|
|
|
ثالثاً: الأسفار الشعرية
3 - سِفْر الأمثال (3) (تابع) أقوال آبائية عن السِّفْر:
13. مُتساوون في الخَلْق وفي العبادة: [فلْنَعلَمْ أيضاً أنَّ الآب كـان معه (مع ابن الله)، وهو مع الآب، عندما خُلِقَ كل شيء. تقول الحكمة: «لَمَّا ثَبَّتَ السَّمَوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا. لَمَّا رَسَمَ دَائِرَةً عَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ» (أم 8: 27). وفي العهد القديم أَظْهَر الآب... أنَّ الابن كان يُعبَد مع الآب كصانع لكلِّ شيء. مِن ثمَّ، فإنَّ تلك الأشياء يُقال عنها إنها خُلِقَت في الابن، والتي يُعتَبَر فيها الابن أنه الخالق؛ كذلك أيضاً عندما يُقال إنَّ الله ينبغي أن يُعبَد بالحقيقة بمعنى الكلمة نفسها التي يُعبَّر عنها بنفس الطريقة التي يجب فهمها، عندما نتكلَّم عن عبادة الابن أيضاً. وكذلك أيضاً يُعبَد الروح (القدس) لأن الله يُعبَد في الروح. وهكذا فإنَّ الآب يُعبَد مع الابن ومع الروح القدس، لأن الثالوث يُعبَد معاً](13) - القديس أمبروسيوس.
14. بيت الحكمة هو هيكل جسد المسيح: [المسيح (سليمان) يعني الحكمة وقوَّة الله الآب، قد بنى بيته، ويُقصَد به طبيعة جسده الذي أَخَذَه من العذراء، كما قيل (بواسطة يوحنا الإنجيلي) في البدء: «وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا» (يو 1: 14). كما وبالمثل ما قاله سليمان الحكيم شاهداً: الحكمة التي كانت قبل (خلقة) العالم، والتي هي مصدر الحياة، حكمة الله اللانهائية؛ قد بَنَت بيتها، بواسطة أُمٍّ لم تعرف رجلاً، لكي يلبس هيكل الجسد. «نحتت أعمدتها السبعة»، الذي هو عبيق نعمة الروح القدس، كما يقول إشعياء (النبي): «ويحلُّ عليه سبعة أرواح الله» (إش 11: 2 سبعينية). (ويقول آخرون إنَّ الأعمدة السبعة هي السبعة الطغمات الإلهية التي تدعم الخليقة بواسطة تعاليمه المقدَّسة الموحَى بها، وهم: الأنبياء، والرسل، والشهداء، والآباء، والنُّسَّاك، والقدِّيسين، والصالحين)](14) - القديس هيبوليتس.
15. «مُحْتَكِرُ الْحِنْطَةِ يَلْعَنُهُ الشَّعْبُ» (أم 11: 26): [الناس تتكلَّم بالشرِّ لِمَن يحتكر الحنطة. فالشخص الذي يحتكر شيئاً هو بلا رحمة. وهو لا يجمع مـن أجل الرحمة؛ لأنه، إذا كان يجمـع ويُكدِّس، فمتى وكيف يمكنه أن يصنع رحمة؟ أليس هـذا حقّاً أنَّ الناس تُبارِك الشخص الذي ينفق ويُعطي؟ كما هـو مكتوبٌ هنا وفي الكُتُب المقدَّسة («مَغْبُوطٌ هُـوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنْ الأَخْذِ» - أع 20: 35)](15) - القديس أنبا شنودة رئيس المتوحِّدين.
16. «الْمَرْأَةُ الْفَاضِلَةُ تَاجٌ لِبَعْلِهَا» (أم 12: 4): [تاج المرأة يجب أن يُعتَبَر أنه رجلها، وتاج الرجل هو زواجه. لأنه بالنسبة لكليهما، فإنَّ ثمرة وحدتهما هو الطفل الذي يجنيه الزرع الإلهي من زرع الجسد. «تَاجُ الشُّيُوخِ بَنُو الْبَنِينَ، وَفَخْرُ الْبَنِينَ آبَاؤُهُمْ» (أم 17: 6). ويُقال (أيضاً): "مجدنا هو آب الجميع، وتاج الكنيسة كلها هو المسيح"](16) - القديس كليمندس الإسكندري.
17. يجب على الفقير أن يعتمد على نِعَم الله له (أم 13: 8): [فلنفترض أنك شخص حقير غير معروف، فقير من أصلٍ دنيء، بلا مأوى أو بلد، مريض، وفي حاجة إلى المؤونة اليومية، تحيا في تهديد من الأقوياء، تخشى أن تواجه كل واحد بسبب ظروفك البائسة، ولكن الكتاب يقول: «أَمَّا الْفَقِيرُ فَلاَ يَسْمَعُ انْتِهَاراً» (أم 13: 8). لذلك، فلا تيأس أو تطرح بعيداً كل أَمَلٍ جيِّد، لأن وضعك الحالي لا يُحسَد عليه. بل بالحري حوِّل أفكارك نحو البركات الموهوبة لك من الله، ولأولئك المحفوظين بالوعد (الإلهي) للمستقبل](17) - القديس باسيليوس الكبير.
18. «اَلسَّالِكُ بِاسْتِقَامَةٍ يَتَّقِي الرَّبَّ» (أم 14: 2): [ ليس كـل خوفٍ يجعل البشر يسلكون باستقامةٍ؛ بل مخافة الله... حياةٌ محتاطة بالفضيلة هي كفيلة بالشهرة، ولكن إذا أُضيف إليها المخافة، تجعل البشر أكثر تقوى](18) - القديس يوحنا ذهبي الفم.
19. «تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ» (أم 14: 12): [نقرأ في سِفْر الأمثال: «تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ». أنت تُلاحِظ، أنَّ الجهل أيضاً مُدانٌ في هذا النصِّ، حيث إنَّ الإنسان يَظُنُّ من نواحٍ أخرى في الأَمْر ويسقط في الهاوية، مُتصوِّراً أنـه على حـقٍّ. قيـل أيضاً: «فِي قَلْبِ الإِنْسَانِ أَفْكَارٌ كَثِيرَةٌ، لكِنْ مَشُورَةُ الرَّبِّ هِيَ تَثْبُتُ» (أم 19: 21). ولكـن ما زالت ليست مشيئته التي هي مُتغيِّرة وغير ثابتة ومُتشكِّكة، هي التي تسود، وإنما مشورة الله](19) - القديس جيروم.
20. «بَطِيءُ الْغَضَبِ كَثِيرُ الْفَهْمِ» (أم 14: 29): [كل واحد يَعْلَم أنَّ الصبر يأتي من احتمال الآلام، وهكذا فإنك لا تستطيع أن تدعو أي واحد صبوراً، إلاَّ إذا احتمل الإهانات دون أن يتضايق. وهكـذا مَدَحَ سليمان، بحـقٍّ، الإنسان الصبور: «اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِـهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُـذُ مَدِينَةً» (أم 16: 32)، و"الإنسان الطويـل الروح في الاحتمال هو قويٌّ في التعقُّل، ولكن الجبان إنما هو إنسانٌ أحمق للغاية". لذلك، فإنـه إذا انفجر رجلٌ مظلوم في غضبه، فإنَّ إساءة الظالم إليه لا يجب أن تُعتَبَر أنها سبب خطيته، ولكنها استعلانٌ لحالة ضعف مُستترة](20) - القديس يوحنا كاسيان.
21. الرقَّة تخترق بعُمق أكثر من القسوة: [ربنا أعطى معظم توجيهاته بالإقناع وليس بالشدَّة. فالرذاذ اللطيف يُليِّن الأرض ويخترقها بعمق، ولكن المطر الشديد يُجمِّد الأرض ويُصَلِّبها ويُقسِّي الأرض حتى أنها لا تمتصُّها. «الْكَـلاَمُ الْمُوجِعُ يُهَيِّجُ السَّخَطَ» (أم 15: 1)، وبه يحدث التجريـح. فحيثما فَتَح الكلام القاسي باباً، دخـل الغضب، وعـواقب الغضب الجروح](21) - القديس مار أفرام السرياني.
22. «فِي كُلِّ مَكَانٍ عَيْنَا الرَّبِّ مُرَاقِبَتَانِ الطَّالِحِينَ وَالصَّالِحِينَ» (أم 15: 3): [نحن نؤمن أنَّ الله هو في كلِّ مكان، وعيناه تُراقبان الصالح والطالح أينما وُجدوا. وهكذا ينبغي علينا أن نتأكَّد من وجوده الخاص عندما نحضر في خدمته الإلهية. لذلك يجب علينا أن نتذكَّر دائماً نصيحة النبي "أن يُخدَم الرب بمخافة"، «اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ، وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ» (مز 2: 11)، لأن الملائكة شهودٌ على مـا نُرنِّم بـه. دَعنا، إذن، نعكس في سلوكنا ما يجب أن نظهر به في حضرة الرب والملائكة؛ وهكذا نُرتِّل مزاميرنا بينما العقل يرنِّم صدى أصواتنا بانسجامٍ وتوافُق](22) - القديس بنديكت.
23. ابتهج بعَسَل الحكمة: [أنت يا مَـن تحب التعليم وعطشان إلى السمع، تقبَّل مـرَّةً أخرى الكلمات المقدَّسة: أَبهجوا أنفسكم بعَسَل الحكمة، لأنه مكتوبٌ: «اَلْكَلاَمُ الْحَسَنُ شَهْدُ عَسَلٍ، حُلْوٌ لِلنَّفْسِ وَشِفَاءٌ لِلْعِظَامِ» (أم 16: 24). لأن عمل النحل حلوٌ جدّاً ونافعٌ في طُرُق كثيرة لنفس الإنسان؛ ولكن (العَسَل) الروحاني المُخلِّص يجعل أولئك الذين يسكن فيهم ماهرين في كـلِّ عمل صالح ويُعلِّمونهم طريـق التقدُّم (الروحي)](23) - القديس كيرلس الإسكندري.
24. «بِالرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ يُسْتَرُ الإِثْمُ» (أم 16: 6): [الروح القدس يقول في الكُتُب المقدَّسة: "بالعطاء والإيمان تُغسل الخطايا". بالتأكيد لا يقصد الخطايا تلك التي أُدِينَت سابقاً، لأنها قد تَطهَّرت بدم المسيح وتقديسه. فقـد قيـل عنها أيضاً: «الْمَاءُ يُطْفِئُ النَّارَ الْمُلْتَهِبَةَ، وَالصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطَايَا» (سي 3: 33). هنا أُظْهِرَ وتبرهن أنـه كما بغَسل مياه الخلاص تُطفَأ نار جهنم؛ هكذا أيضاً بإعطاء الصدقات والأعمال الصالحة تُطفَأ نار الخطية. وأيضاً بواسطة المعمودية تَمَّ مغفرة الخطايا، كذلك باستمرار عمل المعموديـة فينا تحـلُّ مراحم الله. هـذا ما يُعلِّمه الرب لنا أيضاً في الإنجيل، لأنـه عندما لامـوا التلاميذ عند أكلهم بأيدٍ غير مغسولة، أجابهـم الـرب قائـلاً: «يَا أَغْبِيَاءُ، أَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَ الْخَارِجَ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضاً؟ بَـلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً، فَهُوَذَا كُـلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيًّا لَكُمْ» (لـو 11: 41،40)](24) - القديس كبريانوس.
25. «لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ» (مت 12: 37): [اجعل كلماتك تُقاس وتُحسَب بنفسك، عالماً أنك سوف تُعطي (جواباً) أمام الله عن كل ما يخرج من فمك، بما فيه من كلام ينفع أو كلام لا يبني... ولا تصبح غريباً عـن مثل هذه الوعود. فكلُّ ما تُفكِّر فيه وما تحبه، أسِّسه بثباتٍ في الرب. واحفظْ في ذهنك يوم فراقك للجسد وذهابك للرب: «(الذي) يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ» (مت 16: 27)](25) - القديس باخوميوس.
26. الملكوت الذي نُصلِّي من أجله هو ملكوت الله: [الآية: «ليأتِ ملكوتك» تُشير أيضاً إلى نفس الغرض مثل قولنا: «لتكُن مشيئتك»، أي «ليأتِ ملكوتك» في نفوسنا. لأنه متى لا يملك الله الذي في يده قلب كل مَلِك؟ ولكن، مهما تكون رغباتنا لأنفسنا، فإننا نوجِّه رجاءنا له، وننسب له ما نتوقَّعه منه... هـذه هي صلاة المسيحيين؛ فهـذا سوف يُسبِّب خجلاً للوثنيين، ويُدخِل فرحاً للملائكة. إنه من أجل أن يأتي إلينا هذا الملكوت نحن نَشْقَى الآن، فإنه من أجل هذا المجيء نحن نُصلِّي](26) - العلاَّمة ترتليان.
(يتبع)
(13) St. Ambrose: On the Holy Spirit (NPNF 2 10:147).
(14) St. Hippolytus: Fragments on Proverbs (ANF 5:175).
(15) St. Shenoute: On Language (CSCO 96:67).
(16) St. Clement of Alexandria: Christ the Educator 2.8.71 (FC 23:154).
(17) St. Basil the Great: Homily on the Words: "Give Heed to Thyself" (FC 9:441).
(18) St. John Chrysostom: On the Proverbs of Solomon, Fragments 14.2 (PG 64:700).
(19) St. Jerome: Against the Pelagians 1.39 (FC 53:292).
(20) St. John Cassian: Conferences 18.13 (LCC 12:272).
(21) St. Ephrem the Syrian: Homily on Our Lord 22.3 (FC 91:298-99).
(22) St. Benedict: Rule of St. Benedict 19 (LCC 12:309).
(23) St.Cyril of Alexandria: Commentay on Luke, Homily 120 (CGSL 480).
(24) St. Cyprian: Works & Almsgiving 2 (FC 36:228).
(25) St. Pachomius: Fragments 2.3 (CS 47:86).
(26) Tertullian: On Prayer 5.1-4 (FC 40: 163).