ادخل
إلى
العمق



- 1 -
سيروا في النور

الله نورٌ:

يُعلِن الرب يسوع عن نفسه قائلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ» (يو 8: 12)، وداود النبي يهتف مُمجِّداً الله بقوله: «اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي» (مز 27: 1). ونحـن نُسبِّح في ثيئوطوكيـة الاثنين قائلين: ”الله نور، وساكـن في النور. تُسبِّحه ملائكة النور...“ (القطعة التاسعة). فطبيعة الله هي النور، ومجـرَّد استعلانـه أو ظهوره أو حتى ذِكْر اسمه المُبارَك، هـو إعلانٌ لظهور النور وإشراقـه، وبعث الحياة وبدؤها، مثلما حَدَث في بدايـة الخِلْقة، حينما قـال الله: «”لِيَكُنْ نُـورٌ“، فَكَـانَ نُـورٌ» (تك 1: 3)، فاستضاءت الخليقة بنـور خالقها وبكلمته. وإشعياء النبي أيضاً يقـول عـن ظهور الله في الجسـد: «الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُـوراً عَظِيماً» (انظر إش 9: 1؛ مت 4: 16).

وقيل عـن ابن الله المُتجسِّد، الذي هو «صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ» (كو 1: 15)، أنه: «كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ» (رؤ 22: 16)، لأن ابن الله هـو ”بهاء مجد الله الآب“ و”رَسْم جوهـره“ (انظر عب 1: 3). وقيل أيضاً: «اللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَـدٌ قَطُّ. الاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ» (يو 1: 18)، كما شهد الرب يسوع عن نفسه بقوله: «أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ» (يو 10: 30). ويوحنا الرسول يقول: «إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ» (1يو 1: 5).

وبعـد تجسُّـد الرب يسوع، صرنـا نُسبِّح في الكنيسة بالقول: ”النور أشرق من مريم“ (ثيئوطوكية الاثنين - القطعة التاسعة). ونُخاطبه في صلاة باكر قائلين: ”أيها النور الحقيقي الذين يُضيء لكلِّ إنسان آتٍ إلى العالم...“. ونقول مـع داود النبي: «لِيَتَحَنَّنِ اللهُ عَلَيْنَا وَلِيُبَارِكْنَا. لِيُنِرْ بِوَجْهِهِ عَلَيْنَا» (مز 67: 1). وداود النبي يقـول أيضاً عنـه في مـزاميره: «بِنُـورِكَ (يـا رب) نَرَى نُوراً» (مـز 36: 9)، وأيضاً: «أَنِرْ بِوَجْهِكَ فَنَخْلُصَ» (مز 80: 3).

الله، إذن، هـو منبـع النـور الحقيقي، ومصدره وواهبه، وبنـوره تستنير وتستضيء كـل الخليقـة والمسكونة كلها، وبدونه لا توجد حياة ولا وجود. وكل إشراق واستنارة ورؤية وحياة، إنما هي انعكاس للنور الإلهي، ويستمدُّ قوَّته وبهاءه من الله ذاته، الذي هو ينبوع النور الخالق الكل ومُعطي الحياة.

أبناء النور:

ومع كون الله ذاته هـو النور الحقيقي، إلاَّ أنـه أعطانا نحن أيضاً (أي المؤمنون باسمه)، أن نعكس هـذا النور على الخليقة، وأن نُنير للعالم، مُظهرين مجـده، بقوله لنا: «أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ» (مت 5: 14). ودعانا لكي نسير في النور كـأبناء النور قـائلاً: «فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلاَّ يُدْرِكَكُمُ الظَّـلاَمُ» (يـو 12: 35). ودعانا كذلك: ”أبناء النور“، لكي نعكس نـور الله وضياءه للجميع، ولكلِّ مَن يرانا: «مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ آمِنُوا بِالنُّورِ لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّورِ» (يـو 12: 36)، حتى ينطبـق علينا قـول إشعياء النبي: «قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَـدْ جَاءَ نُورُكِ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْـكِ... فَتَسِيرُ الأُمَـمُ فِي نُـورِكِ، وَالْمُلُوكُ فِي ضِيَـاءِ إِشْرَاقِـكِ» (إش 60: 1-3). وحينئذ نستطيع - كأبناء النور - أن نكـون شهوداً لله واهـب النور ولمجـده، إن سلكنا على خُطـاه، وسرنا حسب وصاياه في طريق النور، لأن إشراق النور داخلنا سيُحوِّل الظلمة التي كـانت تسكن فينا وتعيش داخلنا، إلى بهاء مجـده، وإشراقـة نـور بعمـل نعمتـه. وسيُغيِّر النـور الحقيقـي طبيعتنا المُظلمـة والمُعتمـة (مثل السراج المادي المُعتم)، إلى طبيعـة نورانية أخـرى، تُميِّز أولاد الله (أبناء النور)، فيشتعل سِراجنا بنور النعمة الإلهية، ونأخـذ القـدرة على الإضـاءة للآخريـن، والشهادة لاسم المسيح الذي فدانا وأخرجنا مـن الظلمة إلى النور، ونُحقِّق المشيئة الإلهية من شركتنا في النور، بسلوكٍ يليق بأبنـاء النـور: «لِكَيْ يَـرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ» (مت 5: 16).

فالله أعطانا هـذه العطية، عطية النور، لكي يستحثَّنا على السـير في طريـق النور، ووَضَعَ شرطـاً لكي نُدعى أبناء النور، وهـو أن نعمل ونسير على خُطَى مَـن وهبنا هـذا النور وأنار حياتنا، حتى نستطيع أن نُكمِّل مسيرتنا نحو أرض موعدنـا العتيدة والجديـدة في السماء، شاهدين لاسمه في كـلِّ مسيرة حياتنـا، وبِكَم صنع بنـا ورحمنا، فنكون سبب توبـة ورجـوع وإيمـان كثيرين، اعترافاً منَّا بحُسن صنيعه معنا.

أهم صفات السائرين في طريق النور:

1. المحبة الأخوية: «إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يو 1: 7). ويقول الرب يسوع: «بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبُّ بَعْضاً لِبَعْضٍ» (يو 13: 35). فالمحبة الأخويـة عديمة الغش، صـارت هي أهم صفة وعلامـة للسائريـن في طريق النور، والمدعـوين أبناء النور، لأن مَـن لا يحب لا يعرف الله لأن ”الله محبة“، وهو يسلك في الظلمة، والظلمة قـد أَعمت عينيه (انظر 1يو 2: 11). ومَـن يُريـد أن يكون تلميذاً للمسيح، وبالتالي مؤهَّلاً للسير في طريـق النور، كـابن للنور، فهـو ذاك الذي يتمسَّك بالمحبة، ويُقدِّمها بسخاء وغِنًى للجميع، بـلا مانـع، حتى للأعداء والمُسيئين، لئلا يتعوَّق عـن مسيرة أبناء النور، ولا يقدر أن يكون تلميذاً للمسيح.

2. الأمانة في حِفْظ الوصية: «يَا بَيْتَ يَعْقُوبَ، هَلُمَّ فَنَسْلُكُ فِي نُورِ الرَّبِّ» (إش 2: 5). ويوصي بولس الرسول تلميذه تيموثاوس قائلاً: «وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا (محبة المال) وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّـةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضاً... أُوصِيكَ أَمَـامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ... أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِـلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1تي 6: 11-14).

إذن، فحِفْظ الوصية في القلب والعقل، والالتزام والسلوك بها في مسيرة الحياة، باجتهاد وانضباط، هـو علامةٌ هامة وفارقـة لاستعلاننا كأبناء النور، الذين هم مُستحقُّون للمسير في هذا الطريق الملوكي، والقادرون على إنارة الطريق أمام كثيرين، بسلوكهم الحسن الذي يُمجِّد الله. وبقدر التعب والأمانـة في حِفْظ الوصية، بقدر ما ينتشر نـور المسيح وتعظم الشهادة لمجد الله بقوةٍ وتأثيرٍ كبيرين، علماً بـأنَّ الوصية (كلمة الله) هي بحـدِّ ذاتها، تعمـل فينا وتطهِّرنا وتُنقِّينا وتُهيِّئنا للملكـوت بقوَّتها الإلهيـة وعملها السرِّي داخلنا: «أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ» (يو 15: 3).

3. شجاعـة الإيمـان: يتَّسم أبـناء النـور السائـرون في طريـق النور، بشجاعة الإيمان والصبر والتحمُّل، مستنديـن في ذلك على ثقتهم غير المحدودة بالربِّ الذي دعـاهم، وفي صدق مواعيده ورحمته مـن سابق عشرتهم مـع إلههم المُحب، مِمَّا عرفوه عنه. لذلك هم مُطمئنون لهذه المواعيد، واثقـون في صِدقها وفي محبتـه لهم. وفي كلِّ ذلك هم فرحون بأن يُحسَبوا من خاصته المدعوَّة لترث ملكوتـه. فحين يُطلب منهم أن يحملوا الصليب حسب القـول: «وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي... وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِـنْ أَجْلِي يَجِـدُهَا» (مـت 10: 39،38)، ثم يقرأون: «فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِـهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ» (مت 10: 32)، وغير ذلك مـن الأقـوال والوصايا والمواعيد؛ فـإنهم بسبب إيمانهم بشخص الرب يسوع نفسه، يجدون السَّنَد والقوَّة، بنعمة روحه القدوس، ليسيروا في طريـق النـور مُتمِّمين الوصايا بكلِّ عزم القلب والثقة، عالمين أنَّ الذي دعاهم، هـو قادر أن يُنجِّيهم ويُعينهم، بل ويتكلَّم ويُدافـع عنهم، إن دَعَت الضرورة، وذلك حسب قوله: «لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ» (مت 10: 20).

4. الاستعـداد الدائـم لمُلاقـاة الرب (حياة الاستعداد): وهـذا يظهـر في حيـاة التوبـة والاعتراف الدائـم، وفي حياة الصـلاة والسهر واليقظة الروحية، وكذلك في كلِّ مظاهر السلوك بنقاوة وروحانية مع الجميع، مِمَّا يعكس قداسـة السيرة، وامتلاءها بنعمة الروح القدس. فالسلوك المتواضع، والعطف على الضعفاء، والتدقيق في كـلِّ مناحي الحياة؛ يؤكِّد أننا نسير في طريق النور، ونستحقُّ أن نُـدعَى أبناء النور والملكوت الذي أعدَّه المسيح لحافظي وصاياه.

مُعينات المسيرة لأبناء النور:

1. الخضـوع لقيادة ومشـورة الروح القدس: يقول بولس الرسول: «لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ» (رو 8: 14)، وأيضاً: «الرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ» (رو 8: 16). إذن، الروح القدس هو المُعين الأول للسائرين في طريق النور، والمدعوين أبناء الله، فهُم - بحسب التعبير الكتابي - ورثة الله بالمسيح. وإن تألَّموا في مسيرتهم، فسيتمجَّدوا أيضاً مع المسيح؛ بل إنَّ الروح يتكلَّم على فمهم بكلِّ مشورة الله، وهو الذي يُدافع عنهم ويعضدهم ويُوقفهم بلا خوف أمام ملوكٍ وولاة. ولكن كـل هذا لِمَن أَسلم نفسه باتِّضاعٍ لروح الله، وطلب معونته ومشورته بلجاجة، وجاهد بصدق أمـام نفسه وجسده وذاتـه والعالم، وانتظر بفـرح وشُكر مشورة الله وقَبِلها باتِّضاعٍ. وهـذه الأمـور تحتاج لكثيرٍ مـن الصلاة والتوبة والجهاد المستمر، والصبر وعدم الاعتداد بذواتنا؛ بل انتظار إرشاد ومشـورة الروح القدس، الذي يأخـذ مِمَّا للمسيح ويُعطينا، لنُضيء للعالم ونشهد لينبوع النور الحقيقي، ونُعطيه المجد والكرامة المُستحقَّة له.

2. التمسُّك بالوصيـة المقدَّسة: «سراج لرجلي كلامـك»: يقـول الـروح لنـا: «لأَنَّ الْوَصِيَّـةَ مِصْبَاحٌ، وَالشَّرِيعَةَ نُـورٌ» (أم 6: 23)، لذلك تُعتَبَر هي السَّنَد والمُعين والقـوت اليومي لنا في هـذه المسيرة المُضيئـة. فـالكلمة المقدَّسة (الوصية) هي السـلاح الذي بـه نقهر أعداءنـا، ونُقاوم ونغلب، كما علَّمنا الرب يسوع وغَلَبَ إبليس حينما أراد أن يُجرِّبـه، فكان في كلِّ مرَّةٍ يقول له أولاً: «مكتوب أيضاً...»!

فكلمة الله هي تُرس أبناء النور الحصين، وهي نـورٌ لهم في الطريـق، وسَنَدٌ للإيمان والتشجيع والتعزية، ودائماً تكـون الوصية هي سبب نصـرة الإنسان وسـر سلامه، وبمثابـة حَـلِّ كثيرٍ مـن أتعابـه. وكلما ثبتنا في الوصية وثبتت هي فينا، كـان ذلك شهادةً وبُرهانـاً على محبتنا لله، وأننـا بالحقِّ تلاميذه، لأنـه يقـول: «اَلَّذِي عِنْدُه وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُـوَ الَّذِي يُحِبُّنِي» (يو 14: 21). وعند ذلـك نتهيَّأ لسُكنى الله وثباتـه فينا، وبالتالي ضمان سلامة مسيرتنا وتحقيق غاية حياتنا، وهي الوصول لملكوته الأبدي.

فبدون كلمة الله، والمُداومة عليها، فـإنَّ نفوسنا سـوف تجدُب، ويُظْلِم الطريق أمامنا، ولا نستطيع التعرُّف على معالمه، ولن نجد القوَّة على السير فيه ومواجهة مصاعبه؛ لأن الوصية تحمل في ذاتها قوَّة الروح القدس الناطق بها، وهو وحده الذي يُعين كل مَـن يثبت في حفظها على إكمالها والوصول إلى ميناء الخلاص والحياة الأبدية بسلام.

3. مُمارسة الأسرار المقدَّسة والمُداومة عليها: الأسـرار المقدَّسة هي وسـائط النور والنعمة التي رتَّبتها الكنيسة، بإرشاد الروح القدس، مستندة على أقوال ووصايا الرب يسوع نفسه، لكي تضمَّ إلى مسيرتها المقدَّسة نحو الملكوت أبناءً جُدُداً يُدعـون أولاد الله أو أبناء النور. لذلك صارت مُمارسة هذه الأسرار مدخلاً رئيسياً لإتمام هـذا الدخول وهـذا الانضمام، والذي ندعوه في الكنيسة ”الولادة الجديدة“ بسرِّ المعمودية المقدَّسة بواسطة الماء والروح. ثم يتبع هذا السر، أسرار أخرى لتثبيت أولئك المولودين مـن الماء والروح في المسيح، الكرمـة الحقيقية، ولنيل المعونة والغفران؛ بل ووَعْـد الحياة الأبدية نفسها، وذلك بالشركة في سـرِّ الإفخارستيا، وباقي الأسـرار، مـن توبـة واعتراف ومسحة مرضى، وغيرها مـن وسائط النعمة المُعينة لأبناء النور في أيام غربتهم، لأنـه بدون مُمارسة سـرِّ الإفخارستيا وباقي الأسرار لـن نقدر أن نتَّحد بالمسيح أو ننال ميراث الحياة الأبدية، مثل الغصن الذي ينفصل عن الكرمة. لكن بالمداومة على هذه الأسرار المقدَّسة، خاصة الإفخارستيا، سوف نتمكَّن مـن الثبوت في المسيح، والبقاء في دائـرة النور، فننـال الاستنارة الروحية التي تُميِّز أبناء النور، وتجعلهم قادرين على إتمام رحلة غـربتهم في نـور المسيح، وبمؤازرة النعمة، بل وإنارة الطريق لآخرين حتى نصل إلى ميناء الخلاص بسلام (انظر يو 6: 54).

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis