Search
Close this search box.

رائحة الحب

أتدري يا صديقي … أنه متى كانت لك حياة روحية حقيقية وقلب ممتلئ بالنعمة لا بد أن ينعكس ذلك على حياتك العملية فتظهر رائحة المسيح في كل تصرفاتك؟ هذا هو ما نود الحديث عنه في موضوعنا هذا في طريقك الروحي وهو ما يعكس نجاحك في الخطوات السابقة.

+ «وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةُ للهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ. لِهؤُلَاءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلأُولئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ. وَمَنْ هُوَ كُفْوءٌ لِهذِهِ الأُمُورِ؟ لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلَاصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ» (2كو 2: 14 – 17).

تظهر فينا رائحة المسيح من خلال خمس فضائل:

أولًا: المحبة

الإنسان المسيحي لا يعرف إلَّا المحبة، والعالم اليوم في أشد الحاجة إلى المحبة النقية الحقيقية، تلك المحبة التي يقدِّمها الإنسان المسيحي الحقيقي في معاملاته مع الجميع.

لذا على الإنسان المسيحي أن يراجع نفسه دائمًا ويسأل نفسه: هل يوجد في قلبه فكر كراهية من جهة أي أحد؟ وما هو مقياس المحبة تجاه كل مَنْ هم حوله؟ والقديس أغسطينوس له هذا القول الجميل: ”أحبَّ الكل فيكون لك الكل ومَنْ يعرف الحب يفهم الحياة“.

ثانيًا: السلام

وتُسمَّى صناعة السلام بالصناعة الصعبة … بل إنها أصعب صناعة يحتاجها العالم اليوم، فالعالم أضحى ممتلئًا بالتوتر في كل مكان وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط «وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلَامِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلَامَ» (يع 3: 18).

فهناك شخص بمجرَّد وجوده يكون سببًا في تهيُّج المشكلات بسبب كلامه غير الحكيم، ولكن نجد شخصًا آخر كلامه يريح الجميع بحكمته وتصرفاته التي تزرع السلام.

تعلَّم يا صديقي فن حل المشكلات بهدوء بل اجعل نفسَكَ دائمًا من صنَّاع السلام كما يقول الكتاب: «طُوبَى لِصَانِعِي السَّلَامِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ» (مت 5: 9).

ثالثًا: اليقظة

بمعنى التوبة في كل يوم فالإنسان المسيحي إنسان يقظ ومنتبه ومستعد … واليقظة أيضًا تعني السهر والاستعداد فمتى تسلَّل الكسل إلى حياتك الروحية عليك أن تتدارك نفسك سريعًا واعلم أن هذا الكسل هو حرب من الشيطان يجب الانتباه لها حتى لا تُفسِد الخطية حياتك بسبب هذا الكسل.

البُعد الداخلي لليقظة القلبية هو وجود مخافة الله في كيان الإنسان لأن في الأزمنة الحاضرة ومع انتشار التكنولوجيا بكل صورها المتسارعة وتعاظم القدرات الإنسانية وتعاظم الإنسان أمام نفسه … توارت مخافة الله في حياة الإنسان وصار يستبيح كلَّ شيء وصار كلُّ شيء رخيصًا وبلا قيمة حتى المقدَّسات وكأن التكنولوجيا واستخدامها يولِّد ويستنسخ ”يهوذا“ جديدًا كل صباح.

رابعًا: الحكمة

+ «إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلَا يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ» (يع 1: 5).

فالفضيلة لا تكون فضيلةً إلَّا بالحكمة، والحكمة تتجسَّد في حياة الإنسان بشكلٍ عملي … في حُسن التصرُّف أو في عرض موضوعٍ ما. أو في حل مشكلةٍ … إلخ.

ويُحكَى في التاريخ أن ملكًا في أحد العصور أقام حفلة كبيرة ودعا إليها جميع كبار رجال الدولة وكان من ضمن المدعوين البابا البطريرك، وفي نهاية الحفل كان كل فرد من رجال الدولة يقوم بتقبيل يد الملك اليمنى فيضع الملك فيه كيسًا من الذهب على سبيل الهدية.

فجاء دور البابا البطريرك فقبل صدر الملك فتعجب الملك وقال له: لماذا صنعت ذلك؟ فقال البابا لأنه يوجد لدينا آية في الإنجيل تقول: «قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الرَّبِّ» (أم 21: 1). وأنا قبَّلت يد الرب التي تحرس قلبك يا جلالة الملك. فارتاح الملك لهذا الكلام وأعطى البابا كيسين من الذهب، وهذه هي الحكمة. فقد كرز بالإنجيل وقدَّم محبة وتصرَّف بدبلوماسية.

الإنسان المسيحي الحقيقي عادةً ما يكون إنسانًا حكيمًا. لأنه يتعلَّم الحكمة من حياة ربنا يسوع المسيح. فعندما سألوا السيد المسيح عن الجزية وهل يجب دفعها أم لا؟! طلب أن يرى عُملة ونظر إلى وجهيها ثم قال في حكمة: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟ قَالُوا لَهُ: “لِقَيْصَرَ”. فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ» (مت 22: 20، 21).

وأيضًا في قصة المرأة السامرية (يو 4) تعامل السيد المسيح معها بمنتهى الحكمة وبدأ هو في الحديث معها وكان يشجِّعها في حديثها ببعض الكلمات المشجِّعة. مثل «حَسَنًا قُلْتِ» وبذلك قادها إلى التوبة والإيمان.

وفي مقابلة زكا تقابل السيد المسيح معه بمنتهى اللطف حتى أن زكا تغيَّر قلبه وتاب. وقال: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ» (لو 19: 8).

وفي قصة الابن الضال (لو 15) كان من الممكن أن أباه لا يقبل عودته ويطرده. ولكنه تعامل مع ابنه بحكمةٍ وأخذه في حضنه وقبله.

وهكذا يا عزيزي القارئ الإنسان المسيحي يظهر رائحة المسيح في حكمته في مواجهة المواقف المختلفة.

خامسًا: ينبوع التعزيات

الإنسان المسيحي هو ينبوع التعزيات فحضور المسيح حضور مُفرح، فعندما يأتي الإنسان المسيحي يأتي معه الفرح والبشاشة.

وهكذا حضور الإنسان المسيحي يعكس حضور الله بالفرح الذي يملأ قلبه.

وبذلك تكتمل هذه المنظومة الخماسية بالفرح الذي يجلبه الإنسان المسيحي في الوسط الذي يعيش فيه سواء بكلامه أو صمته، سواء بمواقفه أو تصرفاته.

وهذا يفسر لنا تكرار عبارة: ”هللويا“ في صلواتنا وتسابيحنا وألحاننا حيث التهليل لله لكي تنطبع النفس الداخلية بأصول الفرح والبهجة والتعزية وتتحوَّل إلى حياة الرضا والقناعة والشكر.

هذه الفضائل الخمس: المحبة، السلام، اليقظة، الحكمة، وينبوع التعزيات هي مظاهر حضور الله في حياتنا، وإذا أخذنا الحرف الأول في هذه الكلمات الخمس ستظهر كلمة ”مسيحي“.

قداسة البابا تواضروس الثاني

نُشر حديثًا

تبرع لمساندة أنشطة الدير ونشكر أي مساهمة منكم مهما كانت صغيرة.

ويمكنكم التبرع لمشروع إخوة الرب وهو مشروع لمعونة الأيتام والفقراء (مشروع الملاك ميخائيل) أسسه الأب متى المسكين ويعوله دير القديس أنبا مقار.

Donate to support the Monastery’s activities or for the “Archangel Michael Coptic Care” program which helps orphans and needy people in Egypt.
FOR US CITIZENS
“Archangel Michael Coptic Care” has been registered in the USA to serve and help the poor of Egypt in a significant way. Our Tax ID # is: 43-1957120. Your contribution is all TAX DEDUCTIBLE. You will receive a yearly report of your contribution for your tax record. Please write the check to: Archangel Michael Coptic Care. Mail your check to: P.O. Box # 1574, Centreville, VA 20122, USA or donate with credit card or Paypal.