمة.

وقـد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، إثر انتهاء اجتماع مجلس الدفاع الوطني، قراراً جمهورياً بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدَّة ثلاثـة أشهر بعد موافقـة مجلس النوَّاب المصري. وكـذلك أعلـن عـن تشـكيل المجلـس القومـي لمُكافحـة الإرهـاب والتطـرُّف، والـذي أعطاه صـلاحيات واسعة، وذلـك بعـد اسـتيفاء جميع الإجراءات القانونيـة والدستوريـة. وقـد أصدر أوامره - في وقتٍ سابق - بنزول بعض وحدات القوات المسلحة المصرية لمُعاونة قوات الشرطة في حماية المنشآت الحيوية بطول البلاد وعرضها درءاً لأيَّة مُخطَّطات إرهابية تستهدف البلاد.

إجراءات أمنية مُشدَّدة في أعقاب التفجيرين:

وقـد شهدت العاصمة المصريـة ”القاهرة“، استنفاراً أمنياً وانتشاراً سريعاً لقوات الأمن، وذلك إثـر الأحداث الدامية التي شهدتها كنيسة الشهيد مار جرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية.

كمـا فـرضت الأجهزة الأمنيـة بـالأقصر إجراءات أمنية مُشدَّدة بمحيط المناطـق الأثريـة والسياحية والكنائـس، وبالقـرب مـن المُنشآت الحيوية وأماكن تجمُّع المواطنين.

قدَّاسان في ليلة عيد القيامة المجيد في المستشفيات العسكرية حضرهما مُصابو تفجير مار جرجس بطنطا وأُسرهم:

وفي لفتـة وطنيـة ومشاعر إنسانيـة، تؤكِّد التلاحُم والوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد مصر، أُقيم قدَّاسان خصيصاً ليلة عيـد القيامـة المجيـد الموافـق الأحـد 16 أبريل 2017م، لمُصابي تفجير كنيسـة مـار جرجس بطنطا وذويهم، وذلك داخل مستشفيات القوات المسلحة بالقاهرة؛ حيث بـادرت قيادة القوات المسلحة بـاقتراح إقامـة قدَّاسَيْن إلهيَّيْن للمُصابين داخل المستشفيات العسكرية، حرصاً منها على مُشاركة المُصابين سـائر الشعب القبطي في طقوس عيد القيامة المجيد.

وقـد أُقـيم القدَّاسـان بمستشـفى المعـادي العسكري، ومستشفى الجلاء العسكري.


مُصابو أحد التفجيرين الإرهابيَّيْن وهم يحملون الشموع ويُرتِّلون ألحان القيامة المُبهجة برغم آلامهم، ذلك أثناء قدَّاس عيد القيامة المجيد الذي أُقيم بإحدى المستشفيات العسكرية

وقد تمَّ تخصيص قاعة أُقيم فيها أحد القدَّاسين الإلهيَّيْن بحضور المُصابين وأُسـرهم، وكـذلك بمشاركة لجنة إدارة الأزمات بالكنيسة برئاسة نيافة الأنبا بيمن، والتي قامت بالترتيب والتنسيق مـع القوات المسلحة مـن خلال المهندس رأفت الخناجري عضو اللجنة.

وقد كانت هذه اللفتة الكريمة سبباً في إضفاء حالة مـن السعادة على وجوه المُصابين، الذيـن شـارَكَ بعضهم في خورس الشمامسـة وهـم جالسون على كراسي مُتحرِّكة.

وقـد شارَك المُصابون وعائلاتهم في ألحان القيامة بعد إطفاء الأنـوار وإشعال الشموع في مشهدٍ اهتزَّ له جميع الحضور. وكذلك اشتركوا في دَوْرَة القيامة بعد إنارة الأضواء وقد حملوا الشموع في أيديهم وهم يُـرتِّلون ألحان القيامـة المُبهجة، مِمَّا أَضْفَى عليهم وعلى جميع الحضور سعادة وفرحة في هذا اليوم المجيد رغم الآلام الجسدية التي كانوا يُعانون منها.

وقد كلَّفت الكنيسة القبطية القس بافلوس كاهن كنيسة طنطا بإقامة القدَّاس الإلهي في مستشفى الجلاء العسكري؛ والقس بولس من كنيسة الملاك بشيراتون بإقامة القدَّاس الإلهي في مستشفى المعادي العسكري.

وعقب انتهاء كل قدَّاس من القدَّاسَيْن، أقامت القوات المسلحة مأدبة عشاء للمُصابين وأُسرهم، وذلك بحضور عدد من قيادات المستشفى ورئيس المُجمَّع الطبي، لتقديم الدعم والمساندة للمُصابين وتعضيد أُسرهم.

وقال القس بافلوس: إنه لأول مرَّة في التاريـخ، يُقـام قـدَّاس إلهي داخـل مستشـفى عسكـري. وقـد بـادرت القوات المسلحة بطلب ذلك، وكـان الاقتراح أن يُقام القدَّاس الإلهي في مستشفى واحـدة على أن يُنقـل بقيـة المُصابـين إليهـا. ولكـن القـوات المسلحة أصـرَّت على إقامـة قدَّاسـين حتى لا يُرهَـق المُصابون في نقلهم من مكانٍ إلى مكانٍ آخر، مِمَّا قد يُسبِّب لهم آلاماً إضافية.

وقـد وجَّـه القس بولس في قدَّاس مستشفى المعادي العسكري، في كلمتـه، الشُّـكر لقيادات القوات المسلحة على هـذه المشاعـر الطيِّبـة، ووقوفهم طـوال القدَّاس لتقديم كافـة الخدمات ومُساندة المُصابين وأُسرهم.

وقـد تكلَّم قُدْسه، في كلمته التي ألقاها أثناء قدَّاس عيد القيامة المجيد، عن الآلام وكيف يُعطي الله التعزية والسلام للمتألِّمين.


أحد الكهنة الذي كان يخدم القدَّاس الإلهي ليلة عيد القيامة المجيد بإحدى المستشفيات العسكرية

**** الذين انتقلوا، قد سبقونا إلى الحياة الأبدية ************************************

[لا ينبغي علينا أن نبكي إخوتنا الذين قد اجتذبتهم دعوة الرب من هذا العالم، لأننا نَعْلَم أن‍هم لم يَفْنَوْا، بل فقط سبقونا في الارتحال. إن‍هم قد تركونا - كمسافرين مُرتحلين - وأسرعوا في الإبحار قبلنا. فلا ينبغي، إذن، أن نبكيهم؛ بل أن نَغِيرَ منهم. ولا أن نلبس هنا ملابس الحداد الداكنة؛ بينما هم، هناك، قد لبسوا ثياب الفرح البيضاء.

لا يليق بنا أن نُعطي فرصةً لغير المؤمنين أن يُعيِّرونـا، بسبب أننا نحزن على أولئك الذين نُصرِّح بأن‍هم أحياءٌ عند الله، كما لو أن‍هم تلاشوا وفَنَوْا. نحن نخون رجاءنـا وإيماننا، فيبدو أنَّ ما نقوله ونُنادي بـه وكأنه خيالٌ واختلاقٌ وخداع. إنه لا يُجدينا شيء أن نتشبث بالشجاعة بالكلام، وننقض الحقيقة بالأعمال...

فالمسيح ربنا وإلهنا يُنبِّهنا ب‍هذه الأقوال: «أنا هو القيامة والحياة. مَن يؤمن بي، ولو مات، فسيحيا. ومَن آمن بي، فلن يموت إلى الأبد» (يو 11: 26،25). فإن كُنَّا نؤمن بالمسيح، وإن كان لنا ثقة في كلامه وفي مواعيده، وإن كان لا يمكن أن نموت أبـداً؛ فلنتقدَّم بفرحٍ واثق نحو المسيح، الذي معه سنحيا ونملك إلى الأبد.

عندما نموت، فنحن في الواقع نعبُر - بالموت - إلى حياة الخلود. والحياة الأبدية لا يمكن أن تُعطَى لنا، إلاَّ إذا خرجنا من هذا العالم. فالموت ليس محطَّة ن‍هاية؛ بل هو طريق للعبور. فنهاية رحلتنا، في هذا الزمان، هي نقطة انطلاقنا إلى الأبدية].

********************************************** [القديس كبريانوس الشهيد أسقف قرطاجنة (205-258م)]

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis