طعام الأقوياء

- 35 -


«الذين هم للمسيح قد
صلبوا
الجسد مع الأهواء
والشهوات»
(غل 5: 24)

«الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات»
(غل 5: 24)

مَن هم هؤلاء «الذين هم للمسيح»؟

هم هؤلاء الذين قبلوا المسيح وآمنوا به فادياً ومُخلِّصاً، وتبعوه بكل قلوبهم، «فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه. الذين وُلدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله» (يو 1: 13،12)، لأن «المولود من الجسد جسد هو، والمولود من الروح هو روح» (يو 3: 6). هؤلاء هم الذين قبلوا المعمودية بالماء والروح: «فدُفنَّا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أُقيم المسيح من الأموات، بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضاً في جِدَّة الحياة» (رو 6: 4).

وما معنى قوله: «قد صلبوا الجسد

مع الأهواء والشهوات»؟

بما أنَّ المسيح ابن الله الكلمة المتجسِّد قد أخذ جسد بشريتنا وصُلِبَ به من أجلنا. فكل إنسان ذي جسد وقد آمن بالمسيح مصلوباً من أجله، يكون قد صُلِبَ مع المسيح: «مع المسيح صُلِبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ» (غل 2: 20). إذن، فبحسب إيماننا المسيحي يكون «الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد». وبما أنَّ المسيح «حَمَل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (خشبة الصليب)، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر» (1بط 2: 24)، فالمسيح إلهنا الذي مات بالجسد وعليه كل خطايا البشرية التي حملها في جسده، قد أبطل سلطان الخطية العامل في أجسادنا مع الأهواء والشهوات، حسب قول بولس الرسول أيضاً في رسالته إلى رومية: «عالمين هذا: أنَّ إنساننا العتيق قد صُلِبَ معه ليُبطَل جسد الخطية، كي لا نعود نُستعبد أيضاً للخطية» (رو 6: 6).

فالرب قد لَبِسَ جسداً مساوٍ تماماً لجسدنا ما خلا الخطية وحدها: «فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما، لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويُعتِق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية» (عب 2: 15،14). فهو بذلك قد أعطى لطبيعتنا القدرة على الانتصار على كل ما دخلها من شرور وشهوات بفعل العدو الذي استعبدنا.

وفي هذا يقول القديس أثناسيوس الرسولي:

[منذ أن لَبِسَ الكلمة جسداً - كما شرحنا مراراً كثيرة - بدأت تنطفئ من الجسد تماماً كل عضةٍ للحيَّة، وجميع الشرور الناتجة من الانفعالات الجسدية، صارت تُستأصل منه... كما كتب يوحنا (الرسول): «لأجل هذا أُظْهِرَ ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس» (1يو 3: 8). فمنذ أُبيدت هذه من الجسد فقد تحرَّرنا جميعاً بسبب انتسابنا لجسده، بل وصرنا نحن أيضاً مرتبطين بالكلمة. ثم لكوننا صرنا مرتبطين بالله، لا نعود بعد نبقى على الأرض، بل كما يقول هو نفسه: «حيث أكون أنا (هناك) تكونون أنتم أيضاً» (يو 14: 3). وبالتالي لن نخاف فيما بعد من الحيَّة، لأنها أُبطِلَت في الجسد لمَّا طردها المخلِّص وسمعتْه قائلاً: «اذهب خلفي يا شيطان» (مت 4: 10)](1).

وهكذا يتضح لنا تطابُق كلمات القديس أثناسيوس مع كل ما قاله القديس بولس الرسول وسائر الرسل الأطهار، وكذلك تطابُق هذا الشرح مع صلوات كنيستنا القبطية الأرثوذكسية وليتورجياتها وتسابيحها وألحانها وأصوامها وأعيادها وطقوسها. فهي تُقدِّم لنا طعاماً روحياً ورؤية إلهية تبعث في نفوسنا قوةً وثباتاً في المسيح؛ حيث إنَّ هذه الصلوات والليتورجيات والأصوام والتذكارات، ليست مجرد تذكارات أو مناسبات نمارِس فيها طقوساً مختلفة، بل هي عبادة حيَّة - إذا قُدِّمت بالروح والحق - تُدخلنا إلى أعماق روحية ذات مذاقاتٍ متعدِّدة تأخذنا معها نحو السماء. وهكذا نستعيد فاعلية هذه الأحداث الخلاصية بنِعَمها الخاصة من خلال حضور الرب المُمجَّد بنفسه وسط شعبه في سرِّ الإفخارستيا.

فنحن ككنيسة واحدة رأسها المسيح ونحن جسده، نحتفل بسرِّ حضوره في وسطنا واشتراكنا معاً بالتناول من جسده المقدس ودمه الكريم المسفوك لأجل خلاصنا، في كل حدث من أحداث تجسُّده، لننال لأنفسنا من خلال عمله فينا نعمة الثبات فيه وهو فينا، لكي يُبيد من أعضائنا كل أهواء الجسد وشهواته، فينطبق علينا قول الكتاب: «الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات».

ونورد هنا جزءاً من صلاة الحجاب لأبينا القديس يوحنا ذهبي الفم يتلوها الكاهن استعداداً لخدمة القداس الإلهي:

[... أعطني يا رب روحك القدوس، النار غير الهيولية التي لا يُعبَّر عنها، التي تأكل كل الضعيفات وتحرق الموجودات الرديئة. وليقتل (أي يُميت) أعضاء الجسد التي على الأرض، ويُلجم حركات الفكر التي تقوده إلى الخيالات المملوءة أوجاعاً وآلاماً...](2).

وحينما نسمع في القدَّاس الإلهي الأب الكاهن وهو يُخاطب الآب في صلاة الصلح قائلاً: ”يا الله العظيم الأبدي الذي جبل الإنسان على غير فساد. والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس، هدمته بالظهور المُحيي الذي لابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلِّصنا يسوع المسيح“ (القدَّاس الباسيلي)؛ نُدرك في الحال مدى محبة الله الآب للإنسان الذي خلقه على غير فساد حاملاً صورته ومثاله. ولما دخل الموت إلى العالم بحسد إبليس، الذي خدع آدم وحواء بغوايته لهما للأكل من الشجرة المُحرَّمة مُشكِّكاً إيَّاهما في محبة الله وفي نعمته التي هما فيها مُقيمان؛ لم يقف الله عاجزاً عن تدبير الخلاص لكل جنس البشر، فأرسل ابنه الوحيد إلى العالم، فهدم الموت بموته وأَظهَر القيامة بقيامته: «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 3: 16),

وفي هذا يقول أيضاً القديس كيرلس الكبير:

[لقد أخذ الرب شكل العبد وصار في شِبه الناس، لكي بصَيْرورته كواحدٍ منَّا، يستطيع أن يقف كمنتقمٍ لنا ضد الثعبان عدونا القاتل الذي جلب علينا الخطية...

فقد جاء لكي يجعلنا به وفيه ننال النصرة في نفس المعركة التي فيها انهزمنا وسقطنا قديماً في آدم. فتأمَّل معي كيف أن طبيعة الإنسان في المسيح تنفض عنها وصمة الشَّرَه التي أصابتها في آدم. فإننا بالأكل انهزمنا في آدم، وبالإمساك (عن الأكل) انتصرنا في المسيح...

نعم، لقد انتصرنا في المسيح، والذي ساد قديماً على آدم قد مضى خائباً، لندوسه تحت أقدامنا، لأن المسيح لمَّا انتصر عليه، كان بذلك يُعطينا القدرة على أن ننتصر عليه؛ ولذلك قال: «هـا أنـا أُعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيَّات والعقارب وكل قوة العدو» (لو 10: 19)](3).

صلوات السواعي أيضاً

تُذكِّرنا يوميّاً بنعمة الله علينا:

فهوذا الكنيسة تُذكِّرنا كل يوم بما قد أتمَّه المسيح من أجلنا، وذلك عندما نُصلِّي الصلوات التي وضعتها الكنيسة بعقلٍ واعٍ وإدراكٍ وفهمٍ لكل كلمة ننطق بها، فإنها تُسلِّحنا ضد الغفلة والانغماس في هموم الحياة وتُنبِّهنا إلى كل ما عمله المسيح لأجل خلاصنا.

فهوذا بدءاً من صلاة باكر تضع في أفواهنا هذه الكلمات المضيئة مُخاطبين النور الحقيقي الذي يُضيء لكل إنسان آتٍ إلى العالم، بقولنا: ”... أتيتَ إلى العالم بمحبتك للبشر، وكل الخليقة تهللت بمجيئك. خلَّصتَ أبانا آدم من الغواية، وعتقتَ أُمَّنا حواء من طلقات الموت، وأعطيتنا روح البنوَّة... عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا النور الحقيقي، فلتُشرق فينا الحواس المُضيئة والأفكار النورانية، ولا تُغطينا ظلمة الآلام، لكي نُسبِّحك عقليّاً مع داود قائلين: "سَبَقَت عيناي وقت السَّحَر لأتلو في جميع أقوالك". اسمع أصواتنا كعظيم رحمتك، ونجِّنا أيها الرب إلهنا بتحنُّنك...“.

فنحن نُعلن ونعترف بأن مجيء الرب إلى العالم هو بسبب محبته للبشر، ولكي يهب الخلاص لأبينا آدم من الغواية، ويعتق أُمنا حواء من طلقات الموت. فبعد أن كانت تَلِد للعالم نفوساً مصيرها الموت، صارت بمجيء المسيح إلينا تَلِد من استحقُّوا أن يُولَدوا من الماء والروح ويصيروا أولاد الله.

وهكذا مع إشراقة كل صباح نستقبل في أرواحنا شمس البر، الذي يُشرق فينا بروحه، ويهبنا الحواسَ المُضيئة والأفكارَ النورانية، ويطرد من حواسنا ظلمة الآلام. وهكذا، إذا تتبَّعنا كل صلوات الأجبية، نجد فيها زخماً روحياً لا حدود له، فكم بالحري إذا صلَّينا كل صلوات الكنيسة وتسابيحها في كل مناسباتها بوعي وفهم!؟

فهوذا نحن نعترف في صلاة السادسة أنَّ المسيح قد سُمِّر على الصليب من أجل الخطية التي تجرَّأ عليها أبونا آدم في الفردوس. كما نُقرُّ ونعترف أنه لمَّا سُمِّر على الصليب، قَتَلَ الخطيئة بالخشبة، وأحيا الميت بموته الذي هو الإنسان الذي خلقه بيديه، الذي مات بالخطية. ونُطالبه أن يقتل أوجاعنا بآلامه الشافية المُحيية، وبالمسامير التي سُمِّر بها، ينقذ عقولنا من طياشة الأعمال الهيولية (الجسدية) والشهوات العالمية، إلى تذكار أحكامه السمائية كرأفته...

أليس في هذا كلِّه اعتراف واضح بإيمان الكنيسة، وإيماننا نحن بالضرورة، بأنَّ المسيح قد أكمل على الصليب صَلْب الجسد العتيق مع الأهواء والشهوات؟ وأنَّ هذا هو معنى القول: «الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات». لذلك يقول أيضاً القديس بولس شارحاً: «عالمين هذا: أنَّ إنساننا العتيق قد صُلِبَ معه ليُبطَل جسد الخطية، كي لا نعود نُستعبَد أيضاً للخطية» (رو 6: 6). وعلى هذا الأساس يُطالبنا بـولس الرسول أن نحسب أنفسنا أمواتاً عن الخطية، ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا (رو 6: 11).

إذن، فنحن مُطالبون أن نحسب أنفسنا - بالإيمان بعمل المسيح على الصليب - أمواتاً عن الخطية، ولكن أحياء لله بذبيحة ابنه يسوع المسيح ربنا؛ لأن المسيح صُلِبَ بإرادته مُتحمِّلاً الموت الذي نستحقه نحن بسبب خطايانا التي حملها في جسده.

فصَحَّ قول بولس الرسول: ”إن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات“. فالله في محبته التي لا يُنطق بها أرسل ابنه إلى العالم لكي نحيا به. لذلك يقول أيضاً بولس الرسول: «لأن محبة المسيح تحصرنا. إذ نحسب هذا: أنه إنْ كان واحدٌ قد مات لأجل الجميع، فالجميع إذاً ماتوا. وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم، بل للذي مات لأجلهم وقام... إذاً إنْ كان أحدٌ في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً. ولكن الكل من الله، الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح، وأعطانا خدمة المصالحة. أي إنَّ الله كان في المسيح مُصالِحاً العالمَ لنفسه، غير حاسبٍ لهم خطاياهم، وواضعاً فينا كلمة المُصالحة. إذاً نسعى كسفراءَ عن المسيح، كأنَّ الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله. لأنه جعل الذي لم يعرف خطيةً، خطيةً لأجلنا، لنصير نحن برَّ الله فيه» (2كو 5: 14-21).

في هذه المقطوعة الرائعة لبولس الرسول نجده يسعى بكل جهده أن يُبيِّن لنا مقدار محبة الله التي أظهرها في ابنه الذي أسلم ذاته لأجل خلاصنا، «وأطاع حتى الموت، موت الصليب» (في 2: 8)، لكي يفتدينا بموته من خطايانا. وهو يُعبِّر عن ذلك في كل رسائله بكل ما في استطاعته من شرح، فيقول في موضع آخر: «ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاةٌ مات المسيح لأجلنا» (رو 5: 8).

وفي ذلك يقول أيضاً القديس يوحنا ذهبي الفم:

[إن صليب الرب هو بالنسبة لنا فعل محبته التي لا يُنطق بها نحو البشر، ودليل اهتمامه العظيم بنا... «لأنه لهذا مات المسيح وقام وعاش...» (رو 14: 9). ليت هذا يُقنعك بأنه على الدوام مهتم بخلاصنا وتقويمنا...

فالذي أَظهَر مثل هذا الاشتياق لأن نكون له حتى أخذ شكل العبد ومات لهذه الغاية، أيمكن أن يهملنا بعد أن صرنا له؟ هذا مُحال ولن يكون بكل تأكيد! ولن يهون عليه بأن تضيع عليه مثل هذه الأتعاب، «فإنه لهذا مات...» (رو 14: 9)...

إذ أنه لم يدفع مالاً، بل دفع دمه الخاص لأجلنا! ولهذا السبب لن يهون عليه أن يفقد أولئك الذين دفع لأجلهم مثل هذا الثمن الكريم!](4)

فماذا ينبغي علينا فِعْله

إزاء كل هذا الحب الذي أحبنا الله به؟

«نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً» (1يو 4: 19)، «فإنَّ هذه هي محبة الله: أن نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة، لأن كل مَن وُلد من الله يغلب العالم. وهذه هي الغَلَبَة التي تَغْلِب العالم: إيمانُنا. مَن هو الذي يغلب العالم، إلاَّ الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله؟... مَن يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه... وهذه هي الشهادة: أنَّ الله أعطانا حياةً أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه. مَن له الابن فله الحياة، ومَن ليس له ابن الله فليست له الحياة» (1يو 5: 3-12).

وفي هذا يقول القديس أنبا مقار الكبير:

[يجب على النفس أن تُكِنَّ لعريسها المسيح المقترن بها شوقاً بمثل هذا المقدار وحُبّاً مثل هذا، كزوجةٍ حكيمةٍ مُحِبَّةٍ لرجلها، تراه يُلقَى في السجن أو في القيود أو في عذابٍ آخر، فتظهر بسبب محبتها له وكأنها مُقيَّدة معه ومشتركة في آلامه؛ بل ومتوجِّعة ومُعذَّبة في أحشائها أكثر منه.

فكما كانت القديسة مريم الواقفة بقُرب الرب المصلوب تبكي بدموع غزيرة بسبب لوعة الحُب، فتظهر كأنها مصلوبة معه؛ هكذا أيضاً النفس التي أحبت الرب وقبلت نار عشقه وسَعَت بـالحق لأن تتَّحد بعريسها المسيح، ينبغي أن تكون شريكة آلامه، وأن تحفظ دائماً أمام عينيها جروحه التي جُرح بها من أجلها، وتذكر في كل حين كل ما تألَّم به لأجلها، وكيف تعذَّب لأجلها ذاك المترفِّع عن كل عذاب، وكيف أنه وهو في صورة الله أَخَذَ صورة عبد... وهكذا تكون متألِّمة معه ومربوطة به في كل شيء، لأنها بهذا تتمجَّد أيضاً معه](5).

(يتبع)

(1) ضد الأريوسيين 2: 69.

(2) الخولاجي المقدس: القداس الكيرلسي، دير السيدة العذراء - براموس.

(3) شرح إنجيل لوقا 4: 1-14 (PG 72, 529-532).

(4) On Romans, Hom 11,XXV (PG 60, 408,631).

(5) SC 275, 84-86.