Search
Close this search box.

تاريخ مكتبتنا

مكتبة دير أنبا مقار لها تاريخ سحيق في القدم.

بدايةً، عُرفت كلمة ”مكتبة“ باللغة القبطية لدى الرهبان الأقباط باسم ”الوولثاكي“([1])، حيث حرف B يُطَق ”واو“ باللهجة الصعيدية. وتُكتب ϯⲃⲓⲃⲗⲓⲟⲑⲏⲕⲏ حيث ”بيبلو“ = كتاب، و”ثيكي“ = دولاب.

بدأت مكتبة دير أنبا مقار بطبيعة الحال بدولاب صغير داخل الكنيسة يحوي كل كتب القراءة. والدولاب كان يسمَّى θυρίδες ، ولم يُعرَف الدولاب بوضعه المستقل الحالي بل كان عبارة عن طاقة في الحائط طويلة لها لها ضلفتان وبها رفوف تُرصُّ فوقها الرقوق. والمخطوط كان يسمَّى بالقبطية واليونانية: ”طومُس“ τόμος. أمَّا كتب القراءة في الكنيسة فكانت تشمل منذ البدء كافة الكتب المستخدمة الآن، إنما كلًّا منها على حدة، بترتيب مبسَّط نوعًا ما، فكان يوجد – بحسب ما تحققنا من روايات سارقي المخطوطات – مخطوطات تحوي الأناجيل قائمة بذاتها ومخطوطات تحوي الأسفار الخاصة بالعهد القديم فقط ومخطوطات خاصة بالرسائل([2]).

ومن أمثلة ذلك ما يذكره إفلين هوايت عن مخطوطة الأسفار الخمسة التي كانت تستعمل في الكنيسة وهي محفوظة الآن بمكتبة الفاتيكان في قسم المخطوطات القبطية، كذلك وبجوار هذه المخطوطة تمامًا في نفس مكتبة الفاتيكان([3]) مخطوطة أخرى لدير أنبا مقار تشمل سفر المزامير بأكمله ونشيد الأنشاد وعليها آثار الخدمة في الكنيسة (نقط شمع وزيت وخلافه)([4]) وهي من القرن العاشر.

ومن أعجب المخطوطات التي كانت في حيازة مكتبة دير أنبا مقار مخطوطة للمزامير مكتوبة بست لغات على ستة أنهر قبطي وعربي ويوناني وأرمني وحبشي وسرياني، ولعلها كانت تخرج في المناسبات عند وجود رؤساء دينيين أجانب، فتُقرأ الفصول بلغتهم جنبًا إلى جنب مع قراءة القبطي. وهذه المخطوطة الثمينة دُعيت باسم ”مزامير البربريني“ وهو الشخص الذي وقعت من نصيبه في عملية نصب ضاعت فيها معظم مخطوطات الدير، لأن المركب التي أقلعت بالصفقة المسروقة وقعت في شرك قراصنة البحر؛ وأخيرًا ظهر المخطوط في يد رئيس فرسان فرقة القديس يوحنا بمالطة الذي قدَّمه هدية إلى الكردينال بربريني([5]).

ومن عينة مخطوطات الأناجيل التي كانت تستخدم في الكنيسة المخطوطة التي سرقها هنتنجتون Huntington وهي موجودة الآن في مكتبة البوديليان([6]).

ومن عينة مخطوطات الرسائل، المخطوطة ”الجميلة“ التي رآها ”طاطام“ Tattam سنة 1839م وتعذر عليه شراؤها ولا نعلم مصيرها بعد ذلك.

وبجوار الأسفار المقدسة بعديها القديم والجديد، كانت مكتبة الكنيسة بطبيعة الحال تحوي بعض الخولاجيات التي رأى منها طاطام مؤخرًا ”مائة“ مخطوطة بالمكتبة([7]).

وإن كانت هذه المخطوطات تحمل تواريخ متأخرة مثل القرن العاشر مثلًا إلَّا أن كلًّا منها عبارة عن نسخة منسوخة من نسخة أقدم منها كانت مستخدمة في الكنيسة ولكن بالاستخدام المتواتر صارت غير صالحة للاستعمال داخل الكنيسة([8]).

كذلك من الكتب الكنسية التي كانت مخصصة للخدمة داخل الكنيسة فقط القطماراسات الضخمة التي تخدم فصول السنة والمناسبات المختلفة، ويفيدنا الرحالة روبرت هتجتون أنه رأى منها في المكتبة سنة 1682 أربعة أجزاء ضخمة تخدم قراءات السنة كلها باللغة القبطية، وهذه أيضًا لا نعلم مصيرها الآن.

وهذه القطمارسات تمثل بداية العصر الكنسية الذي فيه اختُزلت كثرة استخدام الكتب المتنوعة من العهد الجديد والقديم والرسائل والمزامير كلُّ على حدة، فجُمعت الفصول حسب ترتيبها وأودعت مجلَّدا واحدًا دعي بـ ”القطمارس“ لتسهيل القراءة.

وهكذا نعتقد أن الكتب الكنسية كانت هي المصدر الأول الذي منه بدأت ذخيرة مكتبة الدير، كما ظلَّت الكنيسة مصدر تغذية دائمة للمكتبة على مدى العصور سواء بما كان يُقرأ فيها ويتقادم عهده أو ما كان يُهدى إليها من البطاركة والأساقفة.

كما أن المعتَقَد أن موضع المكتبة كان في البداية داخل الكنيسة وفي عهد كاهن الكنيسة باعتبارها المبنى المركزي الوحيد الذي يمكن أن تُحفَظ فيه الكتب.


([1]) See Zoëga cat., No. XLIV, p. 66.

([2]) Hist. Patr., p. 469.

([3]) Cod. Vatic. Copt. I.

([4]) Hist. Vatic. Copt V.

([5]) See the Original documents: Nau P.O.X. p. 217.

([6]) Bod. Lib. (Hunt 17) described by Horner.

([7]) Ev. Whire, I, XI.

([8]) Ev. Whire, I, XXX.