طعام الأقوياء
- 94 -



«أقامنا معه وأجلسنا معه في
السماويَّات في المسيح يسوع»
(أف 2: 6)

”أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له“:

يفتتـح القديس بولس الرسـول رسـالته إلى العبرانيين بقوله: «اللهُ، بَعْدَمَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ، الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِـهِ، بَعْدَمَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَـا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، صَائِراً أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْماً أَفْضَلَ مِنْهُمْ» (عب 1: 1-4).

نُلاحِظ في هذه الآيات أنها تتضمن تقابُلاً بين استعلان الله قديماً، واستعلانه في هـذه الأيـام الأخيرة؛ بين كلامه للآباء قديماً بواسطة الأنبياء، وكلامه لنا في ابنه. فكلامه للآباء كـان عـن طريق الأنبياء؛ أمَّا كلامه لنا نحن - الذين انتهت إلينا أواخر الدهور - فكان بدون وساطة إذ كلَّمنا في ابنه، أي أنه كان هو المُتكلِّم في ابنه (الذي يُوضِّحه حرف ”في“). أي أنَّ الآب - من فرط محبته للبشر – أرسل لنا ابنه الوحيد الذي أَخذ جسداً مساوياً لنا في كـلِّ شيء ما خلا الخطية وحدها (يو 3: 16).

فالابن الوحيد الذي بذله الآب من أجلنا، كان في حضن الآب ومساوياً له في أزليته، وهو الذي استَعلَن لنا الآب في شخصه، إذ يقـول الكتاب: «اللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. الاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ» (يـو 1: 18). لذلك كان الابن ينسب كـل ما يقوله وما يعمله للآب (انظر يو 5: 19-21، 27،26).

مـن هـذا يتضح قـول بولس الرسول في الرسـالة إلى العبرانيين: «فِي ابْنِـهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ، الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُـلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِـهِ، بَعْدَمَا صَنَعَ بِنَفْسِـهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَـانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَـةِ فِي الأَعَالِي، صَائِـراً أَعْظَـمَ مِـنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْماً أَفْضَلَ مِنْهُمْ» (عب 1: 2-4).

+ فانظروا مجد وعظمة بهاء الابن: فهو بهاء مجد الله ومساوٍ له في الجوهر، وشريكٌ مع الآب في كلِّ شيء، إذ هو كلمة قدرته. وفي هذا يقول الأب متى المسكين:

[فالذي تكلَّم في القديم هـو الذي تكلَّم في هذه الأيام الأخيرة. ولكـن ببراعة مُدهشة، يضع سِفْر العبرانيين الفارق الهائل بين كلمة الله في القديم وكلمة الله في هـذه الأيـام (الأخيرة)، قائـلاً هكـذا: «اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِـنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّـهُ إِنْ كَـانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُـوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِـنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْـنُ الْمُرْتَدِّينَ عَـنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ!» (عب 12: 25)](1).

+ ويُفسِّـر الأب متى المسكين معنى هـذه الآية، قائلاً:

[وهذا ينقلنا إلى موضوع الرسالة، بمعنى أنَّ استعلان الله بالأنبياء قديماً صار عِبْرة لنا بعد وضـوح الاستعلان وبلوغه وكماله ومُنتهاه. لـذلك أيضاً مُكمِّـلاً: «الَّذِي صَوْتُـهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلاً: ”إِنِّي مَرَّةً أَيْضاً أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضاً“» (عـب 12: 26)؛ بمعنى أنَّ الشعب الذي استعفى مـن صوت الله وارتدُّوا عنه، أَرعبهم بزلزلة الأرض. أمَّا نحن فإنَّ ارتدادنا عنه سوف يُزعزع لنا الأرض والسماء، فلا يكـون لنا راحة على الأرض ولا رحمة من السماء. نعم، حينما تميد الدنيا بالخاطئ الذي دخل في خصومة مع الله، حينئذ سوف يرى صـدق هـذا الكلام. فالأرض يحسُّها وكأنها تميد مـن تحتـه، والسماء مكفهـرة تشيح بوجهها، فـلا سلام على الأرض ولا رحمة من السماء](2).

+ ويُعلِّق على هذه الآية أيضاً القديس يوحنا ذهبي الفم، فيقول:

[أي انظروا أن لا تفقدوا رجاءكم، «لأَنَّـهُ إِنْ كَـانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِـنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ». مَن يقصد؟ أعتقد أنـه يقصد موسى! مـا قاله يعني الآتي: ”إن كان أولئك (اليهود) الذيـن رفضوا أن يخضعوا لموسى، الذي أَعلن لهم الوصايا الإلهية على الأرض، لم ينجوا؛ فكيف ننجو نحـن الذين رفضنا أن نخضع للذي يُشرِّع من السماء؟“](3).

«الله الذي هو غَنيٌّ في الرحمة... ونحن أمواتٌ

بالخطايا أحيانا مع المسيح» (أف 2: 5،4):

هـذا الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب، ”الغَني في الرحمـة“، جـاء إلينا علـى الأرض وصار ابن الإنسان، لكي يُنقذ حياتنا مـن الفساد ويُكلِّلنا بالمراحم والرأفات، ويُحيينا مـن مـوت الخطية؛ وليس ذلك فقط، بل يُحيينا معه. لأنه إذ أَخَذ جسـد بشريتنا أحيانـا معه. ويُكمِّل القديس بولس الرسول قائلاً: «وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّـاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِيُظْهِـرَ فِي الدُّهُـورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أف 2: 7،6).

+ وفي هذا يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:

[”أقامنا معه“، لأنـه حتى قيامة المسيح، لم يكن أحدٌ قام على الإطلاق، إلاَّ فقط حين قام الرأس، فـأقامنا معه... وهكذا أجلسنا معه، فحينما جلس الرأس جلس الجسد معه. ولذلك أضاف: ”مع المسيح“. فإن لم يكن يقصد هذا المعنى، فإنه يعني أنه أقامنا بالمعمودية. إذن، كيف أجلسنا معه (في السماويَّـات)؟ يتَّضح ذلك من خلال قوله: «إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضاً مَعَهُ» (2تي 2: 12)، «إِنْ كُنَّا قَـدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضاً مَعَهُ» (2تي 2: 11). نحـن في حاجـةٍ ماسَّـة إلى الروح القـدس، روح الإعلان، لكي نُدرك عُمق هذه الأسرار](4).

+ ويُكمِل أيضاً قائلاً:

[أتريد أن تعرف كيف أجلسنا معـه أيضاً؟ اسمع المسيح نفسـه الذي يقـول لتلاميذه: «تَجْلِسُـونَ أَنْتُمْ أَيْضاً عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَـرَ» (مـت 19: 28). وأيضاً: «أَمَّـا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَـنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ للَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي» (مت 20: 23). حتى هذا أيضاً قد أعدَّه. وحسناً قال: «باللطف علينا في المسيح يسوع». لأن الجلوس عن اليمين هو علامة كرامة تفوق كـل كرامة، والتي ليس بعدها كرامة. إذن، فهو يقول هذا، لأننا نحن أيضاً سنجلس، إنَّ ذلك يُعتَبَر حقّاً غِنًى فائقاً. كما أنَّ عظمة قدرته الفائقة هي بالحقيقة أيضاً لا تُغلَب. إذن، سنجلس مع المسيح... يقـول أيضاً: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضاً يَكُونُ خَادِمِي» (يو 12: 26)... فكِّر في أين يجلس الابن؟ إنه يجلس فوق كل رياسة وسلطان. ومع مَن يجلس؟ مع الآب. فمَن تكون أنت؟ أنت ميتٌ وبالطبيعة ابـن الغضب. ومـاذا حقَّقتَ أو أنجـزتَ؟ لا شيء. بالحقيقة إنهـا الآن اللحظة المُناسبة لنصرخ ونقـول: «يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ!» (رو 11: 33)](5).

«كيف ننجو نحن إنْ أهملنا خلاصاً

هذا مقداره؟» (عب 2: 3):

يقـول بولس الرسول: «كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هـذَا مِقْدَارُهُ؟ قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِداً اللهُ مَعَهُمْ بِآيَـاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ» (عب 2: 4،3).

إنَّ الرسول بولس بقوله: «كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هـذَا مِقْدَارُهُ؟»، يُعلِن لنا أنَّ هـذا الخلاص الذي تمَّ في العهد القديم لم يكـن بهـذا المقدار الهائل. فهو لم يُخلِّصنا الآن من حروب، ولا أعطانـا الأرض وخيراتها؛ أمَّا المسيح فقـد أَبطـل المـوت وأَبـاده وسَحَق الشيطان ونَقَضَ أعماله، ووعدنـا إنْ ثَبَتْنَا فيه أن يُعطينا ملكوتـه الأبدي ويُقيمنا معه ويجلسنا معه في السماويَّات. ومَـن هـو الذي وعدنا بكلِّ هـذه الوعود؟ إنه «الْمُبَارَكُ الْعَزِيـزُ الْوَحِيدُ: مَـلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الَّذِي وَحْـدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَـرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ» (1تي 6: 16،15).

وكيف يمكن أن نجلس معه في السماويَّات، وهو الساكن في نورٍ لا يُدنَى منه، والذي لم يَرَه أحـدٌ ولا يقـدر أن يـراه؟ ذلـك لأنـه أَخَـذ جسـدنا فصرنـا فيه وهـو فينا، ولأنـه أعطانـا روحـه القدوس. لـذلك يقـول لتلاميـذه: «أَنْتُمُ الَّذِيـنَ ثَبَتُـوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَـا أَجْعَلُ لَكُـمْ كَمَا جَعَـلَ لِي أَبِي مَلَكُوتـاً، لِتَأْكُلُـوا وَتَشْرَبُـوا عَلَى مَائِـدَتِي فِي مَلَكُوتِي...» (لو 22: 28-30).

فالمسيح هـو رأس الجسد الكنيسة «... الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ» (أف 1: 23،22). كما جاء في سِفْر الرؤيا: «وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ» (رؤ 1: 6). كما يقـول: «هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَـابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِيـنَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ» (رؤ 17: 14).

وأيضاً يقـول: «وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَـائِلِينَ: ”مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُـذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِـنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكـاً وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ (الجديـدة)“» (رؤ 5: 10،9). كـذلك يقـول بولـس الرسـول: «لِذلِكَ وَنَحْـنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتاً لاَ يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَـا شُكْرٌ بِـهِ نَخْـدِمُ اللهَ خِدْمَـةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى» (عب 12: 28).

”نحن الذين سيُصعدنا معه بجسده الخاص“:

+ يقول القديس أثناسيوس الرسولي:

[لقد جـاء الرب لكي يُحدِر الشيطان، ويُطهِّر الهـواء، ويُهيِّئ لنا طريـق الصعـود إلى السموات، كما يقول الرسول: «عَبْر الحجاب أي جسـده» (عـب 10: 20)... وهكذا لمَّا رُفِعَ قـد طهَّر الهواء... كما يقـول: «رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطاً مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ» (لـو 10: 18). ثـم افتتح الطريق إلى السموات، قائـلاً أيضاً: «ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، وارتفعي أيها الأبواب الدهريـة» (مـز 24: 7). لأنـه لم يكـن هـو المحتاج إلى فَتْـح الأبواب، إذ هو رب الكل، ولم يكن شيء من المصنوعات مُغلقاً أمام خالقه؛ بل نحن الذين كُنَّا نحتاج إلى ذلك، نحن الذين كـان يُصعدنا معه بجسده الخاص. فكما أنه قدَّم هذا الجسد للمـوت مـن أجـل الجميع، هكـذا أيضـاً بواسطته قـد أعـدَّ (لنا) طريق الصعود إلى السموات](6).

جلس كابن لكي يجعلنا نحن أيضاً

نُدعَى أبناء الله فيه:

+ كما يقول القديس كيرلس الكبير:

[لقد كرَّس لنا الرب يسوع المسيح ”طريقاً حديثاً حيّاً“... فليس لنفسه قد صعد المسيح ليَظهر أمام وجه الله الآب؛ لأنه كان، وهو كائن، وسيكون دائماً في الآب، وهو ماثلٌ أمام عينَي أبيه الذي يفرح بـه كل حين. وأمَّا الآن فاللوغوس الذي كان منذ القديم مُنزَّهاً عن البشرية، قد صعد الآن كإنسـان، ليَظهر بطريقةٍ غير مألوفة وعجيبة. وهذا كـان لأجلنا ولصالحنا نحن، حتى إذ وُجِدَ كإنسان وهـو نفسه الابن بقوَّةٍ، وإذ سمع هذه الكلمات المُوجَّهة له بكلِّ كيانه، بما فيه الجسد: «اجلس عـن يميني» (مـز 109: 1)؛ يُوصِّل مجد التبنِّي إلى عموم الجنس (البشري)...](7).

(يتبع)

(1) ”شـرح الرسالة إلى العبرانيين“، عب 1: 2،1، ص 115.
(2) نفس المرجع السابق، ونفس الصفحة.
(3) ”تفسير الرسالة إلى العبرانيين“ (مؤسسة القديس أنطونيوس)، ص 409.
(4) ”تفسير الرسالة إلى أهل أفسس“ (مؤسسة القديس أنطونيوس)، ص 79،78.
(5) نفس المرجع السابق، ص 80.
(6) ”تجسُّد الكلمة“، 25: 6،5.
(7) ”تفسير إنجيل يوحنا“، 14: 3،2.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis