نياحة غبطة أبونا يعقوب الثاني بطريرك إريتريا، في يوم 4 مارس سنة 2004، انتُخِب أبونا أنطونيوس ليكون ثالث بطريرك للكنيسة الإريترية الأرثوذكسية بتصويت مشترك بين المجمع المقدس للكنيسة وبين ممثلي كل إيبارشيات الكنيسة في حضور ممثلين للمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وكان الانتخاب مـن بـين 4 مرشحين وتم يوم 4 مارس سنة 2004. وقــد اشترك فيه ممثلون عــن المجمـع المـقــــدس والإكليروس، وقد اشترك فيه أيضاً ممثلون عن آباء الأديرة.
وقد خدم أبونا أنطونيوس كقائمقام البطريرك بعد نياحة البطريرك الثاني للكنيسة الإريترية غبطة أبونا يعقوب في أول ديسمبر سنة 2003. وقد كان أبونا أنطونيوس يخدم كرئيس أساقفة المنطقة الوسطى لإريتريا (يُلقَّب الأسقف والمطران وبطريرك إريتريا بلقب: ”أبونا“). - وقد رُسم أول بطريرك للكنيسة الإريترية في مايو عام 1998 بعد استقلال إريتريا عن إثيوبيا، وهو غبطة أبونا فيلبس عن عمر يناهز السابعة والتسعين، وقد كان مُعتبراً من مواطنيه أول مدافع عن استقلال إريتريا. وبعد نياحته عام 2002 (عن عمر يناهز الثاني بعد المائة) وصفه المسئولون الحكوميون بأنه: ”أبو المقاومة ضد السيطرة الإثيوبية“، كما كان معتبراً أنه ”الأب الروحي للأمة الإريترية قبل استقلالها“، وقد كان يحظى باحترام شديد بسبب نقده للإحتلال الإيطالي ثم البريطاني لإثيوبيا (وكانت إريتريا جزءًا منها)، ثم للسيطرة الإثيوبية. وحينما اختير أبونا فيلبس كان راهباً في أحد أديرة إريتريا الكثيرة، وكان متنسِّكاً عفيف النفس والجسد. وقد تنيح لأسباب طبيعية وليست صحية، بعد مرض قصير أصابه في سبتمبر 2002. - وبعد نياحته بشهور قليلة أُقيم البطريرك الثاني لإريتريا، وهو أبونا يعقوب وكان عمره 77 عاماً. وكان ذلك يوم 4 ديسمبر سنة 2002. غير أنه لم يُكمِل سنتين، إذ تنيح بعد 15 شهراً إثر مرض ألمَّ به. وكان ذلك يوم 1 ديسمبر سنة 2003 عن 79 عاماً. وقد خدم أبونا يعقوب الكنيسة لعدة سنوات. فقد خدم كشماس، ثم كراهب، ثم قبل استقلال إريتريا سيم رئيس أساقفة لشمال جوندار بإثيوبيا. ثم أُقيم بطريركاً للكنيسة الإريترية بعد شهرين من نياحة سلفه أبونا فيلبس. u u u الكنيستان الإثيوبية والإريترية صلَّيا وعملا من أجل السلام بين الدولتين: لقد عمل قادة الكنيسة الإريترية من أجل السلام. فالبطريرك أبونا فيلبس بالرغم من انتقاده للسيطرة الإثيوبية قبل رسامته كان يُشجِّع - وهو بطريرك - على المصالحة بين الدولتين المتحاربتين، وهو نفس الاتجاه الذي اتخذه خلفه (المتنيح فيما بعد) أبونا يعقوب. وقد اشترك قادة الكنيستين الإثيوبية والإريترية معاً ليُمهِّدوا السبيل لمحادثات ثنائية ولتشجيع إنهاء الحرب على الحدود بين الدولتين التي بدأت عام 1997. وفي يوليو عام 2000، التقى قادة الكنيسة الإريترية ورفقاؤهم من رجال الأديان الأخرى، مع نظرائهم الإثيوبيين للمرة الرابعة في مجهود مشترك من رجال الأديان ليفضُّوا هذا الاشتباك الذي خلَّف عشرات الآلاف من القتلى. وبعد 5 أشهر، اتفقت الدولتان على وقف إطلاق النار. - وهكذا ظهرت الكنيستان الإثيوبية والإريترية كعامل من أجل السلام بين الدولتين في ولاء كامل للمحبة والسلام والتعاون. وهو مثل يُحتذى في عالمنا المعاصر حيث يُستغل الدين والمؤسسات الدينية لخدمة الحرب بين الدول المتحاربة. الكنيسة في إريتريا: يبلغ تعداد سكان إريتريا 3.8 مليون نسمة موزَّعين بالتساوي تقريباً بين المسيحيين والمسلمين (غير الوثنيين). غير أن الأغلبية المطلقة هي للمسيحيين (1.4 مليون) ومعظمهم يتبعون الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية.
جموع الشعب الإريتري يصلُّون قدَّاس الأحد في كاتدرائية القديسة مريم
بأسمرة. وفي تقرير لقسم الدول في الولايات المتحدة الأمريكية عن الحرية الدينية في إريتريا، كُتب: إن ”قادة الكنيسة من كل الطوائف وعلى الأخص رؤساء الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية والطوائف الإسلامية والبروتستانتية يجتمعون دورياً وروتينياً ليتعاونوا في المجهودات القائمة لتحقيق التعاون والفهم المشترك بين الأديان“. - وفي إريتريا 1500 كنيسة و15000 كاهن. وتعمل الكنيسة الإريترية من خلال هذه الكنائس وبمجهود هؤلاء الكهنة على تقوية دورها في تشكيل مجرى الحياة اليومية للمجتمع الإريتري. - غير أن الكنيسة الإريترية يعوزها المال مما يُعطِّل قدرتها على خدمة أعضائها وممارسة دورها في الحفاظ على التراث المسيحي القديم لدولة إريتريا. ويقول أبا تكلا: ”بينما يتبع الكنيسة مؤمنون كثيرون، إلاَّ أنها لا تملك مالاً كثيراً“. وتنقسم إيبارشيات إريتريا إلى 200 دائرة رعوية، يعتمد فيها الكهنة على استخدام وسائل المواصلات العادية (الأتوبيسات) ليفتقدوا رعيتهم. وكثيراً ما يواجهون مشاكل مالية ليُكملوا أنشطتهم.
وقد كانت الكنيسة تعتمد تـاريخياً على تملُّكها لأراضي الأوقاف كمصدر رئيسي لإيراداتها، لكــن قــرار الحكومة الإثيوبية عام 1975 (أيام الحكم الشمولي) بتـأميم هــذه الأراضي، أجبر الكنيسة على الاعتماد على عطايا أعضائها في دولة تُعتبر من أفقر الدول في العالم. - لكن اليوم يُختار الأساقفة والكهنة بينما تُدفع مرتباتهم من الدولة، بالرغم من قلة الموارد المالية لدى الحكومة، لذلك تظل الكنيسة في حالة من العوز المادي. يقول أبونا يؤانس أسقف آنسيبا: ”الكنيسة لا تُقابل مشكلة حينما نطلب من أعضائها تبرُّعات لبناء كنيسة، لكن الشعب لا يتجاوب حينما نطلب منهم مالاً لأعمال إدارية أو لقاعات دراسية“. الاستعداد للمستقبل: وهناك بوادر للتحديث تبدو في الأفق، فيقول أبونا ديمتريوس: ”لقد بدأنا في تثقيف الكهنة العاملين فعلاً في الخدمة بدورات دراسية لمدة 3 أشهر مرتين في العام، وبهذا التثقيف يمكن أن نصل إلى مفهوم كافٍ عن الإدارة الكنسية“. ولسكرتارية الكنيسة خطط طموحة لبناء أول معهد لاهوتي أرثوذكسي في أسمرة، ويقول أبونا ديمتريوس بهذا الصدد: ”العائق الوحيد هو دائماً اللغة بسبب نقص التعليم المناسب. إن مهاراتنا في الاتصالات ليست جيدة لكنها تتقدَّم بسرعة“. وبتحسين قدرة وكفاءة الكهنة، فإن الكنيسة الإريترية تأمل في أن تزيد وتتحسن الخدمات التي تؤدَّى للمؤمنين، بالإضافة إلى اكتمال دور الكنيسة الرائد في مستقبل هذه الدولة الوليدة.
دير ”دبرا بيزن“ وهو مبني على قمة منحدر ضيق ارتفاعه 2700 قدم وبتوفير خدَّام أكفاء، فإن الأديرة مثل دير ”دبرا بيزن“ قد خدم من قبل قضية الاستقلال. وهذه المراكز القديمة للعلم والتقوى، أصبحت الآن محطاً للأنظار للاشتراك مع باقي المؤسسات في بناء دولة جديرة بالماضي المسيحي الفريد لإريتريا، وبالحاضر والمستقبل الذي يتميز بتعدُّد الأديان. هذه هي إريتريا التي سيقود مسيحييها غبطة أبونا البطريرك الثالث أنطونيوس. عن مجلة: ”CNEWA World, Jan.-Feb. 2004“ (وموقع الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية) |