من مخطوطات الدير |
|
|
ميمر على القيامة المقدسة للأنبا بولس البوشي أسقف مصر في القرن الثالث عشر الميلادي، نقلاً عن المخطوطة م 18 (ورقة 116 وجه إلى 136 وجه) - مكتبة دير القديس أنبا مقار ببرية شيهيت
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد
(نبتدئ بعون الله تعالى وحُسْن توفيقه بشرح ميمر قاله الأب الفاضل القس بولس البوشي على القيامة المقدسة من جملة ميامر الأعياد السيِّدية، بركاته علينا، آمين).
يا مَن قام من بين الأموات وداس الموت وأنعم علينا بحياة جديدة لا تبلى، أيها المسيح إلهنا، أَقِمْ عقلنا الميت لكي ما يُشاهِد مجد لاهوتك غير المدرَك.
أيها الرب القدوس الذي أبطل مخاض الموت بقيامته المقدسة، أَبطِل عنا قوات العدو المميتة للنفس لكيما نسلك معك في حياة لا تَفْنَى.
أيها السيِّد الأزلي، ثبِّت فينا رجاء الحياة المستأنفة (الآتية) التي ليس لها انقضاء، واغرز في قلوبنا رجاء خيرات ملكوتك الأبدية.
أيها الرحوم المُتحنِّن الذي بقيامته المقدسة أعطى جنسنا السلطان أن يكون لنا معه حظ في القيامة الجامعة للكل، اجعل لنا نحن أيضاً (نصيباً) في ذلك الإرث مع كافة قديسيك.
أيها الصالح مُدبِّر كل البرايا، الذي يُغيِّر جسد ضعفنا فيُصَيِّره شبيهاً بجسد مجده في نعيمٍ لا يَبْلَى وحياة لا ينالها موت ولا وَصَب (تعب)، أعْطِنا قوة ها هنا لتُغيِّر منَّا العادات الرديئة بأعمال جيدة فاضلة، لكي نستحق انتقالاً فاضلاً مع كافة قديسيك الذين أرضوك منذ الأبد (منذ البدء).
وهَبْ لي أنا أيضاً أيها السيِّد منطقاً يا مَن وهَبَ الحياة مجاناً بقيامته المقدسة لكل البَرِيَّة، لأنطق على انبعاثك من بين الأموات. أعطني فهماً يا رئيس الحياة الذي أعطى حياة بقيامته لكل الهالكين لأُخبر بفعل قوتك التي لا تُقهر. امنحني قولاً يا عمانوئيل إلهنا الذي منح العالم فداءً من الموت بقيامته المُحيية، لأتكلم على قوة جبروتك وحُسْن ضياء قيامتك التي بها أضأتَ كل المسكونة.
الآن أبدأ وأقول: المسيح قام من بين الأموات، الذي مات داس الموت، والذين هم في القبور أنعم عليهم بحياة أبدية. الذي تألم قَهَرَ الآلام. الذي مات أبطل شوكة الموت. الذي مضى إلى الجحيم بقوة لاهوته سبى الجحيم وخلَّص النفوس التي كانت ترجوه. فتح باب الفردوس وأدخل آدم وذريته. الذي أقام الساقطين وأضاء علينا برجاء الحياة ولكافة الأجناس الذين لم يكن لهم رجاء، هيِّئ لنا طريقاً للملكوت. أَصلِح لنا سبيلاً يؤول إلى الحياة الجديدة. افتح أمامنا باباً يُفضي إلى المنازل الدهرية.
كيف يستطيع الأموات المولودون من الأرض (أن ينالوا) الحياة المؤبدة (الأبدية) في جوهرهم، لو لم يتحد بهم رئيس الحياة ورب القوات ويهب لهم الحياة التي تليق به؟
كيف يقدر المسجونون على التبرُّر لو لم يُخالِط بَشَرَهم (أي جسدهم) إله المجد البار وحده، ويُوصِّل إليهم المجد الملائم له؟
كيف يمكن الذي يَبْلَى أن يلبس ما لا يَبْلَى لو لم يتجسَّد من إنسانهم (أي من طبيعتهم البشرية) الربُّ الإله الذي لا يتغير ولا يزول، ويهب لهم عدم الفساد، ويصير رئيس الحياة متقدِّماً في البعث من بين الأموات.
وكما تقدَّم الموتَ إنسانٌ ترابي مشجون (حزين)، كذلك تقدَّم الحياةَ الربُّ السماوي البار وحده الذي بلا خطية، وله الاستطاعة أن يغفر الخطايا، البار وحده الذي بلا عيب وله القدرة أن يُبرِّر ويُحيي إلى الأبد كما يليق به.
وكما أن الموت الذي صار إلينا من أبينا آدم الأول لم يكن غريباً منَّا، بل صار إلينا بالنسبة للبشرية منه (أي من خلال جسد آدم الذي نشترك فيه)؛ كذلك الحياة التي صارت إلينا بالمسيح لم تكن غريبة منَّا، بل صارت إلينا بالنسبة للجسد المأخوذ منا تفضُّلاً منه علينا. فكان الموت بالعدل، وصارت الحياة بالتفضُّل والإنعام.
حقاً، لقد افتخرنا بالرب كما هو مكتوب، وارتفع قرننا بالإله مخلصنا، وفرحنا بخلاصه. وكما أن الله خلق البَرِيَّة منذ البدء تفضُّلاً منه عليها، لا حاجة به إليها؛ كذلك كان من واجب عدله أن يتعاهد بَرِيَّته، لا حاجة له إلى ذلك، بل تفضُّلاً منه ورحمة، فخلقها أولاً بحياة زمنية، وتعاهدها ثانية وجدَّدها بحياةٍ أبدية. أولاً: صنعها لعالم الفناء ودار الأتعاب والأوصاب، وثانياً: أقامها لعالم البقاء ودار النياح والنعيم والأفراح.
ولما خلق (الله) أبانا آدم وجعله في فردوس النعيم أمره قائلاً: «مِن كل الأشجار كُلْ، ما خلا من هذه الشجرة الواحدة لا تأكل، فإنك في اليوم الذي تأكل منها موتاً تموت». فأَكَلَ آدم ولم يَمُت ذلك اليوم بل بعد تسع مائة وثلاثين سنة. وكلام الله لا يكون باطلاً، بل كما أن الموت المحسوس (هو) افتراق النفس من الجسم، كذلك الموت المعقول (هو) افتراق روح الله من الإنسان. لأن بافتراق الأفضل من الأدنى يكون موت الأدنى بلا شك، لأنه سبب حياته.
فعند أَكْل آدم من عود (شجرة) المعصية انتُزعت روح الله منه، فمات بحقٍّ من الله موتاً معقولاً، الذي هو الموت الحقَّاني. لأن هذا الموت المحسوس هو انتقال لمَن عمل وصايا الله، ينتقل (من) الموت إلى الحياة. فلما نزع الله روح قدسه من آدم (في) ذلك اليوم الذي أكل من الشجرة المنهي عنها، حَكَمَ عليه بعد ذلك بالموت المحسوس قائلاً: «ملعونة الأرض من أجل عملك هذا، وشوكاً وحسكاً تُنبت لك كل أيام حياتك، وبعرق جبينك تأكل خبزك، حتى تعود إلى الأرض التي أُخِذتَ منها، لأنك تراب وإلى التراب تعود».
فأمضى الله فيه الموت المعقول ذلك اليوم، ثم حكم عليه بالموت المحسوس. وكان رجاء الحياتين قد فُقد منه، وكذلك نسله من بعده مثله، ولم يقدر أحدٌ من كافة نسله أن يرُدَّ إلينا الحياة الأبدية التي بلا انقضاء لأنها غير لائقة به، لأن الحياة التي بلا انقضاء لا تكون إلا للذي هو بلاهوته، لأننا غير محتملين لذلك، فتفضَّل وأوصلها إلينا بالتجسُّد العجيب. لأن حيث هو غير منظور بلاهوته، اتحد بجسد بشري كامل مثلنا في كل شيء ما خلا الخطية فقط، فأوصل الحياة لذلك الجسد المتحد به، ثم قَبِلَ به الآلام عنَّا، وأظهره غالباً للألم والموت بقيامته (بإقامته) له من بين الأموات، ثم أوصل إلينا الحياة المؤبدة بالنسبة لذلك الجسد المأخوذ منا.
وأراد ذلك تفضُّلاً، لأنه أراد أن لا نكون غرباء منه، فأشركنا في ذلك الميلاد الثاني وقبول روح القدس وأخذنا من سرائره المحيية، كما قال: «إذا لم تأكلوا جسد ابن البشر وتشربوا دمه ليس لكم حياة أبدية فيكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه، وهو يحيا من أجلي» (يو 6: 54). فمن دون هذا السبيل لا يقدر بشر (أن) يرث ملكوت السموات.
وإن كان الرب قد أقام الموتى ليُظهر قوته، فقد ماتوا أيضاً ثانيةً وعادوا إلى ترابهم منتظرين القيامة الجامعة للكل. فأما الرب فإنه بِكْر الانبعاث من بين الأموات، ولا يعود أيضاً يموت ثانية، كما قال (بولس) الرسول (رو 6: 9)، وبهذا صار هو خاصةً البِكْر في الانبعاث ومُتقدِّماً كل الخيرات.
وحيث نظر البشر إلى الجسد الذي كان بالياً فاسداً قد انبعث من بين الأموات حيّاً عادم الفساد بقوة اللاهوت، علموا أن الانتقام قد مضى، والموت قد انقضى، والحياة قد أضاءت، والخلاص قد حضر. وليس ذلك بإنسان، بل (بواسطة) الرب إله القوات.
فلنرتل اليوم مع بولس الرسول قائلين: «الآن قد قام المسيح من بين الأموات، وصار أول المنضجعين. وكما أن بموت آدم صار جميع الناس يموتون، كذلك بالمسيح صار الكل يحيا به، جميع الناس كل واحد بهيئته. فالمسيح هو البدء، ثم من بعده عند مجيئه أولياؤه (مختاروه). حينئذ يكون الغاية» (1كو 15: 20-24).
وقال في رسالة أخرى: «فإن كان الموت قد تسلَّط من أجل إنسان واحد، فكم أحرى الذين نالوا النعمة والعطية بالبر يملكون في حياة الأبد بالواحد يسوع المسيح. وكما أن الناس جميعاً شُجبوا بذنب إنسان واحد، كذلك ببر هذا الواحد (المسيح) يؤتى جميع الناس في لُجِّ (في عمق) الحياة. وكما أن بمعصية إنسان واحد كثرت الخطية، كذلك بطاعة واحد كثر الأبرارُ» (رو 5: 17-19).
هذه الموهبة كملت لنا اليوم، يا أحبائي، بقيامة ربنا يسوع المسيح، التي بها تفرح قلوبنا وتتعزَّى من تذكار آلامه المحيية التي قَبِلَها من أجلنا. اليوم، يا أحبائي، كملت كلمة داود النبي القائل: «في المساء يكون البكاء، وفي الصباح يكون الفرح» (مز 30: 5). لأن اللواتي كُنَّ يندبن ويبكين عليه بالأمس وقت المساء، لمَّا بُشِّرن باكر اليوم من الملائكة، رجعن بفرح عظيم من القبر مسرعات ليُخبرن تلاميذه الرسل الأطهار القدِّيسين الخصصين (الأخصاء) به، بأنَّ الرب قد قام وهوذا يسبقكم إلى الجليل. ثم زادهن فرحاً وسروراً بما قاله لهُنَّ بعد بُشْرى الملائكة: ”افرحن“، «فتقدَّمن وأمسكن قدميه وسجدن له». ثم إن الإله المُتحنِّن أزال عنهن الخوف الذي اعتراهن من اليهود الأشرار بما قاله لهن: ”لا تخفن“، أعني: ”أنكن قد رأيتموني وانتعشت قلوبكن“. ثم قال: «اذهبن وقُلْن لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل هناك يَرَونني».
يا لهذا الرجاء والعزاء الذي لا يُحدُّ، أنه أَسْمَى (أي دعا) البشر ”إخوته“ لأجل التجسُّد العجيب. كما هو مكتوب: «إني أُبشِّر باسمك إخوتي» (مز 22: 22). وأنهم إذا حفظوا وصاياه ينبعثون مثله بلا فساد، لأنه رأس حياتهم. وأن الابن الوحيد صار بِكْراً لإخوة كثيرين، كما شهد الرسول (رو 8: 29)، ومع هذا لم يترك عنه الوحدانية، فهو الابن الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، وبِكْر لإخوة كثيرين في الانبعاث من بين الأموات.
فالآن، يا أحبائي، نمجِّد قيامة ربنا يسوع المسيح التي بها شرَّف جنسنا، ووهب لنا راحة أبدية لا ينالها فناء. نسرع إلى القبر بالروح مع بطرس ويوحنا. نمسك قدميه المعقولتين مع مريم الطوبانية والدته ومريم الأخرى، ونسجد له ونُقبِّلهما. ننهض سالكين في طريق عمواس مع لوقا ورفيقه اكلوبا، لنسمع من فمه القدوس تفاسير الكتب التي قيلت بالروح على آلامه وقيامته، ثم نعود بسرعة إلى الأحد عشر ونصرخ باتفاقٍ واحد مع الجميع قائلين: ”حقاً قد قام الربُّ“. نذهب إلى الجليل مسرعين غير متهاونين ونسجد مع الرسل الأطهار الأحد عشر ونسمعه قائلاً: «أُعطيتُ كل سلطان في السماء وعلى الأرض»، وكيف وعدهم قائلاً: «امضوا إلى كل الأمم، وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس».
ندخل إليه في العلِّيَّة المغلقة الأبواب بهمة الروح معقولاً، ونشاهد الرب الذي له القوة أن يعبُر في كل شيء بغير مانع، وهو يُعطي السلام لخواصه أئمة (باكورة) كل المسكونة آبائنا السادة الأطهار الموالي (جمع: ”مَوْلَى“) الرسل الأفاضل، ونتأمل كيف وهب لهم الروح المُحيي بنفخة الحياة، هذا الذي نزعه من أبينا آدم الحُر الأول عند المخالفة. ثم زادهم للوقت سلطاناً أفضل أن يربطوا ويحلُّوا. ونصرخ إليه مع توما الرسول قائلين: ”ربنا وإلهنا“، لنسمع منه الطوبى المملوءة عزاءً وهو يقول: ”طوباهم الذين لم يروني ويؤمنون“.
نمشي برياضة (باجتهاد) مع الرسل صيادي السمك والناس معاً إلى بحيرة طبرية لننظر عجائبه بعد قيامته التي أظهرها لهم هناك، وكيف أظهروا أنه هناك علانية، وكيف أوصى أبانا بطرس رأس الرسل على الرعية الروحانية، ونصرخ بعدهم قائلين: لك أيها المسيح إلهنا نمجِّد، وبموتك المُحيي نبشِّر، وبقيامتك المقدسة نعترف، ولمجيئك ننتظر في استعلانك الثاني.
هَلُمَّ في وسطنا اليوم يا داود المرتل بقيثارة ذات عشرة أوتار، لكي نرتل معك في فرح هذا العيد المجيد اليوم، ولكننا لسنا نقول بتلك (الكلمات): في ذلك الزمان يقوم وتتبدد أعداؤه، لأن هذا يدلُّ على فعل مزمع أن يكون، فلم يكمل هذا في أيامك، بل بروح النبوَّة تكلَّمتَ بما هو مزمع. فأما الآن فقد كمل لنا ذلك، وفرحنا بالخلاص. فلهذا نصرخ قائلين: ”قد قام الرب وتبدَّدت أعداؤه الذين هم الشياطين المردة... ومخالفوه عن وجهه يبيدون ويضمحلون، كما يضمحل الدخان ومثل ما يذوب الشمع بالنار“ (مز 68: 2).
ثم نسمع النبي بعين الرجاء قائلاً: «قُم يا رب وخلِّصني يا إلهي» (مز 3: 7). وقال: «قُم يا ربي وإلهي بالأمر الذي أوصيت» (مز 7: 6). وقال على رجاء الخلاص: «من أجل شقاء الفقراء وتنهد المساكين أقوم الآن قال الرب، وأكون في الخلاص وأستعلن به» (مز 12: 5). ثم جاوب بعين الإيمان والتصديق قائلاً: «قول الرب قولٌ زكيٌّ كمثل فضة مضاعفة قد صُفِّيت في الأرض للواحد سبعة» (مز 12: 6).
وقال على كمال القيامة كأنه يشاهدها بالعيان: «استيقظ الرب كالنائم، وكمثل جبَّار ثمل من الخمر، فردَّ أعداءه إلى خلف وجعلهم عاراً إلى الأبد بغير تعاهد» (78: 66،65). وقال: «قُمْ يا الله ودِن الأرض، لأنك وارث جميع الأمم» (مز 82: 8)، أعني دخول الأمم في الإيمان.
قال إشعياء نبوَّة على لسان الشعب: «أنت الله ولم نعلم، إله إسرائيل ومُخلِّصه. ها قد افتضح المعاندون له ومشوا بالخزي» (إش 45: 15،16). قال زكريا: «سبِّحي وافرحي يا ابنة صهيون من أجل أني أجيء وأحلُّ في وسطك، قال الرب، وأمم كثيرة يهربون إلى الرب في ذلك اليوم ويكون لي شعباً» (زك 2: 10،11)، أَظْهَر النبي دخول الأمم في الإيمان.
وإرميا النبي يقول: «هكذا يقول الرب، أروي كل نفس عطشانة وأشبع كل نفس جوعانة، كذلك استيقظت وأبصرت النوم قد طاب لي» (إر 31: 26،25). (لقد) أَسْمَى (أي دعا) النبي تسليم نفس الرب نوماً، لأنه حيٌّ باللاهوت، وهو مزمع أن يستيقظ سريعاً من حيث لا يُعاين جسده غياراً (تغييراً). وقد أسماه داود أيضاً نوماً كما قال: «قام الرب كمثل النائم» (مز 78: 65). وقوله في إرميا: إن النوم قد طاب لي، أعني أنه كان الخلاص، فهو عنده حسن طيب، وفعله جميل.
أما سليمان فإنه صرَّح بالقول في كتاب الحكمة قائلاً: عند ذلك يقوم البار مدلاه (مُفتخراً) بكثرة قوته أمام وجه الذين اضطهدوه وظلموا شعبه، وإذ رأوه اضطربوا من شدة الخوف، ويتحيرون من عجيب خلاصه ويقولون فيما بينهم نادمين متحسِّرين في أرواحهم هكذا قائلين: هذا الذي كُنَّا نتهزَّأ (نستهزئ) به فيما مضى، وجعلنا نحن الجهلاء أحدوثة ومَثَلاً للعار ومُوسوساً (مجنوناً) وموته حزناً شنيعاً؛ فكيف أُحْصِيَ الآن مع أبناء الله، وحظُّه (نصيبه) مع الأطهار. لقد ضللنا عن طريق الحق، ولم يظهر لنا نور الصدق، ولم تطلع علينا شمس البر، وانهمكنا في سُبُل الآثام والهلاك، وجرينا في قفر لا يُسلَك، ولم نهْتَدِ إلى طريق الرب (حك 5: 1-7). أعني بهذا: ندامة القوم الذين آمنوا من اليهود، خاصة الذين كانوا مجتمعين على صلبه، كما بكَّتهم بطرس رأس الرسل بإعلانٍ كالمكتوب في الإبركسيس قائلاً لمقدِّميهم: «هذا هو الحجر الذي رذلتموه أنتم أيها البناؤون، وهو صار رأس الزاوية» (أع 4: 11).
(يتبع)