ادخل إلى العمق



- 10 -
«الأواني الخزفية، والكنز المخفي»
«وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ»
(2كو 4: 7)

تمهيد:

عمل الرب الإله آدم الإنسان الأول من الأرض، ونفخ فيه روح حياة من فِيه، وطبعَ عليه صورة مجده، وأعطاه سلطاناً على كل خليقته، كقول داود المرنِّم: «فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ، تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» (مز 8: 4 -6)، فالرب كصانع ماهر وفخَّاريٍّ مُقتدِر، أراد للإنسان أن يكون آنية كرامة ومجد تشهدُ لاسمه، وتحيا وتضيء من قِبَل نوره المنعكس عليها. إلاّ إنَّ الإنسان بسقوطه، بعد أن سمحَ لمشورة الشر أن تدخل إلى أعماقه، قد حوَّل نفسه من آنية لمجد الله، إلى آنية هوان لنفسه ولكل جنسه، إذ قد تلوَّث إناؤه بروح الشر والخطية، ففارقته النعمة، وتبدَّل حاله من الكرامة والمجد والحياة مع الله، إلى الهوان والسقوط ودخول الموت والفناء إلى طبيعته التي فسدت.

فالله الرحوم لم يخلق الإنسان كآنية للهوان أو الموت والفناء، بل إنه صنعنا كأواني للمجدِ والكرامة، لنشهد بعظمة صانعنا، ونمتلئ كل حين من بهاء نوره وقداسته، ولكن حدثَ هذا التحوُّل بسبب خطية الإنسان وسقوطه، وانطفاء نور الله من حياته، فجلبت عليه الخطية حُكمَ الموت، واجتاز الموت لجميع الناس، بسبب تسليمهم نفوسهم لسلطان الشرير المتسلِّط عليهم - أي إبليس - الذي أهانهم، وأهان نفوسهم وأجسادهم. ولكن لم تشأ نعمة الله المخلِّصة، أن تترك آدم وبنيه تحت هذا الحُكم؛ لأن الله وهو الفخَّاريُّ القادر على كل شيء، قد أشفق علينا برحمته من قِبَل تجسُّد ابنه الوحيد يسوع المسيح، ودبَّر لنا عمل فدائنا وإعادة خلقتنا، بالميلاد الجديد الذي وهبه لنا، حتى يُعيد آنيتنا لمجد وكرامة خلقتها الأولى كما سبق وعملها. ثم وهبنا بصيرة ونعمة كي ما نحدِّد اختيارنا، إن كنَّا نريد أن نصير أواني لمجد اسمه، فنتوب ونتقدَّس، ومن ثمَّ نعود لمرتبتنا الأولى في الحياة مع الله، أو نعمل مشيئة إبليس والعالم فنصير أواني للهوان، مآلُها الكسر والنار والفناء. وهنا نتذكَّر تحذير الرب للمُقعَد الذي كان له ثمانية وثلاثين سنة، عندما شفاه، فقد قال له: «... هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضاً، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ» (يو 5: 14). إذن، نحن الآن أمام نوعين من الأواني: أواني للكرامة وأخرى للهوان، والذي يحدِّد طبيعتهما هو حياة الإنسان وسلوكه، ووجود الله أو بُعده عن هذه الحياة، إمَّا بالانقياد بروحه أو بمشورة إبليس.

لماذا نحن أواني خزفية ؟

عندما صرخ بولس الرسول إلى الله ليرفع عنه تجربته، أجابه الروح: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ» (2كو 12: 9). فالله لا يعمل إلاّ في المتضعين، ويُعلِن قوته في المساكين بالروح والضعفاء وغير الموجودين، في نظر أنفسهم وفي نظر العالم، فهو لا يُغني غنيًّا، ولا يُشبع شبعاناً، ولا يعطي قوَّته إلاّ للذين اعترفوا به إلهاً ومخلِّصاً، وأنكروا ذواتهم وطلبوا معونته، فحينئذٍ يُظهِر لهم قوَّته ومجده، ويعلن قدامهم خلاصه، كقول إشعياء النبيّ: «يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً» (إش 40: 29)، وأيضاً يقول: «فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ، وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ، لأُحْيِيَ رُوحَ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَلأُحْيِيَ قَلْب الْمُنْسَحِقِينَ» (إش57: 15). فالله دائماً يتحنن ويتدخل لأجل نصرة وخلاص ومعونة المتضعين، والذين أدركوا أنهم بيد الله القدير كالآنية الفخارية الضعيفة التي لا منظر لها أو قوة، وهم بهذا الشعور والإحساس المتواضع أمام الله، يعطون له الفرصة ليعمل فيهم وبهم، ويُظهِرهم كآنية للكرامة وإعلان مجده، والتمتُّع بنعَمِهِ وخيراته وعشرته، فيتم فيهم القول: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً» (1بط 5: 5).

ويكشف لنا بولس الرسول سرَّ الآنية الفخارية، فيقول: «وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا» (2كو 4: 7)، وذلك حتى ندرِك أنَّ سرَّ القوة والنعمة يعود إلى الروح القدس، الرب المحيىّ الساكن فينا، بغضِّ النظر عن ضعفنا وقدرتنا المحدودة. وأنَّ كل صلاح نعمله، ليس من ذاتنا وحدنا، بل من الله المعضِّد لجبلتنا الضعيفة. وحينها نعطي المجد لإلهنا المُحبّ باتضاعٍ لائقٍ بمجده، كما يشهد أيضاً بولس الرسول بالروح قائلاً: «كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ» (2كو 6: 10)، شهادة على أنَّ الغِنى الحقيقي والقوة الحقيقية لا ترتبط أبداً بإمكانياتنا البشرية، أو مظهرنا أمام العالم كأواني خزفية ضعيفة؛ لأنَّ نعمة الله، إن أنارت حياتنا، جعلت هذه الأواني الحقيرة أواني مجد وكرامة، وشهادة أعظم لمجد الله، فالمظهر الخارجي والضعف الإنساني لا يقدران أن يقفا حائلاً أمام عمل نعمة الله.

وكما كانت خيمة الاجتماع قديماً، تبدو من الخارج بلا منظر أو جمال، إلاّ إنها كانت من الداخل ذات بهاءٍ وقداسة ورهبة، لسبب حلول مجد الله العليّ وبهاء نوره فيها، وكذلك السراج، لا يُضيره كونه من معدنٍ رخيص أو نفيس، لكن تبدو قيمته في قدرته على الإضاءة بالزيت (زيت النعمة) الذي يملأه، فنقول إن هذا سراج منير أو سراج مظلِم؛ هكذا نحن نبدو ضعفاء بطبيعتنا حسب الجسد، وبلا منظر في هذا العالم، ولكن بسبب الروح القدس المعطَى لنا والساكن فينا - إن كنا متضعين له - فإننا ننير في هذا العالم، ونغلب كل أعدائنا المتربِّصين بنا كقول يوحنا الرسول: «الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ» (1يو 4: 4). وبولس الرسول، يُشجِّع تلميذه تيموثاوس بقوله: «لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ» (1تي 4: 13). فنحن إن كنَّا، من جهة، نظهر كأواني خزفية ضعيفة أمام العالم لنُدرِك حجمنا الحقيقي، ونتضع أمام الله، فمن جهة أخرى، نقدر بسبب إيماننا وثقتنا في النعمة المذخَّرة لنا في داخلنا، وبسبب اتضاعنا، نقدر بقوة المسيح ونعمته على غلبة كل أركان هذا العالم الشرير، وذلك حسب قول الكتاب المقدَّس: «وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا» (1يو5: 4).

أنواع الأواني: (أواني الكرامة - أواني الهوان):

يتحدث الكتاب المقدَّس عن نوعين هامين من الأواني، ميَّزَ بينهما، وأشار إليهما ببعض العلامات والمسميات، وهذان النوعين هما: أواني الكرامة، وأواني الهوان.

أمَّا عن أواني الكرامة، فهي تلك الأواني المُعدَّة للمجد والكرامة والمديح والمكافأة، وقد أشار لها الكتاب المقدس بتعبيرات كثيرة، منها:

( الأواني المملوءة زيتاً: في مَثَل العذارى الحكيمات، قال يسوع عنهُنَّ، إنهنَّ ملأنَ آنيتهن بالزيت مع مصابيحهن، حتى يجدن دائماً زيتاً لهذه المصابيح، فلا تنطفئ منهن في العُرس، وكان هذا إشارة وتنبيهاً لضرورة السهر والجهاد الروحي والاستعداد للقاء العريس السمائي، فحينئذ نجد لنا رصيداً يعيننا على القيام والفرح مع الفرحين في العرس، بسبب جهادنا وسهرنا وأعمالنا الصالحة التي أعددناها في آنياتنا لمقابلة هذا اليوم، يوم لقاء العريس. فأول ملامح أواني الكرامة، هي تلك المملوءة زيتاً، أي زيت النعمة بثماره من سهر وجهاد روحيّ.

( الأواني المملوءة صلاحاً: قيل هذا التعبير عن الأواني التي تشهد بأعمالها، وتنطق بالبركة والصلاح والشكر، على كل حال وفي كل حال، ممجِّدة الله في كل حين، حسب قول الرب يسوع: «اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ» (لو 6: 45)، وأيضاً كما أوصانا الرب نفسه بالقول: «... لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ» (مت 5: 16).

( الأواني المختارة: (للشهادة): مثال هذا النوع من أواني الكرامة، هو القديس بولس الرسول نفسه، فقد قال الرب لحنانيا، عندما نظر تخوُّفَه من الذهاب لمقابلة شاول: «فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي» (أع 9: 15 و16)، فالله الفاحص القلوب، يعلم كيف يستخدم أوانيه التي صنعها لتكون شاهدة لمجد اسمه، وهو الذي يستطيع أن يُخرِج من الجافي حلاوة، لأنه هو الفخاريّ الحكيم والقادر.

( أواني الرحمة: مسمَّى آخر لآنية الكرامة، هو أواني الرحمة، كما ورد في رسالة بولس لأهل رومية: «وَلِكَيْ يُبَيِّنَ غِنَى مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ» (رو 9: 23)، فهذه الأواني هي تلك التي أفاض الله عليها رحمته، من قِبَل إيمانهم به، وثقتهم في قدرته، مما أهَّلهم لإدراك البرّ الذي من الإيمان، بينما تعثَّر إسرائيل عن إدراكه، بسبب اتكالهم على بر الناموس، ورفضهم مشورة الله من جهة أنفسهم، حينئذ أجزل الله العطاء للبعيدين الذين قبلوا الإيمان به، وأظهر فيهم غنى مجده ورحمته، وصيَّرهم أواني للكرامة، لأنهم قد هيَّأوا قلوبهم، بالإيمان به، فغمرهم بعظيم رحمته عليهم.

أمَّا عن أواني الهوان فنقول: أشار الكتاب المقدَّس لأواني الهوان، بتعبيرين:

( آنية الغضب: يقول بولس الرسول، في رسالته لأهل رومية: «فَمَاذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ، احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ» (رو 9: 22)، ولعل أعظم مثال على أواني الغضب، يظهر في شخص فرعون مصر، وما حدث معه أيام موسى، حيث أن الله أدَّبه، أولاً بالضربات المتوالية، لعله يلين ويطلق شعبه، فلما تصلَّف وتجبَّر، قسَّى قلبه وتركه حسب هوى قلبه وكبريائه، وأمات أبكار المصريين، ثم غرَّق جيشهم في البحر الأحمر، مُظهِراً فيهم قوته ومجده، ومعلناً غضبه فيهم، كآنية غضب.

( والنوع الثاني من أواني الهوان هم: أصحاب الذهن المرفوض: وهؤلاء منهم من رجعوا عن عبادة الله، والإيمان، فعبدوا العِجل، ورجعوا بقلوبهم لأرض مصر والعبودية، وتذمَّروا على الله، كبني إسرائيل، فضربهم الرب بالحيَّات القاتلة، وآخرون الرافضون الله، والذين عبدوا الأوثان، وزنوا وراءها، وهؤلاء أَسلمهم الله لذهن مرفوض، وعاقبهم بمجازاة مرَّة، كما يذكر لنا بولس الرسول في الرسالة لأهل رومية بقوله: «لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ ... لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ ... لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ ... أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ» (رو1: 24، 26، 28).

الكنز المخفي:

إن قيمة الإناء، كما ذكرنا، منوطة بما يحتويه في داخله، من قيمة وجوهر، وليس بحسب طبيعته الضعيفة والهشَّة، ولعل في المثل الذي قاله الرب يسوع عن ملكوت السموات ما يوضِّح ذلك، فالرب يقول: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَوَاتِ كَنْزاً مُخْفىً فِي حَقْلٍ، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ» (مت13: 44)، فالأمر الذي جعل هذا الإنسان يشتري الحقل، (الإناء)، هو أن الكنز كان مخفى فيه، وما أجمل كلمات التسبحة المقدَّسة، التي تشبِّه القديسة العذراء مريم، بقسط المن الذهبي (الإناء البشري المختار من الله)، الذي أخفتْ فيه المن السمائي، الابن المتجسِّد، الذي أعطى الخلاص للعالم، فتقول التسبِّحة: ]يليق بكِ أن يُدعى اسمُكِ قسط الذهب (الإناء) المخفَى فيه المن[، وأيضاً ]أنتِ هي قسط الذهب النقيّ (الإناء الذهبي) المخفَى المن في وسطه[، وكذلك تقول التسبحة: ]وأنتِ يا مريم حملتِ في بطنكِ المن العقلي الذي أتى من الآب[ (ثيئوتوكية الأحد - القطعة الرابعة). فما أَبلغَ هذه الإشارة عن التجسُّد الطاهر لربنا يسوع المسيح، الكنز المخفَى، الذي من أجل نقاوة وقداسة إناء العذراء الطاهرة، قَبِل أن يحلَّ في أحشائها، معلناً وناطقاً بحب الآب لنا، والذي استُعلِن في ملء الزمان لأجل خلاصنا.

ولا ننسى أن مجد الله وحلوله المحدود قديماً، في خيمة الاجتماع، التي كانت صورة بسيطة للآنية المصنوعة بيد إنسان، ليحُلَّ الله فيها، كانت تمهيداً لاستعلان مجده، وكنزه الحقيقي، بابنه الوحيد في الهيكل غير المصنوع بيد، أي في هيكل بشريتنا، بجسدٍ حقيقي من أجل خلاص العالم، معطياً الفرح والخلاص للبشرية، بتجسُّده في إناء بشريتنا الضعيف، لنصير به ومعه آنية مجدٍ وكرامة لله الآب في السماء.

This site is issued by the Monastery of St Macarius the Great at Scetis