لقد تم فيه كلام النبي داود “طوبى للرجل الذي لم يتبع مشورة المنافقين. ولم يقف في طريق الخطاة. ولم يجلس في مجالس المستهزئين، لكن في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهارا وليلا”. هذا القديس هو الذي حفظ وصية سيده، وتاجر بالوزنة فربح، فكم من الآيات والعجائب آجراها الله علي يديه، منها انه لما كان في مدينة إدكو كان عندما يصعد علي المنبر ليعظ الشعب يكثر من البكاء، ولما سأله بعض تلاميذه عن سبب بكائه، قال له كان ينظر خطايا الشعب وأعمالهم الرديئة، وذات مرة رأي السيد المسيح في الهيكل والملائكة يقدمون له أعمال الشعب واحدا فواحدا، وسمع صوتا يقول “لماذا تتوانى يا أسقف عن وعظ شعبك ” فقال “يا رب انهم لا يقبلون كلامي”. فقال يجب علي الأسقف إن يعظ الشعب، فان قبلوا، وإلا فدمهم علي رؤوسهم”. ولما دعوه للذهاب إلى مجمع خلقيدونية مع الآب ديسقورس ووصلا إلى قصر الملك منعه الحجاب من الدخول لحقارة ملبسه حتى عرفهم الآب ديسقورس انه أسقف إدكو. ولما دخل وسمع قول المخالفين في السيد المسيح، حرم الملك في المجمع وقد استعد إن يسلم نفسه للموت في سبيل المحافظة علي الإيمان الأرثوذكسي، فنفوه مع الآب ديسقورس إلى جزيرة غاغرا Gagra، ومن هناك أرسله الآب ديسقورس مع تاجر مؤمن إلى الإسكندرية قائلا له “إن لك هناك إكليل شهادة”. فلما وصل إلى مدينة الإسكندرية واتفق وصول رسول الملك بكتاب فيه الأمانة الجديدة الخلقدونية القائلة بالطبيعتين، وقد أوصاه الملك قائلا بان من يكتب اسمه أولا علي هذه الأمانة يصير بطريركا علي المدينة. فكان بالمدينة مقدم القسوس اسمه بروتاريوس، وقد اخذ الكتاب ليكتب اسمه أولا، فذكره القديس مقاريوس الأسقف بالقول الذي قاله له الآب ديسقورس عند ذهابه إلى المجمع وهو “انك ستستولي علي كنيستي بعدي. فتذكر الكلام وتوقف عن الكتابة فلما علم رسول الملك إن الأسقف غير موافق علي أمانة الملك، ولم يكتب اسمه أيضًا وثب علي الأسقف وركله فتنيح علي الأثر ونال إكليل الشهادة. وأخذه المؤمنون ودفنوه مع جسدي يوحنا المعمدان واليشع النبي، فتحقق بذلك ما قاله هذان القديسان في الرؤيا بهذا الآب الأسقف، إن جسده سيكون مع جسديهما، وقد انتقل إلى السيد المسيح فائزا بإكليل المجد. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.