طعام الأقوياء - 86 -



«احفظهم في اسمك الذين أعطيتني، ليكونوا واحداً كما نحن» (يو 17: 11)

«ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات»:

حينما حـان وقـت صعود الرب يسوع إلى السماء، بعد قيامته مـن بين الأموات، وبينما كان مع تلاميذه في آخر لقاءٍ معهم قبل صعوده، وبعد أن أنبأهم الرب بقُرب موعد حلول الروح القدس عليهم «لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ» (أع 1: 5)؛ أوصاهم «أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا ”مَوْعِدَ الآبِ“» (أع 1: 4). ثم قال لهم: «لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُـوَّةً مَتَى حَـلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهَودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أع 1: 8).

حينئذ أحسَّ التلاميذ أنـه قـد حان موعد فكِّ ارتباطهم بـأُمَّتهم وشعبهـم ووطنهـم الأرضي ”أورشليـم“، واتِّسـاع رسـالتهم ومسئوليتهـم وكرازتهم لتشمل العالم أجمع، ولم تَعُدْ محصورة في أورشليـم واليهوديـة، بـل سوف تتخطَّاها إلى السامرة وإلى أقصى الأرض. وهنا راودهـم الحنين إلى انتمائهـم الأول كشعب الله المُختار وإلى وطنهـم الأرضي: اليهوديـة وإسـرائيل، وآمالهم القديمة التي ورثوها عـن أجدادهم عن سيطرة إسرائيل ومُلْكها للعالم كله حسب فهمهم اليهودي القديم؛ ولذلك سـألوا المُخلِّص قـائلين: «يَـا رَبُّ، هَـلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟»، فقال لهم الرب: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً...» (أع 1: 6-8).

كان هذا الردُّ من الرب على سؤال التلاميذ، يعني أنهم يُفكِّرون في أمورٍ لا تخصُّهم، لأنهم لم يعودوا بعد مُرتبطين بوطنهـم الأرضي وشعبهم القديم؛ بـل بحلول الروح القدس عليهم سينالون قوَّةً تجعلهم قادريـن على الشهادة للمسيح، الذي صُلِبَ لأجل خلاص العالم، وقـام قاهراً الموت لكي يفتدينا من موت الخطية، وكرزوا بذلك في العالم أجمع. وهذا هو ما أوصاهم به أيضاً في ختام الإنجيل حسب القديس متى الرسول قائلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْـنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُـمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ» (مت 28: 18-20).

الراعي الواحد والرعيَّة الواحدة:

اهتمَّ الرب يسوع منذ بداية خدمته أن يُعلِن ويؤكِّد أنَّ إرساليته موجَّهة لكلِّ العالم، حيث قال: «هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يو 3: 16). ورغم أنـه، في بداية خدمته أيضاً، قد صرَّح قائلاً: بأنه «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ» (مت 15: 24)، إلاَّ أنه قال هذا حتى لا يُعطي فُرصةً لبني إسرائيل أن يتَّهموه بأنـه يكرز للأُمم وتركهم، وكذلك لكي يُظهِر أيضاً مدى عظمة الإيمان الذي كان عند الأُمم لقبوله؛ وذلك عندما شهد للكنعانية قائـلاً: «”يَـا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُـكِ! لِيَكُـنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِيـنَ“. فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِـنْ تِلْكَ السَّاعَةِ» (مت 15: 28).

كما شهد الرب أيضاً لقائـد المائـة الروماني قائلاً: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ، لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَاناً بِمِقْدَارِ هذَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِـنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَـعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُـوتِ فَيُطْرَحُـونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ...» (مت 8: 11،10).

وحينما تكلَّم الرب يسوع عن مَثَل الراعي الصالح وحظيرة الخراف، قال: «أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَـاصَّتِي وَخَـاصَّتِي تَعْرِفُنِي... وَلِي خِرَافٌ أُخَـرُ لَيْسَتْ مِـنْ هـذِهِ الْحَظِـيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِي بِتِلْكَ أَيْضـاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُـونُ رَعِيَّةٌ وَاحِـدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِـدٌ» (يو 10: 14-16).

+ ويُعلِّـق القديس كيرلس الكبير على ذلك قائلاً:

[فإنه لم يحكم فقط قطيع اليهود بل سوف يمتدُّ بنور مجده إلى كلِّ الأرض، ويدعو الأُمم في كلِّ أنحاء العالم إلى معرفة الله. فهو لا يريد أن يكون معروفاً في اليهودية فقط، كما كان الحال في الأَزمنة السابقة؛ بل بالحري في كلِّ بلدٍ تحت السماء يُعطي الحقائق التي تقود إلى التمتُّع بمعرفة الله الحقيقية، (كقول المزمور): «الله قد مَلَك على الأرض كلها. رتِّلوا بفَهمٍ، فإنَّ الرب قد مَلَك على جميع الأُمم، الله جلس على كرسيِّه المقدَّس» (مز 46: 7-9 حسب النص)](1).

صلاة المسيح الختامية في ليلة آلامه:

وفي الصـلاة التي صلاَّها الرب يسوع في ليلة آلامه، رَفَع فيها للآب أعمق مشاعر حبِّه للبشرية، وقدَّم للآب خُلاصة عمله الذي أَكمله، وعلاقته بكلِّ الذين آمنوا به وبمَن سوف يؤمنون، وعلاقته بالآب، ووجوده في الآب، ووجوده فينا، ووجودنا نحن فيه وفي الآب، والغاية النهائية من تجسُّده.

والواقع أنَّ المسيح، في مساء خميس العهد قبل أن ينطق بهذه الصلاة مباشرةً، قدَّم لتلاميذه الاثني عشر جسده مكسوراً عن الجميع، ودمه مسفوكاً عن الجميع؛ وقال لتلاميذه: ”خذوا كُلوا هذا هو جسدي، وخذوا اشربوا هذا هو دمي“، كما سبق وقال لهم: «مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ» (يو 6: 56). ولمَّا رفع عينيه نحو السماء وخاطب الآب بهذه الصلاة الشفاعية، أكَّد فيها عدَّة مراتٍ قوله: ”أنا فيهم“، بعد أن أعطاهم جسده ليأكلوه ودمه ليشربوه.

+ وفي هـذا يقـول القديـس أثناسيوس الرسولي:

[... لأن الكلمة قـد لَبِسَ جسداً وصـار فينا، فبالتالي بسبب الكلمة الذي فينا، يُدعَى الله أباً لنا. لأن روح الكلمة الذي فينا، يدعو بواسطتنا أباه الخاص أباً لنا. وهذا هو قصد الرسول حينما يقول: «أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: ”يَا أَبَا الآبُ“» (غل 4: 6)](2).

+ وفي هـذا أيضاً يقـول القديـس كيرلس الكبير:

[لقد سكن فينا كلمة الله، وجعل الجسد البشري خاصاً له حتى أنَّ كل ما أصاب هذا الجسد مـن جراء ناموس الخطية الصارم... يُبطله بواسطة نفسه. فقـد أماتـه أولاً في جسده الخاص، ثم صار يُرسل فينا نحن أيضاً شركة هـذه النعمة، لأننا نحن منتسبون إليه بحسب طبيعـة الجسد (الذي أَخـذه من طبيعتنا)... فحيث إنَّ طبيعتنا قد تجدَّد شكلها في المسيح أولاً إلى قداستها الأصلية، (لذلك) يجب أن لا يشكَّ أحدٌ في أنَّ نعمة التجديد هذه صارت منذ الآن تمتدُّ منه إلى سائر الجنس البشري. لأن الكلمة لم يكـن يُجدِّد نفسه بصفته هـو الإله، إذ أنه هـو صورة (الله) غير المخلوقة لكيان الآب الخاص. ولكننا نحـن الذين كنَّا معه نتجدَّد بحسب الله، بالتقديس الذي يفوق طبيعتنا، وكـان نامـوس الخطية يُمات في أعضائنا](3).

«أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا

مُكمَّلين إلى واحد» (يو 17: 23):

لقد كانت طلبة المسيح من أجل وحدة الكنيسة في هذه الصلاة التي قدَّمها للآب في أدقِّ وأخطر لحظات حياتـه على الأرض، تُبيِّن مدى لهفته واهتمامه وتأكيده على أهمية هـذه الوحدة التي ستكون سبباً في إيمان العالم به. وأول طلبة قدَّمها من عمق كيانه توضِّح مدى اشتياقه لتحقيق هذه الوحدة هو قوله:

+ «لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَـا فِيكَ، لِيَكُونُـوا هُمْ أَيْضاً وَاحِـداً فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَـدْ أَعْطَيْتُهُمْ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ» (يو 17: 22،21).

وهـذه هي نفس الطلبة التي طلبها القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس، والتي نُصلِّيها كل يوم في صلاة باكر لتحثَّنا على الحياة بموجبها وهي قوله:

+ «فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَـا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. بِكُـلِّ تَوَاضُـعٍ، وَوَدَاعَـةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُـمْ بَعْضـاً فِي الْمَحَبَّـةِ. مُجْتَهِدِيـنَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّـةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَـا دُعِيتُـمْ أَيْضاً فِي رَجَـاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِـدَةٌ، إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ» (أف 4: 1-6).

وهذا هـو نفس المعنى الذي نقوله في القدَّاس الباسيلي بعد تقديس القرابين مباشرةً، أي بعد سرِّ حلول الروح القدس:

[اجعلنا مستحقِّين كلَّنا، يا سيِّدنا، أن نتناول من قدساتـك طهارةً لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا. لكي نكون جسداً واحداً وروحاً واحداً].

هـذه الوحدة الفريدة التي يطلبها المسيح من أجلنا، والتي أكَّدهـا وطلبها لنا بولس الرسول، والتي تطلبها مـن أجلنا الكنيسة بعـد تقديس القرابين في القدَّاس الإلهي، لكي نكـون كلنا مستحقِّين أن نتناول من جسد الرب ودمه تقديساً لنفوسنا وأجسادنـا وأرواحنا لكي نكون جسـداً واحداً وروحاً واحداً؛ قـد ارتفع بها المسيح إلى نموذج الوحدة بين الآب والابن، أي وحدة على مثال صميم كيان الله، وذلك بقوله: «كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ»، ثم يُكمِل قائلاً: «لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا»، ويختم قـائلاً: «لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي» (يو 17: 21)!!

فوحدتنا مع بعضنا البعض على مستوى هذا النموذج الإلهي، إنما هو عملٌ إعجازي لا يتمُّ إلاَّ بعمل الله فينا، وبشركتنا نحن في الجسد الواحد المكسور لأجلنا والدم المسفوك من أجلنا، وبعمل الروح القدس فينا، ومحبتنا الصادقة نحـو بعضنا البعض، حسب وصية المسيح لنا: «بِهـذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَـلاَمِيذِي: إِنْ كَـانَ لَكُـمْ حُـبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ» (يو 13: 35).

والواقع أنـه بتجسُّـد المسيح واتِّحاده بجسد بشريتنا، أَمكـن أن يكون هناك نوعٌ مـن الاحتواء المُتبادَل بينه وبيننا: «أَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَـا فِيكُمْ» (يو 14: 20)، وذلك بموجب الاتِّحاد الإعجازي الذي حقَّقه في عُمْق كيانه بين البشرية واللاهوت. وبـالتالي أمكـن أن ندخـل في علاقة مـع الله عـن طريق المسيح والـروح القدس، ونصير ”شـركاء الطبيعة الإلهية“ كقول بطرس الرسول (2بط 1: 4).

+ وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير:

[حينما يَعتبر المسيح وحدة الآب الجوهرية معه ووحدتـه الجوهريـة مع الآب نموذجاً ومثـالاً للمحبة والتوافـق والوحـدة التي لا تنفصم التي يجب أن تكـون بـين ذوي النفس الواحـدة؛ فإنه بذلك يُريدنـا أن نكون مُنصهرين - بنوعٍ ما - بعضنا مـع بعض بقـوَّة الثالـوث الأقـدس الـواحـد فـي الجوهر](4).

(يتبع)

(1) ”شرح إنجيل يوحنا“، الجزء الأول، يو 10: 16، (المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية).
(2) ”الدفاع عن قانون إيمان نيقية“: 31. In TLG De decretis Nicaenea Synodi, 31.4.2-7; (PG 72,401).
(3) ”شرح إنجيل متى“، 11: 8.
(4) ”شرح إنجيل يوحنا“، الجزء الثاني، يو 17: 20-21؛ (PG 74,557; Pusey 2,733, 8-14).

**************************************************************************************************


بمناسبة ذكرى الأربعين لاستشهاد مثلث الرحمات نيافة الأنبا إبيفانيوس - صدر حديثاً كتاب:
الأسقف الشهيد والعالم
الأنبا إبيفانيوس
أسقف ورئيس دير القديس أنبا مقار
(إعداد: رهبان دير القديس أنبا مقار الكبير - وهو يحوي مقتطفات من حياته وكلمات التعزية)
256 صفحة (من القَطْع المتوسط)
يمكنك طلب الكتاب هنا

**************************************************************************************************

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis