ادخل إلى العمق


- 17 -
امتلئوا بالروح
(أف 5: 18)




تمهيد:

يشهد القديس يوحنا الرسول بالروح، في رسالته الأولى قائلًا: «الرُّوحُ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ، لأَنَّ الرُّوحَ هُوَ الْحَقُّ. فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ» (1يو 7،6:5). وإيماننا المسيحي يُقرُّ بأنَّ الروحَ القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت، إذ أنَّ الربَّ يسوع في حديثه مع المرأة السامرية، يقول لها: «اللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» (يو 24:4). كذلك يكتب بولس الرسول إلى أهل كورنثوس قائلًا: «وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ» (2كو 17:3). هذا فضلًا عن أنَّ قانون الإيمان المسيحي يُقنِّن هذا الاعتراف، حيث يسجِّل: ”نعم نؤمِن بالروح القدس، الربُّ المحيي المُنبثِق من الآب“. ولكن بالرغم من هذا الاعتراف والإقرار، فإنَّنا نجدُ كثيرين من المؤمنين لا يُدرِكون طبيعة هذا الأقنوم الإلهي، ولا يتعاملون معه ويُخاطبونه بوعيٍ وإدراكٍ حقيقي لعظمة دوره، وحقيقة مكانته في حياتهم كإله محيي؛ حسب التعبير: (الربُّ المحيي).

والحقيقة أنَّ هذا الأمر - أي عدم إدراك ومعرفة ماهية أقنوم الروح القدس وطبيعته - قد ظهر منذ القديم؛ حيث ردَّ التلاميذ في أفسس على بولس الرسول بغرابة، عندما سألهم بقوله: «هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟»، فأجابوه: «وَلاَ سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقُدُسُ» (انظر: أع 2،1:19). لذلك صار من المهُمِّ لنا أن نقترب أكثر، وبكلِّ مهابة وإكرام وتخشُّع، لنتعرَّف ونمتلئ ونفرح بهذا الأقنوم الإلهي ال‍مُمجَّد.

عمل الروح القدس هو نفسه عمل الأقانيم:

* الآب والابن والروح القدس هم اسمٌ واحد لله.

* كلٌّ من هذه الأقانيم الثلاثة دُعِيَ بالنور: فعن الآب كُتِب: «اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ» (1يو 5:1)، وعن الابن نادى الربُّ يسوع قائلًا: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ» (يو 12:8)، وعن الروح القدس الذي أعطانا الآب إياه باسم ابنه؛ فيقول: «لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلًا ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ» (أف 8:5)، ويشرح لنا القديس مقاريوس الكبير ذلك المعنى بقوله: [إذ تتحد (النفس) مع الروح المعزي بأُلفة لا تُوصف، وتختلط بالروح تمامًا؛ تُحسَب أهلًا أن تصير هي نفسها روحًا في اختلاطها معه، حينئذ تصير كلها نورًا وعينًا وفرحًا وراحة وبهجة ومحبة وأحشاءً وصلاحًا ورأفات (260)] .

* يُقال عن الروح القدس- كما عن الله - إنَّه نارٌ؛ كما ورد في شهادة يوحنا المعمدان عن الربِّ يسوع، إذ قال عنه: «هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ» (مت 11:3). وذكره القديس أنبا أنطونيوس في خطابه الأخير لأولاده بقوله: ”هذا الروح الناري الذي قَبِلته أنا اقبلوه أنتم أيضًا... واطلبوا بكلِّ قلبكم هذا الروح الناري القدوس، وحينئذ يُعطَى لكم“. وأيضًا ورد نفس الاسم عن الله في مواضع أخرى أنَّه نارٌ آكلة، كما في سفر التثنية: «لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ، إِلهٌ غَيُورٌ» (تث 24:4).

* كُتِب أيضًا عن الروح القدس أنَّه روح الحياة؛ كما يظهر في التعريف الوارد في قانون الإيمان: ”الربُّ المحيي“، وذلك توثيقًا لما وردَ في الكتاب المقدس: «فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ» (رو 11:8). وأيضًا قول الربِّ يسوع: «اَلرُّوح هُوَ الَّذِي يُحْيِي» (يو 63:6)، وأيضًا شهادته عن نفسه (كابنٍ): «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ» (يو 25:1). ويصلِّي الكاهن في الكنيسة في أوشية السلامة الكبرى بقوله: ”فلتَحيا نفوسنا بروحك القدوس“، كما نصلِّي جميعًا في صلوات الساعة الثالثة من النهار مخاطبين الروح القدس بقولنا: ”كنزُ الصالحات ومُعطي الحياة“.

* دُعِيَ الروح القدس أيضًا بروح المسيح، كما ورد في رسالة بولس الرسول لأهل رومية: «وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ» (رو 9:8). ونحن نخاطب الربَّ يسوع في صلاة الساعة الثالثة بالقول: ”روحُك القدوس الذي أرسلته على تلاميذك القديسين...“. وكذلك يشهد الكتاب المقدَّس أنَّ الروح القدس هو نفسه روح الله الآب إذ يقول على فم يوئيل النبي: «وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ...» (يؤ 28:2). وأيضًا قال الربُّ يسوع: «لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ» (مت 20:10).

إذن، فالروح القدس هو الروح المُنبثِق من الآب، في الابن، لكي يمكث معنا إلى الأبد، كما ورد في بشارة يوحنا الرسول: «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ» (يو 17:14)، مقدِّسًا لنا، ومُحقِّقًا لديمومة خلاص المسيح فينا إلى نهاية الأيام، وشاهدًا لأرواحنا أننا أولاد الله (انظر: رو 16:8).

* دُعِيَ أيضًا أقنوم الروح القدس بالحقِّ، وروح الحقِّ: «رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ...» (يو17:14)، وهو نفس الاسم الذي قاله الربُّ يسوع (الابن) عن نفسه: ”أنا هو الحقُّ“ (يو 6:4).

* وأخيرًا، دُعِيَ الروح القدس بأسماءٍ وصفاتٍ أخرى مثل: المُعزِّي (انظر: يو 26:14)، والينبوع، كما كتب: «أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا» (رؤ 21: 6)، وكذلك في قول السيد المسيح للمرأة السامرية: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا»؛ وغيرها مما يخص الله وحده، برهانًا وتأكيدًا على كونه الأقنوم الثالث في جوهر الله الواحد.

من أجل هذا، فنحن نؤمن بوحدانية أقنوم الروح القدس في الجوهر، مع الآب والابن. ونعترف بألوهيته وعظمته، وبأنه الواحد في الثالوث الإلهي الذي به «نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أع 17: 28).

عطية الروح القدس هي
اكتمالٌ للوعد بعمومية عطية الروح للجميع:

تنبأ يوئيل النبي عن هذه العطية وشيوعها في الأزمنة الأخيرة بقوله: «وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ...» (أع 2: 17)، علمًا بأنَّ الروح كائنٌ منذ الأزل، وهو سرُّ الحياة والوجود؛ لكنه كان متواريًا في الخليقة التي فَسَدت، ولم يُستَعلَن إلاّ مراتٍ قليلة، ولأشخاص بعينهم من أجل إتمام غرضٍ أو عملٍ إلهي محدَّد. وحينما تكبَّرت أنفس البشر قديمًا، وشرعوا في بناء برج بابل؛ وازداد كبرياؤهم؛ أرسل الله روحه فبلبَلَ ألسِنتهم وشتَّتهم وأفشَل مشورتهم؛ فانقسموا ولم يحققوا سعيَهم الشرير! بينما أُعطِيَ الروح القدس للتلاميذ في يوم الخمسين في هيئة ألسنة نارية، لنقل رسالة الخلاص للجميع، وتحقيق الوحدة والانجماع باسم يسوع ونعمة الروح القدس لأجل مجد الله، ولو من خلال تعدُّد الألسنة. (لأن الروح القدس بموهبته ونعمته قد جمع الكلَّ في الواحد بسرٍّ عجيب، وبألسنة متعدِّدة ولأجناسٍ مختلفة من البشر)؛ إذ أنَّ عمله وقوته إنما يهبها ويُظهرها في ضعف وتواضع الساجدين والمنسكبين قدامه منتظرين موعد الآب وعمل نعمته؛ حسب القول: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ» (2كو 9:12). أمَّا أولئك المتكبِّرين المجتمعين لبناء برج بابل، فقد بَلبَل ألسنتهم؛ فصارت وسيلة كسر تشامخهم وكبريائهم- التي هي الألسنة - مع أنها هي نفس الأداة التي قدَّسها الروح ووهبها الربُّ للرسل يوم الخمسين شهادة لعمل الروح، وتكريسًا لعمل نعمته في جمع الكلِّ في اسم الربِّ يسوع.

والخلاصة، أنَّ الروح القدس كائنٌ منذ البدء، ولكنه كان مستترًا، أمَّا الآن فقد صار مُستَعلَنًا وموهوبًا للجميع، بكل إنعاماته، منذ يوم الخمسين.

الامتلاء بالروح هو منتهى رجائنا:

قال الربُّ يسوع لتلاميذه عن إرسال الروح القدس: «خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي» (يو 7:16)، والقديس أثناسيوس الرسولي يقول: ”المسيح أخذ جسدًا لكي نأخذ نحن الروح القدس“، وهو نفس ما نردده في صلوات التسبحة ليوم الجمعة: ”هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له...“. كما دعاه الربُّ بالمعزِّي، وبموعد الآب. كذلك يحدِّثنا القديس صاروفيم صاروفسكي عن الروح، كونه هو غاية الحياة المسيحية، إذ يقول: ”إنَّ غاية الحياة المسيحية هي اقتناء روح الله. فالصلاة والسهر والصوم والرحمة والأعمال الصالحة التي تَتِمُّ لأجل المسيح، هي فقط وسائل لامتلاك الروح القدس“(1). فالربُّ يسوع بعدما أكمَلَ عمل الفداء والخلاص للعالم؛ أراد أن يُسلِّم حياته لمن فداهم حتى نهاية الدهور، فوَهبَنا موعد الآب، أي حلول روحه فينا، لكي يشهد بعمله ورحمته وخلاصه كلَّ الأيام، ويمكث معنا إلى الأبد، تتميمًا لوعد الربِّ يسوع: «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ» (مت 20:28)، ولكي يصير لنا مُعلِّمًا ومُرشِدًا وقائدًا ومعضِّدًا، يدبِّر حياة الكنيسة - جسد المسيح - إلى يوم مجيئه. وعليه فقد صار الروح القدس هو بذاته حياة الكنيسة وغايتها ورجاءها. وبواسطته صار المسيح حيًّا فينا، ونلنا به ختم وشهادة البُنوَّة لله، وصرنا ورثة لله الآب، من قِبَل الخلاص الذي صنعه الابن من أجلنا، وبالإيمان باسمه وبعمل روحه فينا في الأسرار الإلهية.

ويكتب لنا الأب متى المسكين عن أهمية الامتلاء بالروح قائلًا: ”أتريد أن تشعر بالراحة؟ أتريد أن تمتلىء بالسلام ويفيض قلبك فرحًا وسرورًا؟ أتريد أن تجد قوة؟ أتريد أن ترتفع روحك وتُحلِّق في سماء الله؟ إذًا، امتلىء بالروح“(2).

كيف نمتلئ بالروح القدس:

يدعو الرسول بولس أهلَ أفسس للامتلاء بالروح القدس بقوله: «وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ» (أف 18:5). فالدعوة للامتلاء بالروح كانت أمرًا هامًّا وضروريًّا بالنسبة للمؤمنين، من أجل إضرام نار الروح القدس وعمله في حياتهم، وحرق كلِّ رواسب وأركان هذا العالم الشرير ومحبته من داخل القلب والنفس والجسد، ونوال سلطان الغلبة والصمود أمام محاربات الإنسان العتيق، بالتوبة والثبات في المسيح. لذلك صار من المهمِّ لنا أن نعرف كيف نمتلئ من الروح القدس؛ وهذا الأمر نوجِزه فيما يلي:

1- بتكريس القلب والحياة لله: إنَّ إتمام إرادة الله وقبول الصليب في حياتنا، هو الذي يُمهِّد القلب لسكنى الروح القدس فينا. كذلك فإنَّ حياة التوبة المستمرة قادرة على تجديد معموديتنا الأولى لعمل كلِّ ما يمجِّد اسم المسيح، بتقديس حواسنا وأفعالنا وأفكارنا؛ وهذا سيجعل الروح يملأ هذه الحياة ويقدِّسها بالنعمة.

2- بالإيمان والثقة في مواعيد الله: يقول الربُّ يسوع: «من آمن بي، كما يقول الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماءٍ حيّ... قال هذا عن الروح» (يو 38،39:7). فالإيمان يَهِب لنا نبع الروح القدس القادر أن يُشبِعنا، ويُشبع كثيرين حولنا.

3- بالكلِمة وطاعة الوصية : كلمة الله رافدٌ هام لتدفُّق نعمة الروح القدس وملئه لقلوبنا، إذ ينقل لنا لوقا الرسول بالروح قول القديس بولس الرسول: «لَمَّا ابْتَدَأْتُ أَتَكَلَّمُ، حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ» (أع 15:11).

4- بالصلاة : العطش الروحي والانسكاب بالصلاة، وطلب المعونة والإرشاد من الروح، هو استجابة من الربِّ الروح، الذي يعطي ارتواءً وشبعًا وسلامًا يفوق كلَّ عقل، ويغطي كلَّ احتياج. فالصلاة قادرة على انتزاع مراحم الله، وسَكْبه لروحه بغنى لملء الجميع، حسب قول الرسول بالروح: «وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (أع 31:4)، كذلك يؤكِّد لنا الربُّ يسوع حتميَّة استجابة الآب لطلب الروح القدس ومعونته وملئه بقوله: «... فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ» (لو 13:11). وينبِّهنا الأب متى المسكين إلى أهمية الصلاة، فيقول عنها: إنها وسيلة الملء من الروح القدس، إذ أن أرواحنا تتلاقى بروح الله في الصلاة؛ لأن الصلاة هي عمل من أعمال الروح القدس، فإذا امتلأنا صلاة امتلأنا بروح الله (3).

5- بالاتضاع: روح الربِّ لا يستريح إلاّ في أصحاب القلوب المتَّضِعَة، الذين يسجدون له بالروح والحقِّ. كما حلَّ على التلاميذ البسطاء؛ صيَّادي السمك، وكما نسجُد نحن مثلهم في صلوات السَّجدة المقدَّسة متمثِّلين بهم، سائلين باتضاع أن نمتلئ مثلهم من الروح القدس.

بواسطة الأسرار المقدَّسة: حينما وضع بولس يديه على المؤمنين امتلأوا من الروح القدس، كما في: (أع 6:19). وهكذا تسلَّمت الكنيسة سرَّ وضع اليد وباقي الأسرار، التي بواسطتها، وبحلول الروح القدس وعمله فيها؛ نشترك في حياة الربِّ نفسه، ونمتلئ من كلِّ ملء الروح. لذلك صارت الأسرار المقدَّسة هي قنوات التوصيل والملء لحياتنا من نبع الروح القدس، الذي ينقل إلينا كلَّ عمل الخلاص الذي صنعه الابن من أجلنا.

__________________________________


(1) انظر ك: القديس صاروفيم صاروفسكي - حياته - تعاليم روحية - ترجمة الراهب بطرس المقاري ص 157 وما بعدها.

(2) الإنجيل في واقع حياتنا - الأب متى المسكين - ص 184.

(3) الإنجيل في واقع حياتنا - الأب متى المسكين - ص 185.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis