لقد وُلد الأب متى المسكين ونما في الإسكندرية، حيث صار صيدلانياً ناجحاً قبل أن يصير راهباً عام 1948. وقد انغمس بالتمام في قراءة كتابات الآباء النسَّاك الأوائل، ثم بدأ يكتب بغزارة في الحياة الروحية، مقتبساً من آباء الكنيسة، وعلى الأخص من مار إسحق أسقف نينوى. ففي عام 1952، ظهر مُجلَّده: ”حياة الصلاة الأرثوذكسية“ في طبعته الأولى. ثم أزاد عليه فيما بعد وأعاد طبعه عام 1968، حيث صدرت من هذه الطبعة المزيدة عدة طبعات (الطبعة الخامسة عام 1987، وقت كتابة هذا البحث سنة 1997).

وفي عام 1960، رفض الأب متى المسكين أن ينخرط في أي دير مُفضِّلاً أن يعيش مع تلاميذه حياة نسَّاك متوحِّدين في صحراء وادي الريان. وهناك أسَّسوا حياة نسكية بحسب تقليد الحركة الرهبانية الأولى، واستمر يدرس هناك كتابات الآباء. وقد استمر الأب متى المسكين في كتاباته بالتعاون مع بيت التكريس لخدمة الكرازة بحلوان (منذ عام 1959).

وفي عام 1969، طُلِبَ منه أن يضطلع مع تلاميذه بتجديد دير القديس مقاريوس الذي كان مُهدَّماً تقريباً. وقد اتسع دير القديس أنبا مقار تحت قيادة الأب متى المسكين وتجدَّد تماماً، وسرعان ما اجتذب العديد من الشباب ليصيروا رهباناً.

بعد استقرار الأب متى المسكين تنامى بسرعة إنتاجه اللاهوتي. فبجانب كتابه ”حياة الصلاة الأرثوذكسية“ الذي صار الآن مأثوراً خالداً Classic، تعدَّدت مُجلَّداته الكبيرة الأخرى: ”الرهبنة القبطية في عصر القديس أنبا مقار“ (1972)، ”الإفخارستيا والقداس“ (1977)، ”القديس أثناسيوس الرسولي“ (1981)، ”المدخل لشرح إنجيل القديس يوحنا“ (1989)، ”شرح إنجيل القديس يوحنا“ في مجلَّدين (1990)، ”القديس بولس الرسول“ (1992)، ”شرح رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومية“ (1992).

* وعلى عكس الكتابات اللاهوتية القبطية التي صدرت مُبكِّراً جداً عن ذلك الوقت، أتت هذه الكتب المُشار إليها مؤسَّسة على دراسات راسخة للكتابات الآبائية، وأظهرت معرفة متنامية للدراسات والأبحاث التدقيقية العلمية في الغرب لهذه المجالات التي دارت حولها هذه الكتب المُشار إليها. ومن بين دراساته العلمية ذات الأهمية، إصداره الطبعة العربية لرسائل القديس أنطونيوس(22)، بجانب إسهاماته في علم اللاهوت الإكليزيولوجي والمسكوني(23).

ومن بين الكتابات الأصغر حجماً، سلسلة من الكتب تشرح الأعياد الكبرى في الكنيسة: ”أعياد الظهور الإلهي“، ويحوي في كتاب واحد مقالات عن: ”عيد البشارة، عيد الميلاد، عيد الختان، عيد الهروب إلى مصر، عيد الغطاس، عيد عُرس قانا الجليل“ (1980)؛ وكتاب ”الصوم الأربعيني المقدس“ (1970، طبعة مزيدة في 1976)؛ ”مع المسيح في آلامه حتى الصليب“ (1961، طبعات مزيدة في 1965، 1976، 1981)؛ ”القيامة والصعود“ (1982)، ”الروح القدس الرب المُحيي“ (1981). وهناك كتيبات صغيرة تتناول أُسس الأخلاق المسيحية، والتقليد في الكنيسة، آباء الكنيسة، وموضوعات لاهوتية، وعن الكنيسة والمجتمع(24). وبالإضافة إلى ذلك، كَتَبَ الأب متى المسكين مقالات متعددة في مجلة مرقس التي يُصدرها الدير، رسالة الفكر المسيحي للشباب والخُدَّام، التي تصدر في 10 أعداد في السنة وذلك منذ عام 1970. وقد تمَّت ترجمة بعض الكتب الأصغر حجماً ونُشرت في مجلد واحد بالإنجليزية(25)، وغيرها من المقالات نُشرت بالإنجليزية في هيئة كتيبات صغيرة، بالإضافة إلى ”مقدمة في إنجيل القديس يوحنا“ والتي نُشرت ترجمة له بالإنجليزية في مجلة مرقس.

(22) ”رسائل القديس أنطونيوس“، دير القديس أنبا مقار، 1979. انظر

Samuel Rubenson, The Letters of St. Antony. Origenist Theology, Monastic Tradition and the Making of a Saint. Lund: 1990, 20f.

(23) ”الكنيسة الخالدة“ (1960، 1974، 1984)، ”الوحدة المسيحية“ (1965، 1978)، (الترجمة الإنجليزية لمقال: ”مسيح واحد، كنيسة واحدة جامعة“، 1980، ”الوحدة المسيحية“، 1982)، ”الوحدة الحقيقية ستكون إلهاماً للعالم“ (1988) (وترجمتها بالإنجليزية، 1988). وبالرغم من أن الأب متى المسكين ينقد العمل المسكوني الرسمي، إلاَّ أنه جعل من الدير مركزاً للتلاقي المسكوني، وفي كتابه الأخير ?”الوحدة الحقيقية“ أظهر أساساً إيجابياً للحوار المسكوني.

(24) بالرغم من كونه ناسكاً في الصحراء، إلاَّ أن الأب متى المسكين لم يمتنع عن مناقشة بعض القضايا السياسية. وفي مقالات عديدة أيـَّد الرئيس السادات، وحرب أكتوبر، ورحلة السادات إلى أورشليم القدس؛ وكذلك أيـَّد الرئيس مبارك. وفي كتاب صغير يُعطي رأيه في الإشتراكية، والطائفية والتعصُّب الديني: ”مقالات بين السياسة والدين“، (1977، 1980).

(25) Matthew the Poor, The Communion of Love, Crestwood: St. Vladimir's Press, 1984.