قصة من واقع الحياة



درس السهام

اشتهـر دكتور "سميث" بمحاضراتـه الشيِّقة والمُمتعة. فهـو يُضيف إلى كلماتـه ما يُعبِّر عن فِكْـره، فيتمتَّع الطُّلاَّب بمحاضرتـه. وقد حَكَت "سالي" ما حدث في إحدى المُحاضرات.

فإنـه عندما دخل الطلاَّب - يوماً ما - إلى قاعـة المحاضرة، وجـدوا لوحات مَعَدَّة ليوضع عليها صُوَر بعض الوجوه. وعندئـذٍ طلب دكتور "سميث" مـن الطلاَّب أن يرسموا صُوَراً بسيطة لأشخاصٍ ليسوا على وِفاق معهم. وبعد أن رَسَم الطلاَّب الصُّوَر المطلوبة، أَخَذَها دكتور "سميث" ووضعها على اللوحـات، ثم أحضـر سهامـاً، وأعطى سهماً لكـلِّ طالب، وسألهم أن يوجِّهوها تجاه تلك الصُّوَر. فتبارَى الطلاَّب في رَشْقِ هذه السهام بقـوَّة تجاه هـذه الصُّوَر. فكانت السهام تُمزِّق بعض الصور تمزيقاً، إلى أن نفدت السهام مـن بـين أيـدي الطلاَّب. وحينئذ سألهم أن يستريحوا في أماكنهم.

بعد ذلك قـام دكتور سميث وأَخَـذَ في رَفْع الصُّـوَر التي وضعهـا الطلاَّب على اللوحـات للأشخاص الذين كانوا هدفاً لسهامهم، وقد تمزَّقت بنفاذ السهام المصوَّبة نحوها.

ويا للعجب!! إذا بصورة أخرى تظهر تحت هذه الصُّوَر جميعها! إنها صورة الرب يسوع وقد تمزَّقت تمزيقاً!! حينئذ بـدأ الطلاَّب في الاندهاش والأنين مما فعلوه بالسهام! ثم جلس دكتور سميث وبَدَأ في قراءة نص مـن الإنجيل، يقول: «الْحَـقَّ أَقُـولُ لَكُـمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَـدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ» (مت 25: 40).

فـازداد الأنين والتأوُّهات مـن الطلاَّب، وعَلِموا أنَّ كلَّ ما فعلوه تجاه الآخرين هو مَوجَّه تجاه المسيح.

هنا بَدَأ دكتور سميث يقول لهم: "يا بَنِيَّ، هل عرفتم أو تعرفتم على أقنـوم الآب؟ كيف يتعامل معنا نحن بني البشر؟ وكيف يرعانا"؟

وكانت الإجابة، بصوتٍ خفيض، بالنفي!

فأجاب دكتور سميث: "لقد اختار أحد دارسي الكتاب المقدَّس أفضل الآيات، لكي يُوضِّح العلاقة التي تربطنا بالله الآب، واختصرها في العبارات الآتية، والتي منها سوف تفهمون أجمل ما صنعه الله الآب لنا نحن البشر. انظروا ماذا قال":

(+( (

- (وكأن صوت الآب يقول لك:) ربمـا أنت لا تعرفني ولكني أنا أعرفك جيداً:

+ "اختبرتُـك وعـرفتُك. عـرفتُ جلوسك وقيامك. وكل مَسْلكك وكل مَرْبَضك وكل طُرُقك أعرفها" (مز 139: 1-3).

+ حتى شعور رؤوسكم مُحصاة أمامي (مت 10: 29-31).

+ لأنك خُلِقتَ على صورتي (تك 1: 27).

+ فيَّ تحيا وتتحرَّك وتُوجَد، لأنك من ذُرِّيتي (أع 17: 28).

+ أعـرفك حتى قبـل أن يُحبَـل بـك (إر 1: 4-5).

+ اخترتُـكَ حـين رَتَّبتُ الخليقـة (أف 1: 11-12).

+ وجودك لم يكن خطأً، بل كل أيامك محفوظة في سِجِلاَّتي (مز 139: 15-16).

+ رتَّبتُ أين تولَد وأين تعيش (أع 17: 26)!

+ لقد صُنِعْتَ بمهارةٍ وبإبداع (مز 139: 14).

+ لقـد نَسَجتُكَ معـاً في رَحِـم أُمِّكَ (مـز 139: 13).

+ وجعلتُ ميلادك في اليوم الذي وُلِدتَ فيه (مز 71: 6).

+ لقـد وُصِفْتُ خطأً مِمَّن لا يعرفونني (يو 8: 41-44).

+ لستُ بعيـداً أو غاضباً، بـل أنـا التعبير الكامل عن المحبة (1يو 4: 16).

+ ولي اشتهاء أن أغدق عليك مـن محبتي (1يو 3: 1).

+ ذلك أنك ابني وأنا أبوك (1يو 3: 1).

+ وأنا أمنحك أكثر مِمَّا يستطيع أن يمنحك أبوك الجسداني (مت 7: 11).

+ لأني أنا الأب المثالي (مت 5: 48).

+ كل عطية صالحة تنالها أنت هي من بين يديَّ (يع 1: 17).

+ لأني أنـا الداعم لك ومَـن يُوفِّر كـل احتياجاتك (مت 6: 31-32).

+ كل خُطَطي لمستقبلك دائماً ما تكون ملآنة بالرجاء (إر 29: 11).

+ لأني أحبُّك بمحبةٍ أبدية (إر 31: 3).

+ أفكاري تجاهك لا تُعَدُّ، هي كرَمْل البحر (مز 139: 17-18).

+ وأنا أفرح من أجلك بترنُّمٍ (صف 3: 17).

+ ولن أتوقَّف عـن أن أصنع لك الخير (إر 32: 40).

+ لأنك أنت كنزي الخاص بي (خر 19: 5).

+ أشتهي أن أدعمك بكلِّ قلبي وبكلِّ روحي (إر 32: 41).

+ وأُريـد أن أُريـك أشياء عظيمة وجميلة (إر 33: 3).

+ إذا طلبتني بكـلِّ قلبك، فسـوف تجدني حاضراً (تث 4: 29).

+ فابتغيني وسوف تجد كـلَّ مشتهيات قلبك (مز 37: 4).

+ لأنني أنـا مَـن يمنحـك هـذه العطايـا (في 2: 13).

+ أستطيع أن أفعـل لك أكثر مِمَّا تتخيَّـل (أف 3: 20).

+ لأنني أنـا أكثر مَـن يُشجِّعـك (2تـس 2: 16-17).

+ وأنـا الآب الذي يُعزِّيك في كلِّ مشاكلك (2كو 1: 3-4).

+ حينما تكـون مكسور القلب، أكـون أنـا قريباً منك (مز 34: 18).

+ كما يحمل الراعي خرافه على مَنكَبيه، كذلك أحملك قريباً من قلبي (إش 40: 11).

+ يوماً ما سوف أَمسح كل دموع عينيك، وسوف أرفع عنك كل ألم تألمتَ به على هذه الأرض (رؤ 21: 3-4).

+ أنـا أبـوك وأُحبُّك كما أُحبُّ ابني يسوع (يو 17: 23).

+ لأنـه في يسوع استُعْلِنَت محبتي لك (يو 17: 20).

+ فهو التعبير الحقيقي عن كياني (عب 1: 3).

+ لقـد جاء يسوع ليَستَعلِن أنني معك وليس ضدك (رو 8: 31).

+ ولكي يقول لك: إنني لستُ أُعدِّد خطاياك. لقد مات يسوع لكي أتصالح أنا وأنت (في المسيح يسوع) (2كو 5: 18-19).

+ كـان موتـه أعظم تعبير عن محبتي لك (1يو 4: 10).

+ لقد تخلَّيتُ عـن كلِّ شيء أُحبُّه لكي أنال محبتك (رو 8: 31-32).

+ إذا قبلتَ عطية ابني يسوع، فقـد قبلتني (1يو 2: 23).

+ ولن يفصلك شيء عن محبتي مرَّةً أخرى (رو 8: 38-39).

+ تعالَ إلى بيتي وسوف أُعـدُّ لك أعظم وليمة رأتها السماء (لو 15: 7).

+ كنتُ أباً وسوف أكـون دائماً أباً (أف 3: 14-15).

+ وسـؤالي هـو: هـل ستكون ابني (يـو 1: 12-13)؟

+ ها أنا مُنتظرك (يو 15: 11-32).

مع محبتي، أبوك

الآب الضابط الكل

(+(+(

+ هنا تنهَّد دكتور سميث وقال لتلاميذه:

- "اعلموا، يا بَنيَّ، أنَّ الدرس بالنسبة لكم لم يَنْتَهِ، بل قد بَدَأَ"!!

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis