(ولد في 15/10/1945م؛
تنيَّح في 3/3/2022م)
راهب مجاهد يتميَّز بالجدِّية والنظام والرجولة الروحية. خدم ديره بأمانة طيلة سبعة وأربعين عامًا. وهو قال لنا بنفسه أن أبانا متى المسكين سماه ”يوستينوس“ ”Justin“ من كلمة: ”Just“ لِما رآه فيه من انضباط ودقة والتزام منذ بداية حياته الرهبانية.
وقد انعكست هذه الطبيعة الملتزمة على حياته الروحية الداخلية؛ فصلواته وقراءاته الشخصية وتأملاته في الإنجيل هي في ميعاد يومي ثابت، لا يزور ولا يُزار، ويغلق فيها تليفونه… وبالتأكيد كانت هذه الأوقات الثمينة في يومه هي مصدر قوته ومحطة الشحن الروحية التي كانت تمدُّه بكل الطاقة، حتى يجاهد بعدها في حياته العملية في الدير.
ولأن أبانا يوستين هو أصلًا رجل حسابات (كان يعمل سابقًا محاسبًا في وزارة المالية- الخزانة سابقًا-)، لذلك كلَّفه أبونا متى ليكون هو المسؤول عن حسابات العمال، ولم يكن له في رهبنته سوى ثلاث سنوات، ثم عمل في تسويق منتجات الدير في الأسواق وشراء احتياجاته، فكان يسافر يوميًا للقاهرة صيفًا شتاءً، ويتعامل مع التجَّار، ليعود آخر النهار بدون أكْل ولا شُرب، ليُقدِّم تقريره للأب الروحي، ويذهب لقلايته ويُكمِّل قانونه، ويأخذ راحته ويُجهِّز لعمل اليوم التالي… وهكذا استمر سنوات طويلة يعمل بلا كلل أو تذمُّر.
وفي الحقيقة، كانت طاعته للأب متى كبيرة جدًا ومُعينة له في مشوار حياته، فكان يُنفِّذ بالحرف ما يطلبه منه.
كان أبونا يوستين شخصًا متجردًا تمامًا، فهو لا يطيق أي شيء زيادة لا يحتاجه في قلايته، فهو سريعًا ما يتصرف فيه، مع أنه ربما كان سيحتاجه مستقبلًا، ولكنه يقول: يكفي اليوم شره.
ولعل أبرز فضائل الأب يوستينوس، هو أنه لم يكن يُجيب أو يُبدي أي تعليق أو إدانة على المسؤول، ويرد على الشخص بأننا صغار، ولا نعرف كل المُلابسات…
أراد الرب في الفترة الأخيرة من حياته أن يُكلِّله، فسمح له بآلامٍ شديدة في الجسد، وشارك المسيح آلامه، وأخيرًا خلع الجسد الترابي ليلبس السماوي ويكون مع المسيح، ذاك أفضل جدًا.