بمناسبة مرور 50 عام علي نياحة طيب الذكر مثلث الرحمات نيافة الانبا اندراوس أسقف دمياط وكفر الشيخ و دير الشهيدة دميانة بالبراري، نود أن نذكر رجل الله هذا.
ولد في 10 أبريل سنة 1930، ترهبن في 10 مارس سنة 1955، سيم أسقفًا في 21 ديسمبر 1969، تنيح في 4 أغسطس 1972.
في ظهر يوم الجمعة 4 أغسطس 1972 (28 أبيب 1688) انطلقت نفس تقية محبة للمسيح من عالمنا الأرضي لتستريح في حضن عريسها الحبيب الذي طالما كانت تئن وتتوق وهي في الجسد أن تراه بالعيان وتملأ عينيها من رؤيته.
وفي ظهر اليوم التالى، السبت 5 أغسطس 1972 (29 أبيب 1688)، وهو ذات اليوم الذي يوافق عيد نقل رفات القديس أندراوس الرسول، رن صوت قداسة البابا شنودة الثالث وهو يصلي على نفس نيافة الأنبا أندراوس أسقف دمياط وكفر الشيخ ودير القديسة دميانة بصوت يجهش بالبكاء قائلاً لهذه النفس الطيبة الطاهرة : امض بسلام… ولم يكمل قداسة البابا الكلمة بل لم يتمكن من ضبط عواطفه وهو ينطقها فأجهش بالبكاء، وأجهش ألاف الحاضرين معه في كنيسة الشهيدة دميانة ببراري بلقاس بالبكاء والنحيب حزنا وتأثرًا على رحيل أسقفهم الوديع المحب للمسيح، الذي اختطف فجأة من وسطهم وهو في أتم صحة بعد أعراض مفاجئة لم تتمهل إلا ساعات فاضت بعدها روحه الطاهرة إلى موضع راحتها ومكان استقرارها الأمين.
1- مرحلة الشباب
لقد ولد نبيه لطفي بشارع سمعان بجزيرة بدران (شبرا) في يوم 10 أبريل 1930 وكان الثالث من أشقائه.
وأخذ يتدرج في دراسته بنجاح وتفوق وفي حياته الروحية في صلوات وأصوام وقراءة الكتاب المقدس حتى قضى طفولته وصبوته في سلام.
في عام 1948 تم تكريس الكنيسة الجديدة في دمنهور على اسم القديس مارجرجس. وفي يوم التدشين قام نيافة الأنبا توماس (المتنيح عام 1956) برسامة نبيه لطفي شماسًا بدرجة (قارئ) أو أناغنوستيس. وفي تلك الآونة كانت مدارس الأحد قد بدأت تحس بواجبها تجاه القرى والنجوع المنتشرة حول المدن أو بعيدًا عنها، فأخذ الشباب الجامعي على عاتقه أن يفتقد القرى ويوصل لها كلمة الخلاص. وكان نبيه لطفي في فترات الإجازة الصيفية من المدرسة يسافر إلى القرى ويقدم بشارة الإنجيل لأهلها ثم يعود إلى بيته في نهاية اليوم فرحا متهللاً بعمل الله الذي أتمه في هذا إلىوم.
وعند حصوله على شهادة التوجيهية بدأت الميول المباركة للتكريس لخدمة الله تتحرك في قلبه الوديع فأبدى لوالده رغبة للالتحاق بالكلية الإكليريكية بالقاهرة، ولكن والده رأى أن يكون مع شقيقيه الأكبرين اللذين يدرسان بالجامعة ليلتحق بكلية الهندسة ليتخرج مهندسًا. فوافق بعد إلحاح شديد. والتحق فعلاً بكلية الهندسة بالإسكندرية عام 1946 وأتم دراسته بها وتخرج في يوليو سنة 1952. وفي تلك الأثناء كان قدس الأب القمص متى المسكين وكيلاً لبطريركية الإسكندرية وكان قد افتتح كلية إكليريكية للدراسة المسائية، فالتحق بها في أول افتتاحها وحاز دبلومها بامتياز.
وفي مدة دراسته بالإسكندرية أي من 1946 – 1955 كان دائم الاتصال بالجمعيات ومدارس الأحد والكنائس يخدم إلهه الذي أحبه من كل قلبه والذي كان يشتاق يوما فيومًا إلى أن يكرس حياته بالتمام وطول أيام حياته.
2 – خدمته في الإسكندرية
أما خدمته في الإسكندرية فكانت تتميز باتجاهه نحو أقرانه الشباب الجامعي وفي المناطق المحرومة من الخدمة. وهكذا ساهم نبيه لطفي عام 1948 في أول اجتماع شباب جامعي أقيم بالإسكندرية، وكان ذلك بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك.
وبعد أن نهض الاجتماع في هذه الكنيسة توجه نظره نحو أهم منطقة للخدمة في الإسكندرية – والتي مازالت تتعثر حتي الآن – وهي منطقة غيط العنب، حيث يتكدس فيها المسيحيون ومعظمهم من الفقراء والطبقات العاملة والتي تكثر فيها الطوائف الغريبة عن الكنيسة بصورة لا مثيل لها، كما تكثر بها الجمعيات ومعها كانت تكثر المشاكل بصورة تجعل الخدمة شبه مستحيلة. ولكنه بهدوئه وصمته وصبره ومحبته غزا هذا الحقل المغلق وخدم به خدمة مقدسة وصار أمينًا لخدمة مدارس الأحد بهذا الحي يحمل على عاتقه هم الخدمة ويشارك المخدومين آلامهم ومشاكلهم وحاجتهم وفقرهم.
3 – الرغبة في التكريس
وبعد تخرجه من كلية الهندسة التحق بالعمل ببلدته الإسكندرية وأدى أعماله فيها بإتقان ونجاح. ومازالت نافورة المياه القائمة في ميدان الرمل بالإسكندرية شاهدة على كفاءته إذ نال على تصميمها وتنفيذها مكافأة خاصة قدرها 300 جنيهًا.
وفي ذلك الوقت كان الأب وكيل البطريركية بالإسكندرية القمص متى المسكين قد شرع في إقامة ثلاثة قسوس لكنائس الإسكندرية. ومن الإسكندرية أرسل نبيه لطفي إلى والده في دمنهور خطابًا برغبته في الاندماج في سلك خدمة الرب وباشتياقه في أن يكون أحد هؤلاء الثلاثة؛ ولكن والده أشار عليه مرة أخرى بالبقاء في وظيفته إلى أن يتخرج أخوه من كلية الطب، ثم بعد ذلك يختط لنفسة الطريق الذي يرغبه.
في بداية الخمسينات كانت هناك نهضة روحية جارفة قد بدأت تضطرم في أوساط الشباب القبطي المثقف. وكان كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية قد صدر عام 1952 فألهب القلوب لحياة التعبد والتأمل سيرا على نهج آباء البرية القديسين. وبدأ الشباب يفدون الواحد تلو الآخر على دير السريان يطلبون الرهبنة طلباً للوحدة والتأمل. وكان نبيه لطفي واحدًا منهم. ففي يوم 10 مارس سنة 1955 ترك العالم وانطلق إلى دير السريان. وسافر وراءه والده لإقناعه بتأجيل الاندماج في سلك الرهبنة إلى أن يتمم أخوه دراسته في كلية الطب. ولكن نبيه لطفي في هذه المرة لم يتراجع. وقرر لوالده أنه سعيد جدا بدخوله الدير وأن الأب إنما يحب سعادة أولاده. وقال له نبيه إنه رأى حلمًا مباركًا لا شك أنه بمثابة تأكيد وتثبيت لصدق الدعوة التي أحس بها للرهبنة.
4 – حلم العصفور الجميل
لقد رأى نبيه حلمًا بأن والده يمسك بيده عصفورًا صغيرًا جميل المنظر وكان هو ووالده واقفين معًا بجوار المذبح داخل الكنيسة ثم وضع والده العصفور على المذبح وتركه وانصرف. وفكر والده في هذا الحلم وقرر أن ابنه هو هذا العصفور وأنه لابد أن يخدم المذبح. وأمام إصرار ابنه أيضًا وافق، وكتب ما يفيد ذلك في دفتر الزيارات بالدير.
5 – الراهب موسى
ورسم نبيه لطفي بدير السريان راهبًا على برية القديس مكاريوس الكبير باسم “موسى”، في فجر سبت النور عام 1955 وفي سبتمبر من نفس العام رسم قسًا رغمًا عنه وبحيلة فلم يكن مقتنعًا بدخول الرتب الكهنوتية في صفوف الرهبان.
ويقول قداسة البابا شنودة الثالث في خطابه الذي ألقاه يوم الاحتفال بتشييع رفات الأنبا أندراوس أنه كان راهبًا وديعًا محبًا طاهر القلب حتى أن رفقاءه الرهبان اتفقوا على تسميته آنذاك “موسى البسيط”.
6 – في دير الأنبا صموئيل
وفي صباح الإثنين 30 يوليو 1956 انتقل القس موسى مع رفقاءه الرهبان إلى دير الأنبا صموئيل بصحراء الفيوم طلبًا للهدوء والخلوة الكاملة وعاشوا هناك زهاء الثلاث سنوات حيث جددوا الدير وعمروه وبنوا فيه مجموعة متراصة من القلالي الحديثة المناسبة لسكن الرهبان، مازالت قائمة إلى الآن.
وقد كتب الكثيرون (حتى من الذين هم من خارج) عن تلك الحياة التي عاشها الراهب موسى القس في هذا الدير. وقد أفرد عالم مستشرق اسمه دكتور “أوتو ميناردوس” في كتابه عن الرهبان والأديرة بالصحاري المصرية فصلاً كبيرًا عن رهبان هذا الدير قال فيه بعد أن سرد تاريخ وحياة أب هؤلاء الرهبان القمص متى المسكين:
إن الحركة النسكية في دير أنبا صموئيل تمثل تطورًا هامًّا داخل الكنيسة القبطية، وتأثيرها كان وسيظل بعيد المدى، فإن رهبان عديدين في دير الأنبا صموئيل تدربوا واختبروا الحياة التوحدية في مغائر الأنبا صرابامون وغيرها. والخدمات الكنسية في دير أنبا صموئيل تجري في الكنيسة الجديدة التي على اسم الأنبا صموئيل. ويقرع جرس الكنيسة الساعة الرابعة صباحًا داعيًا الرهبان لصلوات الساعات القانونية ورفع بخور باكر. وتبدأ الليتورجية المقدسة حوالي الساعة السابعة. أما صلوات الغروب والمساء ورفع بخور عشية فهي تمارس أيضاً في الكنيسة الجديدة حوالي الساعة الخامسة.
لقد كان لي الشرف أن أحضر الليتورجية المقدسة في دير أنبا صموئيل وكان يقوم بها “أبونا موسى”، وهو راهب شاب يبلغ من العمر 28 عامًا. وأن المستمع، حتى ولو كان غير مكترث، إلا أنه يختبر إحساسًا بالوجود في عالم آخر بينما راهب البرية الشاب هذا يحتفل بالأسرار الإلهية الليتوجية بهذا الأسلوب الملائكي.إن شركة الحياة في دير الأنبا صموئيل تتميز بالحياة المشتركة إلى أقصى حد. فبالرغم من أن الرهبان يأكلون عادة في قلاليهم إلا أنهم يتقابلون كل سبت في أكلة مشتركة تعد في مائدة بالقصر إلى أن يكتمل بناء المائدة الجديدة. ويعيش الرهبان في اتضاع شديد مع احساسا كبير بالروحانية.
7 – سمات شخصية الراهب موسى
يتحدث أحد رفاق الراهب القس موسى من الرهبان عن سمات شخصيته الرهبانية في ثلاث نقط:
1- كان بسيطًا في شخصيته، ليس بالمعنى الذي يظنه عامة الناس عن البساطة أنها “سذاجة”، لكنها بساطة القلب المحب الوديع الذي لا يحزن أحدا ولا يحزن من أحد. لذلك لم يكن يتحرج “القس” موسى أن يقوم بأدنى الأعمال وأحقرها في المجمع. فلم يكن يحسب أن درجة القسوسية تعني ألا يخدم الجميع.
2- لم يستطع العالم بشروره ورذائله أن يترك بصماته على شخصية أبونا موسى. فكثيرا ما يتعقد الإنسان من مواقف متعبة قابلها سابقا في العالم فيتصرف في المواقف الجديدة بما تركته المواقف السابقة فيه. أما أبونا موسى فلم يكن هكذا كانت نفسيته كمثل انسياب رمال الصحراء وصفاء مياه الينابيع المتدفقة.
3- لم يكن يجازي أحدا عن شر بشر مهما كان المسئ إليه علمانيًا أم غير علماني صغيرًا أم كبيرًا. كان يقبل في نفسه كل إساءة ولم يكن يظهر أي تضجر ولا حتى على سيماء وجهه. وقد تكلم قداسة البابا شنودة الثالث في كلمته يوم تشييع الجنازة كثيرًا عن فضائل المتنيح، عن لطفه ووداعته وحنانه وكيف أنه في دير الأنبا صموئيل حيث لم يكن مكان يكفي لمبيت الرهبان أشرك غبطته معه في القلاية فعاشا سويا فترة من الزمن.
8 – متوحد في مغائر وادي الريان
وفي 11 أغسطس سنة 1960 غادر “الراهب موسى” مع رفقائه الرهبان دير الأنبا صموئيل، حيث عاشوا في مغائر وادي الريان في صحراء الفيوم التي حفروها بأيديهم وسكنوا داخلها حياة انفرادية توحدية على درجة كبيرة من النسك أعادوا بها رهبنة القرون الأولى التوحدية العالية مرة أخرى.
ومرة أخرى يصف لنا العالم المستشرق دكتور أوتو ميناردوس كيف عاش الراهب موسى في هذه القفار البعيدة، وقد طار في يوم 26 يناير سنة 1966 بطائرة خاصة ونزل أمام هذه المغائر وعاش معهم طول هذا اليوم وسمع ورأى بعينيه كل شئ وكتب بحثا طويلا نشر في مجلة علمية ثم في كتاب خاص. ومن بين ما قاله:
إن الحياة التوحدية في القرن العشرين ظاهرة نادرة الحدوث، سواء في الشرق أو في الغرب. أما في مصر فقد أحييت هذه الحياة التوحدية في الخمسينات حينما غادر عدة رهبان من دير السريان في وادي النطرون ديرهم تابعين مثال أبونا عبد المسيح الحبشي، واستقروا حول تل صرابامون ووادي الفرج. وفيما عدا ذلك فإن الحياة التوحدية اختفت من مصر، باستثناء نساك وادي الريان. وجميع الرهبان (في وادي الريان) يشعرون بروح الفرح الأصيل والرضا بكونهم نساكا . ويتبع الرهبان في وادي الريان بصرامة النمط التوحدي للحياة النسكية كما ظهرت لدى آباء البرية المصريين في القرن الرابع إلى القرن السادس، وكما قال أبونا متي المسكين، فإن القديس مقاريوس الإسقيطي معتبرا أنه نموذجهم. وعادة يبقى النساك في مغائرهم أثناء الأسبوع إلا في مساء السبت ويوم الأحد حيث يلتئمون معا للاجتماع الأسبوعي في مغارة الكنيسة التي على اسم الملاك ميخائيل. وفي الحقيقة فإن الاجتماع الأسبوعي الذي كان في القرن الخامس والقرن السادس جانبا أساسيا للحياة الرهبانية في نتريا والقلالي والإسقيط هو معتبر أيضًا جانبًا أساسيًّا في وادي الريان. وفي الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم السبت يجتمع الرهبان في مغارة الكنيسة لأداء صلوات الساعات الذي يتبع برفع بخور عشية . وبعد ذلك يعودون مباشرة إلى مغائرهم . وفي صباح الأحد . وفي تمام الساعة الخامسة صباحا (في الصيف) والساعة السادسة (في الشتاء) يجتمعون ثانية في مغارة الكنيسة لأداء صلوات الساعات ورفع بخور باكر واحتفال الليتوجية الإلهية. وعادة فإن الذي يحتفل بالليتوجية الإلهيه أبونا موسى.
وبعد احتفال الليتوجية الإلهية يشترك النساك في وجبة مشتركة يأكلونها في صحن (صالة) مغارة الكنيسة. والحقيقة أنه كمثل أيا القديم فإن الاجتماع الأسبوعي الذي يلتئم في صحن مغارة الكنيسة يوحي بالسمة الروحية للاجتماع والطبيعة شبه السرائرية للوجبة، والتي كانت معروفة في وقت ما باسم “وليمة الأغابي” . وقد وصل نساك وادي الريان إلى درجة عالية من التقوى الشخصية، وكذلك العبادة الإنفرادية. وفي الحقيقة، فإنه من الواضح أن النساك يبقون في مغائرهم لئلا تشتتهم مناظر العالم وأصواته العادية عن تتبعهم الدائم “للحياة الملائكية” . إن نساك وادي الريان جادون في محاولتهم التمثل بالحياة التوحدية في القرنين الرابع والخامس بالصحاري المصرية، التي يعتبرونها بؤرة “العصر الذهبي” للكنيسة المسيحية.
وفي وادي الريان، كل النساك كانوا من أصحاب المهن، وهذا يعني أن ذبيحتهم كانت تتضمن تسليم شهادتهم الجامعية لله.
9 – اللافتة الخالدة
هذه لمحات عن الحياة التي عاشها “الراهب موسى”. وما هو أروع من ذلك ما رأيناه في المغارة الخاصة به اذ نقش بخطة فوق مرقده الصخري داخل المغارة لافته مكتوب عليها:
هنا يرقد الحقير الراهب موسى القس
ترهبن في 10 مارس سنة 1955 م
ورقد في الرب ……………………
وترك تاريخ رقاده في الرب إلى أن يتم. لقد وضع في قلبه أن يعيش متوحدًا ناسكًا في هذه المغارة حتي الممات.
وقد عاش أبونا موسى في هذه المغارة زهاء عشر سنوات لم يقطعها سوى فترة قصيرة قضاها سكرتيرًا لقداسة البابا الراحل الأنبا كيرلس السادس في عام 1960 أبدى فيها أمانة نادرة وإخلاصا عميقا، وسافر مع قداسة البابا في رحلته إلى أثيوبيا وفي افتقاده للوجهين البحري والقبلي كسب فيها محبة الجميع في كل مكان. ثم استأذن بعد شهور قليلة من قداسة البابا أن يغادر القصر البطريركي مفضلًا أن يبقى مع إخوته الرهبان في مغائرهم وشقوق الأرض التي حفروها لأنفسهم حبًّا في ملكهم المسيح.
10 – وأخيرا في دير القديس أنبا مقار
وفي أوائل مايو 1969 دعا قداسة البابا كيرلس السادس هؤلاء النساك ومن بينهم “الراهب موسى القس” لينضموا إلى مجمع دير القديس العظيم أنبا مقار. وفي فجر الخميس 10 مايو 1969، وصل “الراهب موسى القس ” مع إخوته الرهبان وأبيهم الروحي من مغائرهم في وادي الريان، حيث توجهوا إلى الكنيسة المرقسية الكبرى وهناك تقابلوا مع قداسة البابا كيرلس فرحب بهم وتحادث معهم . ثم احتفلوا بعيد ميلاد القديسة العذراء مريم بارك فيه قداسة البابا الرهبان الذين حضروا ليقدموا لقداسته محبتهم وخضوعهم. وقد ثبت للرهبان المرسومين بدير السريان سابقا الشكل الرهباني على طقس القديس أنبا مقار. ثم توجهوا جميعهم إلى الدير الذي يرأسه نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ناظر ورئيس هذا الدير. وهناك في رحاب القديس أنبا مقار شفيع هذه الجماعة الرهبانية منذ القديم عاش أبونا موسى. وبدأ مع رفقائه الرهبان وببركة صاحب النيافة رئيس الدير في تعمير الدير وبناء قلالٍ جديدة به.
11 – الأسقف الأنبا أندراوس
وفي يوم 21 ديسمبر سنة 1969 دعاه قداسة البابا كيرلس السادس لرسامته أسقفًا على إيبارشية دمياط ودير الشهيدة دميانة. فوافق بعد إلحاح. وتقدم إلى المذبح محنيًا رأسه متقبلًا من أساقفة الكرازة المرقسية ومن الكنيسة الجامعة الملتئمة معًا موهبة الأسقفية المباركة، باسم ” الأنبا أندراوس “.
وحينما وصل إلى مقر إبروشيته قال من بين ما قاله في أول خطاب له كلمة لها معنى، وشكرا لله الذي أعانه على تحقيقها:
لقد كنت راهبا. وسأظل راهبا. وسأموت راهبا.